هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
للعام الثاني على التوالي يستقبل أبناء غرب ليبيا شهر رمضان المبارك تحت قصف طائرات الجنرال العسكري المتقاعد "خليفة حفتر" ما أفسد عليهم الطقوس والعادات التي يتميز بها الشعب الليبي في هذا الوقت من العام.
وبالإضافة إلى قصف "حفتر" وهجومه على العاصمة وضواحيها تأتي جائحة "كورونا" لتزيد من أعباء الليبيين، خاصة بعدما فرضت الحكومة حظرا شاملا مدة 10 أيام ما تسبب في شلل الأسواق والمصارف وزاد من الأعباء المعيشية هناك.
"عربي21" استطلعت آراء بعض النخب والمواطنين الليبيين حول تأثير قصف حفتر ووباء كورونا المستجد على العائلات والمهجرين في الغرب الليبي.
ركود اقتصادي
الخبير الاقتصادي الليبي، علي الصلح قال لـ"عربي21" إن "شهر رمضان مختلف الآن في ليبيا، ورغم أن معظم الحروب توقفت نتيجة الأزمة الصحية المستجدة، إلا أن الحرب في ليبيا ما زالت تحصد الأرواح حتى الساعة، وعلى الصعيد الاقتصادي ارتفعت الأسعار والبطالة وانقسمت السياسة النقدية والمالية ولم ترسم خطة واحدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في ليبيا ما زاد من أعباء المواطن الآن".
وأوضح أن "ساعات الحظر الشامل أثرت أيضا على الاقتصاد الذي يعاني ركودا أصلا وضعف في بنيته التحتية، كون الاستهلاك يعتمد على الاستيراد من المواد الغذائية وغيرها، لذا فإن الأثر يكون مباشرا على المستهلك، وانخفاض مستويات المعيشة سببه انخفاض الدخل الحقيقي للمواطن".
اقرأ أيضا: صحيفة: موازين ليبيا مقبلة على مرحلة جديدة بفضل الدعم التركي
وتابع: "ومع إطلالة الشهر الكريم فإنه لا توجد بدائل للوصول إلى الاستقرار إلا جلوس الليبيين معا من أجل إنقاذ البلاد وتشكيل حكومة وطنية يحكمها القانون فقط، وإسقاط جميع الانحيازات السياسية أمام الوطن"، كما قال.
طقوس مستمرة
من جهته، قال الكاتب والسيناريست الليبي، سراج هويدي إن "طقوس رمضان تظل ذات الطقوس بالنسبة للمواطن الليبي تحت كل الظروف، وسبق أن عشنا ظروفا مشابهة بعض الشيء في زمن الثورة عام 2011، وبقى الفارق هو مسألة انتشار كورونا، وحظر التجول الذي فرضته الحكومة والذي أثر على استعدادات الأسر للشهر الكريم من حيث شراء المواد اللازمة لطقوس الشهر".
وتابع: "وبخصوص القصف فهو مستمر منذ رمضان الماضي، إلا أنه لن يؤثر على عادات وطقوس الليبيين، لكن نأمل أن تنهي الحكومة هذا الحظر الشامل سريعا خاصة أن عدد الحالات في ليبيا محدود جدا وهو من أقل معدلات الإصابة في العالم"، وفق كلامه.
سرادق عزاء
وقال الإعلامي من "طرابلس"، نبيل السوكني إنه "بسبب الظروف الراهنة من قصف ووباء مستجد فقد فقدنا جزءا كبيرا من طقوس شهر رمضان خاصة مع ارتفاع الأسعار وغلق المصارف بسبب الحظر الشامل الذي ربما يخفف لساعات في الشهر الفضيل".
وأضاف: "وبخصوص الوباء فإننا نحاول استغلال فترة البقاء في المنازل سواء في العبادات أو غيرها، أما قصف حفتر المستمر لبيوتنا ومؤسساتنا، فهو يظل جريمة إنسانية وجريمة حرب كاملة الأركان نتائجها أن أغلب عائلات وسكان المنطقة الغربية يستقبلون شهر رمضان بسرادق العزاء والحزن لفقدهم أبناءهم أو بيوتهم"، كما قال.
