هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية تقريرا لمراسلتها إيما غراهام هاريسون، تقارن فيه بين رد الدول الآسيوية على انتشار فيروس كورونا وما فعلته الدول الأوروبية، التي تميز موقفها بالتردد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المدة بين أول حالة ظهرت في إيطاليا وتايوان هي عشرة أيام بالضبط، لافتا إلى أن تايوان، التي لديها علاقات ثقافية واقتصادية عميقة مع الصين، سجلت في يوم الأحد 153 حالة وحالتي وفاة.
وتفيد هاريسون بأن حالات الإصابة في إيطاليا بلغت 47 ألف حالة و4,032 وفاة، مشيرة إلى أن الوباء في إيطاليا يعد الأكثر تدميرا في العالم اليوم، فتجاوزت الوفيات فيها حالات الوفاة في الصين، وقال المسؤولون الإيطاليون، يوم السبت، إن حالات الوفاة في منطقة لومباردي قفزت في اليوم الواحد من 546 حالة إلى 3095.
وتلفت الصحيفة إلى أن الانفجار المتسارع في الحالات جاء بعد أسابيع من تلكؤ الحكومة لمواجهة الأزمة الوشيكة، التي تكررت في الدول الغربية كلها، من إسبانيا إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.
وينوه التقرير إلى أن القادة اضطروا لاتخاذ إجراءات لم يكن أحد يتخيلها قبل أسابيع أو حتى أيام، من إغلاق تام للمدن، وعدم السماح لملايين الناس بالخروج إلى الشارع، مشيرا إلى أن هذا بدا واضحا من برلين إلى مدريد وسان فرانسيسكو، التي قرر قادتها ضخ مليارات من الدولارات لحماية المواطنين ومنع انهيار الاقتصاد.
وترى الكاتبة أنهم لو تحركوا قبل أسابيع لاستطاعوا تجنب هذه المأساة الإنسانية والكارثة الاقتصادية التي يواجهونها اليوم، لافتة إلى أنه في المقابل فإن تايوان وسنغافورة وهونغ كونغ تحركت سريعا مع اكتشاف أول حالات مؤكدة من الإصابة بفيروس كورونا وقبل أوروبا، ما أدى إلى تراجع الوفيات وحالات الإصابة.
وتذكر الصحيفة أن ما ساعد تايوان على الرد هو أن نائب الرئيس خبير في علم الأوبئة، فبدأ يتابع القادمين من ووهان منذ اللحظة الأولى التي حذرت فيها الصين من وجود فيروس رئوي في المدينة، في نهاية كانون الأول/ ديسمبر، وحتى قبل تحديد كوفيد-19، وبدأت الحكومة هناك برنامج "تباعد اجتماعي"، وزادت من عمليات الفحص.
ويستدرك التقرير بأن الحكومات الغربية لم تفعل في هذه الفترة سوى القليل، باستثناء تطوير قدرات الفحص، وقامرت على فكرة احتواء المرض في أماكن أخرى، كما حدث مع فيروس سارز في الفترة ما بين 2002-2003، وقبل فترة فيروس أيبولا وميرز.
وتنقل هاريسون عن الأستاذ في جامعة كولومبيا ومؤلف كتاب "علم نفس الأوبئة" ستيف تيلور، قوله "التحدي الذي واجهته الحكومات هو فيما إن كان عليها التحرك ضد التهديد الصحي، فلو تحركت بسرعة ولم يحدث انتشار للوباء كما توقعت، فإنها ستتعرض للانتقاد لأنها بالغت في الرد، ولو تبنت أسلوب المراقبة والانتظار فإنها ستتعرض للنقد لأنها لم ترد بسرعة".
وأضاف تيلور: "بالعودة إلى الوراء فربما كانت بريطانيا في وضع جيد لو تبنت الممارسات التي قامت بها تايوان، لكن لو لم يحدث وباء فعندها ستنتقد الحكومة للإفراط في الرد، إلا أن تايوان راهنت على فكرة أن كوفيد-19 سينتشر مثل النار في الهشيم وبسرعة فائقة".
وتفيد الصحيفة بأنه في دول أخرى سمح للفيروس بالانتشار، كما في كوريا الجنوبية، التي كانت أكبر دولة من ناحية الإصابات بعد الصين، واستطاعت تدجين الفيروس من خلال حملات قاسية وشديدة للفحص وملاحقة من أصيبوا بالمرض، وقد تم تحديد انتشاره بعد فترة قليلة، وتراجعت الحالات في الوقت الذي انتشر في أوروبا.
ويورد التقرير نقلا عن رئيسة شركة الأجندة الصحية الدولية العالمية، أشلي أرابسادي، قولها: "أعتقد أننا نستطيع التعلم من الأخطاء، وكانت كوريا الجنوبية أقوى مثال لو نظرنا إلى حجم الفحص الذي قامت به ومدى السرعة التي حشدت فيها"، وأضافت: "من الظلم نقد الحكومات التي لم تواجه أمرا كهذا منذ 100 عام، في الوقت الذي تملك فيه كوريا الجنوبية خبرة أفضل".
وتشير الكاتبة إلى أن هذه الخبرة تعود إلى تعاملها مع وباء فيروس ميرز في عام 2015، وقبل ذلك وباء سارز، الذي لم يصل إلى الغرب وتم احتواؤه مثل إيبولا في أفريقيا، ما قاد إلى تقاعس من القادة الأوروبيين.
وتنقل الصحيفة عن الصحافية العلمية التي ألفت كتاب "الفارس الشاحب: الإنفلونزا الإسبانية 1918 وكيف غيرت العالم" لورا سبيني، قولها: "كان بإمكاننا استخدام الوقت (في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير) بحكمة أكبر، وحتى نكون منصفين لكل شخص فإن الجميع كانوا يتعاملون مع شيء مجهول"، ولم تكن السلطات راغبة في خلق حالة من الفزع، لكن التوازن تحول "فلم يعد الخطر في إثارة الذعر، بل التقاعس وعدم تحرك الكثير من الحكومات".
ويلفت التقرير إلى أن القادة في أوروبا وأمريكا، الذين عاشوا فترة هدوء فيما بعد الحرب العالمية الثانية، وشنوا حروبا في الخارج، لم يكونوا راغبين في الاعتراف بالتهديد الحقيقي.
وتورد هاريسون نقلا عن تيلور، قوله: "الناس ليسوا جيدين في تقدير المخاطر، وهناك التعلل بالأماني والمبالغة في التقدير بما لديهم من مصادر، بالإضافة إلى عوامل أخرى قد تلقي بظلالها على أحكامنا حول المخاطر، وربما حدث هذا في ظل الوباء الحالي".
وتجد الصحيفة أنه من المهم في الوقت الحالي تطوير لقاح أو علاج لكوفيد -19، وعدم نسيان الدروس من الأزمات الحالية، مشيرة إلى وجوب استثمار الحكومات في الأنظمة الصحية، لتكون جاهزة عندما يصل الوباء القادم.
وتختم "أوبزيرفر" تقريرها بالإشارة إلى تعليق أربسادي، قائلة: "تشاهد حالة الفزع والرد الذي نحاول تبنيه، وعندما يتلاشى الفزع تحصل حالة من التقاعس، وغياب الفهم لهذه الأنواع من الفيروسات المستجدة بشكل منتظم، التي ستحصل بزيادة أكبر كلما أصبحنا أكثر ترابطا.. لهذا السبب هناك حاجة للاستثمار في الصحة والأنظمة الصحية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)