هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"
إن السلطات المصرية تستغل جائحة فيروس كورونا المستجد كذريعة لسلطات قمعية جديدة، داعية
رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى عدم الموافقة على التعديلات التي أقرها البرلمان
على قانون الطوارئ، وإعادة تلك التعديلات مرة أخرى إلى مجلس النواب الذي طالبته بمراجعة
الكثير من "مواد القانون التعسفية".
وأضافت، في بيان لها، الخميس، وصل إلى "عربي21" نسخة منه، "البرلمان المصري أقرّ سريعا في 22 نيسان/ أبريل
الماضي تعديلات اقترحتها الحكومة على قانون الطوارئ لعام 1958، التي تمنح الرئيس
عبد الفتاح السيسي وأجهزة الأمن سلطات واسعة جديدة"، مؤكدة أنه على "السيسي
أن يُعيد التعديلات دون الموافقة عليها إلى البرلمان، وعلى البرلمان أن يُراجع
الكثير من المواد التعسفية الواردة في القانون".
وقالت الحكومة المصرية؛ إن التعديلات تتعلق
بحالات الطوارئ الصحية مثل تفشي فيروس "كورونا"، لكن 5 من التعديلات الـ
18 المقترحة فقط ترتبط بوضوح بمستجدات الصحة العامة، تضمينها كجزء من قانون
الطوارئ يعني أن السلطات قادرة على فرض التدابير متى أُعلِنت حالة طوارئ، بغض
النظر عما إذا كانت هناك ظروف طوارئ صحية أم لا.
ونوهت هيومن رايتس ووتش إلى أنها راجعت التعديلات
المقترحة التي نُشِرت في الصحف الموالية للحكومة بعد موافقة البرلمان عليها،
قائلة: "هذه التعديلات تمنح الرئيس، دون إلزامه بالإشارة إلى ظروف تهدد الصحة
العامة، سلطات موسعة بإغلاق المدارس، والجامعات، والمحاكم، والمرافق الحكومية،
ومؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص، بشكل كامل أو جزئي".
اقرأ أيضا: واشنطن توافق على تحديث مروحيات عسكرية لمصر.. ما علاقة إسرائيل
وأكملت: "أحد التعديلات سيسمح له،
حتى في غياب أي غرض متعلق بالصحة العامة، بأن يقيّد الاجتماعات العامة والمواكب
والتظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، كما يجوز تقييد الاجتماعات
الخاصة. وهناك بنود أخرى تسمح للرئيس بتقييد تداول بعض السلع والمنتجات أو نقلها
أو بيعها أو حيازاتها أو حتى تصديرها. وتسمح له التعديلات أيضا بتحديد أسعار بعض
السلع والخدمات والمنتجات، وتحديد طريقة جمع التبرعات المالية والعينية لمواجهة
الحالة الطارئة، وقواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق منها".
وأشارت إلى أن "المادة 3 من قانون
الطوارئ، التي أضيفت عليها بنود التعديلات المقترحة، تسمح للرئيس بتنفيذ هذه
التدابير الكاسحة (لحفظ الأمن والنظام العام). وتسمح هذه المادة أيضا للرئيس بأن
يأمر بهذه التدابير شفهيا، على أن يقدمها في صيغة مكتوبة في غضون ثمانية أيام".
واستطردت قائلة: "خضعت مصر لحالة
الطوارئ معظم السنوات الأربعين الماضية، منذ 1981، مع شهور معدودة دون فرض الطوارئ
خلال تلك الفترة، لا سيما بين 2012 و2017. تجاهلت الحكومات المتعاقبة الدعوات إلى
إصلاح القانون واستخدمته في سحق المعارضة السلمية، في ظل تصنيف السلطات لتجمعات أو
مظاهرات المعارضة السلمية بأنها تهديد للأمن القومي".
وتابعت: "خلال الشهرين الأخيرين،
أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي سلسلة من القرارات التي تفرض تدابير للحد من
انتشار فيروس كورونا، مثل تعليق السفر جوا، وتعطيل المدارس والجامعات وإغلاق عديد
من المصالح والحدائق والشواطئ. وبناء على مراجعة هيومن رايتس ووتش لأغلب هذه
القرارات، يبدو أن حظر التجوال الليلي المفروض في البلاد منذ الأسبوع الأخير من آذار/
مارس، كان التدبير الأساسي الذي استند إلى قانون الطوارئ. إذا وُقِّعت التعديلات
الجديدة لتصبح قانونا، ستندرج جميع هذه القرارات ضمن السلطات الواسعة لقانون
الطوارئ".
