هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للزميل في مركز بروكنغز في الدوحة، رانج علاء الدين، يقول فيه إن التدخل التركي في سوريا توج باتفاقية وقف إطلاق نار بين أنقرة وموسكو، الداعم الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد، ما أعطى سكان إدلب استراحة كانوا بحاجة لها.
ويشير علاء الدين في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أربع سنوات فقط من تعهد الأسد استعادة الأراضي كلها التي خسرها لصالح الثوار، فإن النظام كان قريبا جدا من السيطرة على إدلب وقمع سكانها، الذين يبلغ عددهم تقريبا ثلاثة ملايين نسمة.
ويلفت الكاتب إلى أن سقوط إدلب كان سيزيد من أزمة اللاجئين الكارثية في تركيا، حيث استقبلت الحكومة ملايين السوريين الذين فروا من الصراع الذي دام تسع سنوات، إلا أنها تفتقر إلى البنية التحتية التي بإمكانها استيعاب موجة أخرى من السوريين.
منع سقوط إدلب
ويقول علاء الدين إن "الوقت فقط هو الذي سيظهر إن كان الاتفاق بين تركيا وروسيا سيستمر، لكن الاتفاق أوقف الصراع مؤقتا، ومنع سقوط إدلب في يد النظام، وهذا هو أهم أهداف تركيا".
ويفيد الكاتب بأن اتفاقية وقف إطلاق النار تخلق منطقة عازلة على طول طريق M4 الاستراتيجية، التي تمر عبر محافظة إدلب، والتي سيتم تسيير دوريات تركية روسية عليها، إلا أنها لا تنص على انسحاب القوات الحكومية السورية من المناطق التي استولت عليها حديثا.
ويجد علاء الدين أن "التدخل العسكري التركي أعاد لتركيا مصداقيتها وإمكانياتها بصفتها طرفا رئيسيا في ساحة الصراع، فكان النظام وروسيا وإيران يعتزمون تعزيز قوتهم في كل رقعة من الأراضي (السورية)".
ويرى الكاتب أنه "تم تعقيد ذلك كله من خلال التدخل، الذي يوفر الآن فرصة لتركيا وأمريكا لاستخدام الزخم الناتج عنه بتطوير استراتيجية طويلة الأمد تتضمن عنصر ضغط (وردع) بالأسلوب ذاته الذي قامت به كل من روسيا وإيران في دعم الأسد".
وينوه علاء الدين إلى أن "لكل من أنقرة وواشنطن مصالح مشتركة في سوريا: منع عودة النظام وإعادة سيطرته على البلد كله، ووقف النفوذ الإيراني عند حده، وتأخير تسوية ما بعد الحرب التي ستسمح بتدفق التمويل الخارجي لإعادة بناء سوريا، وستسمح بإعادة اندماج النظام في المجتمع الدولي".
ويستدرك الكاتب بأن "تركيا وأمريكا هما فقط بقوة تحالفهما في ساحة الصراع، فما تزالان لاعبتين صغيرتين على الأرض، وما تزالان مترددتين في مساواة المنافسين من حيث القوة البشرية والإمكانيات".
تضارب المصالح
ويؤكد علاء الدين أن "مقتل العلاقة الأمريكية التركية الضعيفة في سوريا هو صراع أنقرة مع حزب العمال الكردستاني، الذي حارب الدولة التركية على مدى عقود، والعلاقة الأمريكية مع وحدات حماية الشعب الكردية، القريبة من الحزب، في الحرب ضد تنظيم الدولة".
ويشير الكاتب إلى أن واشنطن وأنقرة افترقتا بشكل متزايد نتيجة لاعتماد أمريكا على وحدات حماية الشعب الكردية، وفشل واشنطن في تهدئة المخاوف التركية المتعلقة بالأمن القومي، لافتا إلى أن التوتر في العلاقة ازداد بعد أن اشترت تركيا صواريخ S-400 من روسيا (وهو القرار الذي يمكن الرجوع عنه في الأشهر القادمة).
ويرى علاء الدين أن التزام البلدين بمنع وقوع أزمة إنسانية في إدلب، ومصلحتهما المشتركة في سوريا والمنطقة، قد يوفران دافعا لحوار استراتيجي طويل الأمد، بهدف إيجاد إطار مستدام لإدارة الخلافات في المستقبل المباشر.
ويقول الكاتب إن "هذا الأمر يمكن أن يتضمن إنشاء طرق للبنى السياسية وبنى الحكم في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام، ويتضمن ذلك وحدات حماية الشعب بطرق مقبولة لتركيا، ولا تهمل التضحيات التي قدمتها وحدات حماية الشعب، التي خسرت عشرات آلاف المقاتلين في حربها ضد تنظيم الدولة".
ويجد علاء الدين أن "هذا سيكون صعبا ويواجه عراقيل محلية وخارجية في ساحة صراع مكتظة ومتقلبة، لكن حاليا يمكن لكل من أمريكا وتركيا أن تدركا بأن انفراجا يمكن أن يسمح بالتعايش البناء، خاصة بين تركيا ووحدات حماية الشعب".
الاستجابة الجماعية
ويبين الكاتب أن "هذا الأمر قد يمكن أن يؤدي في المحصلة إلى استجابة جماعية للأزمة في إدلب والصراع الأوسع، وفي ظل غياب مثل هذا الإطار ستبقى كل من تركيا وأمريكا تعانيان من القيود التي جعلت منافسيهما يمتلكون ميزة تنافسية (ميزة تترتب عليها تداعيات أمنية وإنسانية للبلدين)".
ويقول علاء الدين: "يجب أن يؤدي التدخل التركي على الأقل إلى إعادة تقييم لأدوات السياسة التي يمكن أن توظفها كل من أنقرة وواشنطن في سوريا، ويجب ألا يسمح لروسيا وإيران مع النظام بأن يستغلوا الشلل الذي ألحقته الدول الغربية بنفسها، الذي كان بسبب الحجة الخاطئة بأن التدخل في سوريا سيفجر بالضرورة حربا مع روسيا".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "يمكن التفاوض مع موسكو والضغط عليها إذا استخدمت القوة العسكرية، كما أظهر التدخل التركي، وهذا يجب أن يشكل الأساس لكيف يمكن للغرب أن يضغط بإمكانياته العسكرية الكبيرة في صراع قد يولد سلسلة من الفرص غير المتوقعة للغرب لتحقيق أهدافه بالتنسيق مع الحلفاء التقليديين مثل تركيا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)