هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت
دراسة أصدرها المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، الأربعاء، إن المؤشرات
خلال الفترة الماضية تشير إلى أن رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي "لن
يتراجع عن سياساته في ملفات عدة على رأسها ملف الإفراج عن المعتقلين، والقيام
بمصالحة مجتمعية حقيقية، أو فتح الأفق السياسي أمام معارضيه ولو قليلا، ما قد يدفع
بسيناريوهات أخرى تحول دون بقائه في السلطة لفترة طويلة".
وأضافت
أن "السيناريو الذي يبدو الأكثر احتمالا في الوقت الراهن، هو أن يستمر الفشل
في أداء النظام مع تصاعد المشكلات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والمائية بما
يدفع إلى بدايات حالات من الاضطراب والغضب الشعبي المصحوب بحراك كبير، لكن في هذا
السيناريو، قد تتدخل سريعا قوى داخلية للاستفادة من هذه الأوضاع بالقفز على السلطة".
وذكرت
الدراسة أنه "قد يتم دعم القوى المناوئة للسيسي من الداخل بشكل أو بآخر من
قوى خارجية لتفادي وقوع البلاد في حالة من الفوضى الشاملة، التي قد تؤثر سلبا على استقرار
المنطقة المضطربة أصلا، أو تؤدي إلى تصاعد معدلات الهجرة غير الشرعية أو الميل
للعنف، وفتح المجال للجماعات المتشددة لاكتساب مساحات كبيرة، ويبدو أن القوى
المناوئة للسيسي قد بدأت تراهن على هذا السيناريو وتتجهز له".
اقرأ أيضا: ما مدى تأثر نظام السيسي بأزمة فيروس كورونا بمصر؟
وأكدت الدراسة، التي أعدها الباحث بالشأن العسكري محمود جمال، أن "التحركات التي تم رصدها يمكن أن تكون بداية لاستجماع القوى وإعداد العدة، أو مقدمات لما بعدها، وقد تكون بمثابة تحذير أخير للسيسي بإكمال ما تم الاتفاق عليه في أعقاب أحداث 20 أيلول/ سبتمبر 2019، وإلا سيستمر مسار العمل ضده حتى تسنح الظروف المواتية من وجهة نظرهم".
واستطردت
الدراسة قائلة: "يمكن أن يكون التغيير المتوقع في هذه الحالة على شكل استبدال
حكم عسكري بحكم عسكري بشكل مختلف، عندما تشعر المؤسسة بأن استمرار السيسي في الحكم
سيعود بالضرر على المؤسسة ككل، وعلى تماسك البلاد بشكل عام".
وتابعت:
"طبقا لهذا السيناريو، فإنه من المحتمل أن تشهد الفترات القادمة إجراءات أخرى
تعمل عليها تلك المجموعات المناوئة للسيسي، بخلاف الوثائق المُسربة التي تخرج
لتحرج وتضغط على النظام، وبخلاف التحركات الإعلامية والسياسية التي شهدناها الفترة
الماضية، وربما تكون أزمة كورونا أو تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية هي الدافع
لحراك الشارع المصري مرة أخرى، بما قد يدفع الأمور للتداعي بشكل مختلف".
وأشارت
إلى أن "السيسي ما زال يفكر بعقلية الحاكم الفرد الديكتاتور، ولا يرغب في
مشاركة حقيقية أوسع لمؤسسات الدولة في الحكم والإدارة، ولن يعطي لمعارضيه فرصة
للقيام بأي دور في مواجهة الأزمة الحالية أو الأزمات القادمة خارج السياسات التي
يضعها، وذلك لإظهار نفسه كمسيطر على كافة الأمور".
ولفتت
الدراسة إلى أن هناك سيناريوهين آخرين، الأول أن يظل السيسي مُسيطرا على الأوضاع،
متغلبا على كل العقبات التي تقابله، مستمرا في سياسة القمع والإقصاء والانفراد
بالحكم، مستدركة بالقول: "المراقب للأوضاع في مصر يرى أن اجتماع هذه العوامل
يكاد يكون من المستحيل في ظل الأداء المتردي لنظام السيسي وانفراده بالسلطة،
وتغييب كافة القوى السياسية والمجتمعية التي يمكنها أن تساعد في تخفيف حدة هذه
الأزمات على أقل تقدير".
أما
السيناريو الثاني الذي استبعدته الدراسة أيضا، هو "وقوع البلاد في حالة من
الفوضى الشديدة والاضطرابات التي تؤدي إلى فشل النظام، وذلك في غضون عام أو عامين
من الآن، بما يستحيل معه على السيسي أن يسيطر على الأوضاع، وتقع البلاد تحت وطأة
اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية، تصاحبها انقلابات عسكرية ومحاولات للسيطرة
على الحكم، مع احتمالات احتراب أهلي أو عنف طائفي أو تصاعد نفوذ جماعات متطرفة مثل
داعش أو غيرها للاستفادة بالأوضاع المضطربة".
وذكرت الدراسة أن "هذا السيناريو (الثاني)
الكارثي تتنامى احتمالات حدوثه مع الوقت، إذا لم تبرز قوى سياسية أو مجتمعية نافذة
تستطيع ملء الفراغ الموجود في المجتمع وقيادته إلى بر الأمان".
وشدّدت
على أن "الأوضاع الراهنة في مصر من المحتمل أن يترتب عليها خلال الشهور
القادمة ضجر وسخط شعبي على نظام السيسي، وهذه بيئة مناسبة للمجموعات المناوئة
للسيسي التي ترغب في التغيير، والأيام القليلة الماضية شهدت بعض المستجدات من
المحتمل أنها تشير أن هناك بدايات لمحاولة الضغط على النظام وإحراجه أمام الشعب من
قبل تلك الأطراف وربما يكون هذا تمهيدا لما هو قادم".
وأشارت
إلى أنه "في حال اتخذ وباء كورونا نفس المنحى الذي سلكه في مناطق كثيرة حول
العالم، فلا يمكن تصور حجم الكارثة التي يمكن أن تراها البلاد، في ظل الضعف الواضح
في الإدارة الصحية ونقص الوعي الشعبي وارتفاع نسبة الأمية، فضلا عن حالة الإنكار
وسوء الإدارة الملحوظة من النظام الحاكم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات واسعة
عندما تتكشف الحقيقة أمام الشعب إذا اتسع نطاق الوباء".
وأكملت:
"في ظل استمرار هذه الجائحة وتداعياتها الاقتصادية السلبية الدولية
والإقليمية والمحلية لعدة شهور، فإنه من المتوقع حدوث انهيارات اقتصادية كبيرة في
مصر، تؤثر على كافة مناحي النشاط الاقتصادي، وبشكل أكثر حدة على قطاع الفقراء
والطبقة المتوسطة المتآكلة أصلا، وليس مجرد انخفاض في معدلات النمو كما تدعي الحكومة
في ظل حالة الإنكار الموجودة، وتوجهات منظومة السيسي في مواجهة الأزمات".
وأكدت
أن "النقص المائي الحاد في ظل بدء إثيوبيا المتوقع في ملء خزان سد النهضة
الصيف المقبل سيترتب عليه تبوير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وسيصاحب ذلك آثار
كارثية على قطاع الزراعة والمزارعين في مصر، فضلا عن الأمن الغذائي وتوفير حاجات
البلاد من أساسيات الطعام".