بدائل
المواطنة الليبية من مدينة "الخمس" (غرب ليبيا)، سمية محمود، قالت لـ"عربي21": "طقوس وعادات استقبال رمضان لم نفقدها رغم صعوبة الأوضاع التي تمر بنا، لكن الجميع هنا يحاول خلق بدائل لاستقبال واستغلال الشهر الكريم، وأزمة الوباء جعلت الأغلب يتجه لفعل الخير ومساعدة المحتاجين وهو أمر جيد ومطلوب".
وبخصوص تأثير القصف والوباء على الشهر وطقوسه، أضافت: "البعض يحاول جاهدا إعادة فتح المساجد لصلاة التراويح وآخرون يحاولون خلق جو المسجد في البيت بمشاركة الأسرة حتى تمر هذه الأزمات، لكن المشكلة فقط هي مخالفة البعض لقرار الحظر الذي فرضته الحكومة ونأمل في الالتزام حتى تمر الأزمة على خير"، كما عبرت.
نعاني من جرائم حفتر
إحدى المهجرات جراء قصف حفتر، وتدعى نور محمد أكدت أنها وأسرتها فقدوا "أي طعم أو طقوس تخص الشهر الكريم بسبب القصف المستمر، والذي تسبب بهدم مساجد وخرب المطارات ومنع وصول أية مساعدات للبلاد ومنها الأجهزة الطبية من أجل مكافحة الوباء المستجد، ما جعلنا نعيش في أزمة حقيقية وجرائم مستمرة".
وعن الحلول قالت: "الحل في رجوع هذا المجرم (حفتر) وقواته من حيث أتوا حتى تعود الحياة في الغرب إلى طبيعتها ونستطيع العودة إلى منازلنا وحتى إلى المساجد حال تقرر فتحها ولو جزئيا".
تجويع العاصمة
الصحفية من العاصمة الليبية "طرابلس"، آية البدري أشارت إلى أن "استمرار القصف المتعمد من قبل قوات حفتر أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني فالقصف استهدف العديد من المنازل وحصد العديد من الأرواح البريئة، فضلاً عن استهداف مخازن السلع التموينية بقصفها بشكل متعمد بهدف تجويع سكان العاصمة وتركيعهم والرضوخ له".
اقرأ أيضا: غوتيريش يجدد دعوته لوقف إطلاق النار ويوجه رسالة للمسلمين
وأوضحت أنه "بخصوص وباء كورونا وما تبعه من إجراءات حظر شامل وغلق المصارف والأسواق الكبرى فقد تسبب في زيادة معاناة المواطن هنا، خاصة أن التجار استغلوا الحظر وحاجة المواطن للسلع التموينية والخضار ورفعوا أسعارها طمعًا مع قرب شهر رمضان، لذا فإن على الحكومة اتخاذ خطوات لمعالجة ذلك ومعاقبة التجار والمخالفين"، وفق قولها لـ"عربي21".
جائحة القصف
وقال عضو حزب "العدالة والبناء" فرع طرابلس، إبراهيم الأصيفر، إن "رمضان هذا العام يعتبر الشهر الثاني الذي نعيشه تحت قصف حفتر وحصاره بقطع الكهرباء والماء، ومع ظهور الوباء الجديد اجتمع على أهل الغرب الليبي جائحتان، حفتر وكورونا".
وأكمل: "وبالنسبة لجائحة كورونا يمكن مواجهتها بالالتزام بالإجراءات الوقائية من حجر منزلي أو غيره، لكن جائحة حفتر وحربه لا يمكن لسكان العاصمة تجنبها حتى لو ابتعدوا عن مناطق الاشتباكات، فالصواريخ تتساقط عشوائيا على الأطفال والأطباء والعواجيز فحتى من دخل بيته الآن فهو ليس بآمن".