هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في بادرة لوقف المشاحنات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا بين عدد
من الشخصيات العامة في الكويت وبين بعض النشطاء المصريين؛ دشّن مصريون مبادرة شعبية
لوقف تلك الأزمة.
الحملة التي لاقت تفاعلا في أوساط مسؤولين حكوميين، ووزراء وسفراء مصريين سابقين،
وأعضاء بمجلس النواب، ورجال أعمال، وفنانين ومخرجين ومثقفين وأكاديميين وصحفيين ونشطاء؛
استنكرت المشاحنات أيا كان مصدرها، معتبرة أنها ترمي إلى تفتيت النسيج العربي في وقت
هو الأصعب بتاريخ الأمة العربية.
وأكدت على ضرورة "تماسك كافة الدول العربية على أرضية التعاون الإنساني
والمصالح المشتركة في زمن التكتلات ضد الفوضى القائمة في المنطقة والتي تضر جميع الدول
بلا استثناء".
وجاء على رأس قائمة الموقعين وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، ونقيب
الممثلين أشرف زكي، والفنانة إلهام شاهين، والفنانة هالة صدقي، والمرشح الرئاسي السابق
خالد علي، والسفيرة مشيرة خطاب، والسفير هاني شاش، ونقيب الصحفيين السابق يحيى قلاش.
"كورونا تفجر الأزمة"
وفي ظل انتشار الجائحة العالمية بمصر والكويت، ثار جدل حول أوضاع العمالة المصرية
هناك، وتزايدت المطالبات بترحيل المخالفين منها، وعدم استقدام مَن غادروا إلى مصر إلا
بعد انتهاء الأزمة.
ودائما ما تثير النائبة الكويتية صفاء الهاشم، الجدل بتصريحات يعتبرها مصريون
مسيئة للعمالة المصرية في الكويت، وهو الأمر الذي دائما ما يُحدث ردود فعل غاضبة من
مصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لم يقف الأمر على الهاشم، بل تعداه إلى الصحفي مبارك البغيلي، الذي أثار الجدل
مؤخرا بتغريدات اعتبرها مصريون مسيئة لهم، ودائما ما كانت تأتي ردود فعل مصرية غاضبة
وقاسية أيضا.
وتضاربت الأنباء، السبت، عن إصدار النيابة العامة الكويتية قرارا بحبس البغيلي،
15 يوما على ذمة التحقيق؛ بتهمة الإساءة إلى الدولة المصرية بتغريدات على "تويتر".
ومثلت تصريحات إعلامية للممثلة الكويتية حياة الفهد، صدمة شديدة بالشارع المصري
قبل أيام، حيث طالبت بطرد الوافدين - وبينهم المصريون - أو عزلهم في الصحراء خوفا من
انتشار كورونا.
وحول تعداد المصريين في الكويت، أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء
المصري بالعام 2017، أنهم نحو نصف مليون شخص.
وفي 2018، تصدرت الجالية المصرية المركز الثاني بنحو 445 ألفا و798 عاملا، وفق
السفارة المصرية بالكويت.
وفي آب/ أغسطس 2019، أكدت هيئة القوى العاملة بالكويت، أن العمالة المصرية لم
تكن الأعلى عددا في الدخول للبلاد بخمس سنوات حيث تخطتها أعداد الجنسية الهندية.
"من أرض الواقع"
"عربي21"، تواصلت مع عدد من المصريين في الكويت، الذين أكدوا
عدم انخراطهم في الأزمة. وأكد أحد المهندسين العاملين هناك والمُقيم وأسرته قبل سنوات
أن "الحقيقة على أرض الواقع مُغايرة لما تبدو عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وقال لـ"عربي21"، إن "المعاملة جيدة جدا من الكويتيين، والنَّاس
لا تألو جهدا في خدمة كل من على أرض الكويت وبينهم المصريون".
