صحافة دولية

لهذا لا تناسب المواجهة الأمريكية الصينية الجديدة أي طرف

جائحة كورونا وتراشق التهم يمكن أن يكون "الشرارة" التي ستطلق حربا بين الصين والولايات المتحدة- جيتي
جائحة كورونا وتراشق التهم يمكن أن يكون "الشرارة" التي ستطلق حربا بين الصين والولايات المتحدة- جيتي

نشر موقع "إنسايد أوفر" في نسخته الإيطالية تقريرا، سلط من خلاله الضوء على الصراع الصيني الأمريكي الذي تفاقم بسبب جائحة فيروس كوفيد-19.


وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في كتابه بعنوان "مقدران للحرب: هل تتمكن أمريكا والصين من الإفلات من مصيدة ثيوسيديدس؟"، أشار غراهام أليسون إلى نظرية "مصيدة ثيوسيديدس" التي تبين كيف أن صعود أثينا كان يمثل تهديدا بالنسبة لإسبرطة، التي كانت تظن أن الدبلوماسية يمكن أن تبطئ من صعود أثينا.

 

ولكن بمرور الوقت اشتعلت "شرارة" الحرب بين القوة الصاعدة والقوة المهيمنة، وهو ما ينطبق حاليا على كل من الصين (القوة الصاعدة) والولايات المتحدة (القوة المهيمنة).

حسابات الولايات المتحدة
أشار الموقع إلى أن جائحة كورونا وتراشق التهم يمكن أن يكون "الشرارة" التي ستطلق حربا بين الصين والولايات المتحدة.

 

فقد وصل التوتر والضغط الهيكلي بين القوة المهيمنة (الولايات المتحدة) والقوة الصاعدة (الصين) إلى مستويات مثيرة للقلق، ولكن الصراع واسع النطاق لا يناسب الطرفين.
 
وذكر الموقع أنه يجب على الولايات المتحدة تجنب سيناريو اندلاع مواجهة عسكرية مع الصين، وذلك حمايةً لمصالحها.

 

وبالرجوع للتاريخ، وتحديدا خلال الحرب الباردة، اندلعت حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي دون أن تكون بينهما روابط تجارية أو ثقافية.

 

وحسب أستاذ السياسة جوزيف ناي، فإن الصين لديها قوة نووية محدودة، وتصل قيمة المبادلات التجارية الصينية الأمريكية إلى نصف تريليون دولار سنويًا، ويبلغ عدد الطلبة الصينيين في الولايات المتحدة إلى 350 ألف، وعدد السياح الصينيين إلى ثلاثة ملايين كل عام قبل أزمة الكورونا.
 
ومن خلال عضويتها في منظمة التجارة العالمية، عملت واشنطن على احتواء الصين وتحويلها إلى ديمقراطية من خلال إدخالها تدريجيا في النظام العالمي للهيمنة الأمريكية.

 

ولم يحدث هذا بالطبع، لكن الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين البلدين أصبح حقيقة حاليا، وهذا الترابط الاقتصادي القوي يرفع بشكل كبير في تكاليف الصراع المحتمل ويقلل من فرص اندلاعه.
 
وأورد الموقع أن الحرب واسعة النطاق ليست مناسبة لأي طرف، على الأقل بالنسبة لواشنطن خاصة، لأن الخسائر ستكون أكبر من الغنائم.

 

اقرأ أيضا : التايمز: محافظو أمريكا يدعون لمواجهة تفوق الصين بآسيا

 

وكما تعلمنا من الاستراتيجية النووية، في منافسة مدمرة، لا يمكن لأي من البلدين أن يخرج منتصرا من الحرب النووية، ويجب أن لا يكون الصراع العسكري بين قوتين نوويتين خيارًا مطروحًا.
 
ويقول التقرير: "في الحرب الباردة، ضمن التوازن النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي عقودًا من السلام في أوروبا وينطبق السيناريو نفسه على بكين وواشنطن".

