سياسة عربية

المسحراتي يغيب بسبب كورونا ويحضر في ذاكرة المصريين (شاهد)

كلمة المسحراتي مشتقة من كلمة سحور وهو من يقوم بتنبيه الناس للسحور في ليالي رمضان- عربي21
كلمة المسحراتي مشتقة من كلمة سحور وهو من يقوم بتنبيه الناس للسحور في ليالي رمضان- عربي21

مثله مثل العديد من الطقوس والعادات الرمضانية التي حجبتها الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، توارى عمل "المسحراتي" في ليالي رمضان، الذي كان يجوب خلالها الشوارع والطرقات لتنبيه المسلمين للسحور.


واتخذت وزارة الأوقاف المصرية عددا من القرارات والإجراءات الاحترازية للوقاية والحماية من تفشي فيروس كورونا، بتعليق كافة الأنشطة الجماعية في رمضان، واستمرار غلق المساجد، وعدم إقامة صلاة التراويح.

وارتبطت ليالي رمضان في مصر والعالم الإسلامي بتجول المسحراتي بالعصا والطبلة في أوقات السحور في القرى والمدن، في تقليد قديم ساد في الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر والمغرب العربي، رغم التطور التكنولوجي الحديث.

وكلمة المسحراتي مشتقة من كلمة سحور، وهو من يقوم بتنبيه الناس وإيقاظهم منذ ما يقرب من 12 قرنا مضت، حيث كان يطوف الجنود لطرق أبواب الناس، وكان والي مصر العباسي، إسحاق بن عقبة، أول من طاف شوارع القاهرة ليلا في رمضان؛ لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور، قبل أن يعين لها المماليك ما يعرف اليوم بالمسحراتي.

 

اقرأ أيضا: منظمة حقوقية: وباء الاستبداد وكورونا يعصفان بسجناء مصر

وارتبطت طبلة المسحراتي ومناداته بالسحر للسحور بوجدان الكبار والصغار في ليالي شهر رمضان، كأحد العادات الرمضانية الأصيلة، التي تدخل البهجة والسرور على نفوس المسلمين حيثما كانوا، كما لو كانوا في العصور القديمة السابقة.

وامتهن العديد من الأسر مهمة المسحراتي، وبات الأبناء يتوارثوها عن آبائهم، خاصة في المناطق الريفية من مصر، التي تشتهر بتلك المهمة، وأدخلوا عليها الأغاني والأهازيج المختلفة، التي تحولت بمرور الوقت إلى أغان تراثية محفورة في وجدان الكثيرين.

ورغم قرار حظر التجول الليلي في مصر، الذي يبدأ من التاسعة مساء، وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، وتغريم من يخالف القرار مبلغا ماليا، إلا أن بعض المسحراتية خرقوا القرار، وقرروا التجول في الشوارع والأزقة ليلا، وسط ترحيب الأهالي.




استغلال أزمة كورونا

قال الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى بالأزهر سابقا: "توجد مظاهر في الإسلام متعلقة بشهر رمضان الكريم، مثل عمل المسحراتي، الذي يوقظ الناس للسحور، امتثالا لقول الرسول عليه السلام: "تسحروا فإن في السحور بركة"، وقوله: "تسحروا ولو بجرعة ماء"، لذلك فهو مظهر من مظاهر الشعائر الإسلامية في بلاد المسلمين، وللأسف غيابه في وقت السحور غير مبرر".

وأضاف لـ"عربي21": "عمل المسحراتي هو أحد مظاهر شهر رمضان التي كان يجب الحفاظ عليها، ولكنها غابت مثل مظاهر أخرى، كقرآن الفجر والمغرب، كانت تنبه الناس إلى أوقات إفطارهم وإمساكهم، وتشعرهم بأجواء دينية خاصة في هذا الشهر المبارك".

وعن ارتباط الأسر المصرية بالمسحراتي، أوضح أن "المسحراتي يعطي طعما خاصا لليل رمضان في أوقات السحر، وهو مظهر من مظاهر إقامة شعائر الإسلام، وتلقته الأمة الإسلامية بالقبول، وكان يردد المسحراتي أشعارا وأهازيج يوقظ عليها المسلمين".

 



عادات أصيلة

بدوره، قال الداعية الشيخ، شعبان أبو بدرية، إن "كثيرا من عادات شهر رمضان مرتبطة بالعهد الفاطمي، منتصف القرن العاشر الميلادي، مثل صناعة الفوانيس، وإضاءة الشوارع وتزيينها، وصناعة الكنافة والقطائف، وغيرها من المظاهر الرمضانية، بالإضافة إلى المسحراتي، واستحسنه الناس، وأصبحت عادة متوارثة".

 

اقرأ أيضا: هدية النظام المصري لسيناء في عيدها القومي!


ووصف عمل المسحراتي بأنه" كان يضفي نوعا من البهجة والفرحة والسعادة في المجتمع المصري، لا سيما لدى بسطاء الناس، والأوساط الشعبية، وفي الريف، والصعيد بشكل خاص، فعادات وسلوكيات الناس قديما كانت تختلف عن العصر الحالي، وكانوا يخلدون للنوم بعد صلاة التراويح، فكانت وظيفة المسحراتي أساسية لإيقاظ هؤلاء الناس، ولكن بمرور الوقت تحولت لعادة وفلكلور يحبه الجميع".

وأثنى أبو بدرية على دور المسحراتي قائلا: "كان دور المسحراتي هو إحياء لسنة النبي عليه السلام بالسحور، وكان يطوف في الحي وبين الشوارع، وينادي على أسماء أصحاب الدور بالاسم، ويضرب على طبلته في نغم متناسق، ويتجمع حوله أطفال الشارع، وتحول من وظيفة هامة؛ لأن الناس كانوا في حاجة ماسة إلى فلكلور".

 

التعليقات (0)