وأشار إلى دور الدولة الكويتية في توفير "المواد التموينية، واستمرار تدفق
الرواتب، والضغط على الشركات لصرف رواتب العاملين".
وأوضح أن "الشباب الكويتي المتطوع يقوم بدور كبير في الشوارع والجمعيات
والمخابز لخدمة الجميع بلا تفرقة أو استثناء".
وقال إن "حالة التلاسن تأتي من قلة من الجانبين، ولن تؤثر على علاقات شعبين
شقيقين أو على العمالة المصرية بالكويت".
وفي نهاية حديثه ثمّن تلك الحملة للتوافق، مؤكدا أن "أي خطوة لوقف التلاسن
شيء جميل ورائع".
"بفعل فاعل"
وفي تعليقه قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير،
إن "هذه المشاحنات غالبا ما تكون بفعل فاعل ومدعومة خارجيا ومخابراتيا لمنع أي
وجه من أوجه التعاون بين الشعوب العربية، ومنع قيام أي اتحاد أو تكتل عربي، لأنه يمثل
خطرا على الحكام العرب".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف الأكاديمي المصري، أن "الدبلوماسية
الشعبية التي تقود تلك الحملة تعتبر إحدى صور التخلص من تلك المشاحنات وأنجحها".
وأكد أبو الخير أنها "تكون خارج نطاق سيطرة وهيمنة الحكام ومن يمالئهم؛
وإن كانت صادقة غالبا تبدأ كذلك وتؤتي أكلها وتنضج ثمارها بسرعة وتكون خطوات مضيئة
على سبيل الوحدة".
وأشاد الخبير المصري بالقانون الدولي بالحملة الشعبية المصرية لفك الأزمة مع
الكويت، وقال: "إن حافظت على نفسها من مؤامرات الأعداء ستكون أفيد وأفضل ما تكون".
وذهب لأبعد من ذلك متوقعا أن "تكون همزة الوصل بين الثورات العربية التي
وئدت في مهدها، وبين ما تهدف إليه الشعوب العربية من وحدة رغم أنف الحكام ومن والاهم".
وأكد أبو الخير، أنه "لذلك يجب تنظيمها وتنظيفها من عملاء الداخل والخارج
لضمان نجاحها وعدم تشويهها وقتلها جنينا مما يؤدى لفشلها".
"صمت مصر الرسمية"
وفي رؤيته، انتقد الكاتب الصحفي المهتم بتلك القضية، أسامة الألفي، حالة التعالي
التي تظهر في حديث بعض من الكويتيين أو كل من يظن نفسه امتلك العالم بماله، مُشبّها
إياهم بالذين يرون في أنفسهم "شعب الله المختار"، وفق وصفه.
وفي حديثه لـ"عربي21"، أعرب الألفي، عن أسفه لـ"صمت مصر الرسمي على إهانات شخصيات عامة كويتية لمصر والمصريين تحت دعوى ترفع الشقيقة الكبرى عن الرد
على سفاهات الصغار"، على حد قوله.
واعتبر مساعد رئيس تحرير الأهرام الأسبق، أن غياب الرد الرسمي "شجّع البعض
على التمادي على المصريين بالذات"، مُذكّرا بدور مصر والمصريين بحق أهل الكويت
في أزمة احتلال صدام حسين.
وأكد على ضرورة أن "يتغير موقف مصر الرسمي"، مشيرا إلى أن
"وسبيلنا لتغيير هذا الموقف بصنع رأي عام يرد على الذين لا يردعهم دين أو حق أو
أخلاق".
واتفق الإعلامي المصري حافظ الميرازي، مع مضمون البيان، مؤكدا أن الموقعين مصريون
مخلصون فيما يرونه خدمة لبلدهم وصورته ومصلحته.
وتساءل عبر صفحته بـ"فيسبوك": "لماذا تشغل نخبتنا نفسها وجهدها
بمشاحنات لأفراد، طالما أن الحكومتين الكويتية والمصرية على وفاق، وكذلك الشعبان؟".