وأوضحت أنه "بموجب القانون الدولي،
ينبغي أن تكون التدابير التي تُقيّد الحقوق الأساسية في أثناء حالات الطوارئ ضرورية،
ومنصوصا عليها في القانون، ومحددة من حيث الزمن والمكان بما هو ضروري للغاية،
ومتناسبة، وتوفّر سبل انتصاف فعالة لانتهاكات الحقوق، مثل توفير آلية مستقلة
وشفافة للطعن"، مؤكدة أن "صياغة هذه التعديلات لا تمتثل إلى هذه
المتطلبات، ولا ينص قانون الطوارئ المصري على أية آليات للطعن ضد أي من تلك
التدابير".
واستطردت قائلة: "أي شخص ينتهك
التدابير المفروضة في أثناء سريان حالة الطوارئ، قد يواجه حُكما بالسجن عليه لمدة تصل
إلى 15 عاما. وتجري المحاكمات في هذه القضايا أمام محاكم أمن الدولة طوارئ، وهي
محاكم يختار الرئيس قضاتها، ولا يُتاح فيها حق الاستئناف. وتاريخيا، استخدمت
الحكومة هذه المحاكم بالأساس في ملاحقة المعارضين السياسيين، وبينهم المعارضون
السلميون. وأعادت الحكومة هذه المحاكم إلى العمل في 2017 لدى إعلان حالة الطوارئ".
ولفتت المنظمة الدولية إلى أن "التعديلات
قد تؤدي أيضا إلى توسيع اختصاصات المحاكم العسكرية لتشمل محاكمة المدنيين، عبر منح
النيابة العسكرية سلطة التحقيق في الوقائع التي يكون فيها ضباط الجيش مُكلَّفين
بسلطات تنفيذ القانون، أو عندما يأمر الرئيس بذلك".
من جهته، قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش جو ستورك،: "تستخدم حكومة الرئيس السيسي
الوباء كمبرر لتوسيع قانون الطوارئ المصري المسيء، وليس إصلاحه"، مضيفا:
"على السلطات المصرية أن تتصدى لمشكلات الصحة العامة الحقيقية دون أن تفرض
أدوات قمع جديدة".
وأضاف ستورك: "قد تكون بعض هذه
التدابير مطلوبة في حالات طوارئ الصحة العامة، لكن ينبغي ألا تكون قابلة
لاستغلالها كجزء من قانون الطوارئ الذي لم يتم إصلاحه. واللجوء إلى خطاب حفظ الأمن
والنظام العام كذريعة، يعكس العقلية الأمنية التي تحكم مصر في عهد السيسي".
وبموجب المادة 154 من الدستور المصري لعام
2014، بإمكان السيسي، بموافقة البرلمان، إعلان حالة الطوارئ بحد أقصى 3 أشهر، مع
تمديدها مرة واحدة لثلاثة أشهر بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
لكن السيسي أصدر قرارات وتمديدات جديدة
لإبقاء حالة الطوارئ المفروضة منذ نيسان/ أبريل 2017. كان آخرها في 28 نيسان/ أبريل، التي فوّض بموجبها سلطاته المنصوص عليها في القانون إلى رئيس الوزراء.
والبرلمان الحالي - المكوّن من 596 نائبا
- تسيطر عليه بقوة أجهزة الاستخبارات، ويهمين عليه بشكل شبه كامل مؤيدو السيسي،
الذين دأبوا على التأييد المستمر لسياسات الرئيس دون معارضة تُذكر.
وتخضع مصر لحالة طوارئ في عموم البلاد منذ
نيسان/ أبريل 2017. ويمنح قانون الطوارئ (رقم 162 لعام 1958) قوات الأمن سلطات
واسعة لاحتجاز المشتبه فيهم إلى أجل غير مسمى واستجوابهم، دون مراجعة قضائية
تُذكر. ويسمح القانون أيضا بالمراقبة الجماعية والرقابة على الإعلام، ومصادرة
الممتلكات، والإخلاء القسري، كلّها دون مراجعة قضائية.