 

ولكن يمكن أن تتفاقم التوترات بـ "حروب أخرى"، مثل حرب الدعاية أو حرب المعلومات أو الحرب التجارية التي تمثّل "شرارات" محتملة لحرب أوسع نطاقا، والتي لا تناسب أي طرف.
 
الحسابات الصينية
بعد اتهام ترامب الصين بأنها مسؤولة عن تفشي الوباء في العالم، بدأ الوضع يصبح أكثر تعقيدا، فبكين حاليا في وضع لا تحسد عليه، بينما لم يرد شي جين بينغ حتى الآن عن ادعاءات نظيره الأمريكي.

 

في المقابل، أرسل العديد من أعضاء الحكومة الصينية رسائل واضحة إلى دونالد ترامب مفادها أنه يجب على دونالد أن يخفف من عدوانيته أو أن الصدام بين البلدين سيزداد.
 
من جهتها، لا تنوي الصين البقاء مكتوفة الأيدي بينما تقترب واشنطن من أن تصبح قوة مهيمنة خلال القرن الحادي والعشرين، لكنها لا ترغب في الوقت نفسه في التورط في حرب في فترة تاريخية حساسة للغاية.
 
وأوضح الموقع أنه منذ أن تكتمت الصين عن وباء كورونا، أطلق الرئيس الصيني حملة تضامن من خلال إرسال المعدات والفرق الطبية إلى نصف دول العالم، وإنشاء ما يسمى طريق الحرير الصحي.

 

وقد بيعت هذه المعدات الطبية بأسعار رمزية، وساهمت هذه المبادرة في تعزيز العلاقات مع أكبر عدد ممكن من الدول.
 
في الأثناء، فهمت الولايات المتحدة أن البقاء ساكنة أمام التقدم الصيني الجديد لن يجلب لها سوى المتاعب، ومن ضمنها فقدان مكانتها على رقعة الشطرنج الدولية، وخسارة حلفاء تاريخيين يرغبون في التشبث بالمنقذ الآسيوي. ولعل هذه الأسباب هي ما تفسر عدوانية ترامب.
 
وأشار الموقع إلى أن الصين لا تنوي الرد على اتهامات ترامب مطلقا، خاصة في ظل الركود الاقتصادي الذي تمر به، كما أن تركيز بكين حاليا ليس موجها نحو واشنطن وإنما نحو إعادة إعمار البلاد.

 

وبعيدا عن الحرب في حد ذاتها، فإن ترامب على استعداد للجوء إلى سلسلة من الأعمال الانتقامية الاقتصادية والمالية التي إذا تم تفعيلها، يمكن أن تتسبب في اندلاع أزمة جديدة بين القوتين العظمتين.
 
ما هي الأسلحة المتاحة لترامب؟

حسب صحيفة "إل صولي 24" فإن أسلحة ترامب تتمثل في إلغاء التزامات الديون المستحقة للصين، بالإضافة إلى فرض رسوم تجارية جديدة.

 

وفي تلك المرحلة، ينبغي للصين أن ترد على واشنطن من خلال فرض الإجراءات ذاتها، وهي آلية خطيرة ستتسبّب في تدمير القوتين.

 
وأوضح موقع الصحيفة أنه على الصين تلميع صورتها دوليا بما أنها في نظر الجميع المسؤولة عن تفشي الوباء، والنهوض باقتصادها.

 

وفي مواجهة تهديدات ترامب، كانت ردة فعل الرئيس الصيني التجاهل بينما تتولى الحكومة والصحف الصينية مهمة الرد.
 
في الختام، أكد الموقع أنه على الصين أن تأخذ بعين الاعتبار التأثير الذي ستحدثه المواجهة الصينية الأمريكية الجديدة على خططها الدولية.

 

وفي حال اندلاع حرب جمركية جديدة أو أعمال انتقامية أو اشتباك تقليدي، سيكون حينها الرئيس الصيني مجبرا على توديع مشروع طريق الحرير الجديد، وباختصار، إن خوض لعبة الحرب لا يستحق المخاطرة.

التعليقات (0)