هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "إنسايد أوفر"، في نسخته الإيطالية، تقريرا سلط فيه الضوء على مستقبل النظام السوري في ظل الخلافات العائلية والتباين في وجهات النظر مع القيادة الروسية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن "ما يجعل مستقبل سوريا غامضا ليس حالة الطوارئ الصحية جراء فيروس كورونا، إنما هي الخلافات داخل عائلة الأسد، وتعارض المصالح المتصاعد مع روسيا".
التصدع في عائلة الأسد
وذكر الموقع أن رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد وقطب قطاع الاتصالات السوري، قد أحدث مؤخرا ضجة كبيرة بنشره بعض مقاطع الفيديو على "فيسبوك".
وواجه صاحب شركة "سيرياتيل"، عملاق اتصالات الهواتف المحمولة في البلاد، منذ سنة، تهما بالفساد، ولكن إجراءات النظام ضده شهدت تصعيدا لافتا في الساعات الأخيرة.
وكما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في سوريا (مقره في لندن)، فإنه تم اعتقال سبعة من مديري الأقسام والفنيين في شركة مخلوف، في حلب وطرطوس، بالتعاون مع الشرطة العسكرية الروسية.
اقرأ أيضا: FT: عائلة الأسد تنشر غسيلها القذر وشكاوى من مخلوف
وتأتي هذه الاعتقالات الأخيرة بعد اعتقال 28 من مسؤولي "سيرياتيل" في وقت سابق في مدن أخرى، وبعد دعوات تلقاها مخلوف للتنحي وترك رئاسة شركة الاتصالات لشخص آخر.
وأعطى مخلوف خلال ظهوره الأخير مؤشرات في غاية الأهمية عن مستقبل الوضع السياسي في سوريا قبل سنة من الانتخابات الرئاسية. وقال رجل الأعمال السوري، إنه يريد حماية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها هو وبشار الأسد، التي تمثل 10 في المئة من السكان، من تجاوزات الطائفة السنية.
أسماء الأسد وقيادة البلاد
أوضح الموقع أن العديد من المحللين توقّعوا في الأيام الأخيرة حدوث تغيير في القيادة السورية، لكن مع بقاء عائلة الأسد على رأس السلطة.
وتتعلق الفرضية الأكثر تداولا بتكليف أسماء الأسد، زوجة الرئيس الحالي بقيادة البلاد. ويبدو أن هذا يمثل لكثيرين الحل الأنسب لضمان الانتقال إلى نظام يحترم حقوق الإنسان مع الحفاظ على مكانة عائلة الأسد.
وبحسب الموقع، فإن القوتين الرئيسيتين الداعمتين لبشار الأسد، أي روسيا وإيران، لا تحبّذان حدوث تغيير جذري في بنية النظام، على عكس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأضاف الموقع أن زوجة الأسد التي لقبتها بعض الصحف البريطانية بـ"زهرة الصحراء"، التي تعافت مؤخرا من السرطان، تتمتع بسمعة جيدة في الأوساط الدولية وكثيرا ما توصف بأنها امرأة متحررة وعصرية.
وعلى الرغم من تراجع سمعتها في الغرب مع استمرار الحرب في سوريا، لا تزال أسماء الأسد واحدة من أبرز الشخصيات القادرة على إعطاء وجه جديد لنظام دمشق على الصعيد الدولي، وفق تقدير الموقع.
ويرى الموقع أن مثل هذا التغيير، يمكن أن يمنع دخول قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا حيز التنفيذ في حزيران/ يونيو.
ويهدف القانون الذي وقعه ترامب في نهاية سنة 2019، إلى معاقبة أي شخص يستثمر في قطاعات معينة من الاقتصاد السوري، ما لم تتخذ حكومة دمشق تدابير ملموسة لحماية حقوق الإنسان.
ويؤكد الموقع أن سيناريو انتقال السلطة من بشار إلى أسماء الأسد يبقى إلى حد الآن مجرّد فرضية، لا يمكن الجزم بإمكان تحققها في ظل غياب أي معطيات ملموسة.
وتأتي هذه التكهنات، تزامنا مع تصاعد حدّة التوترات بين دمشق وموسكو، مع ما قد ينجر عنه ذلك من عواقب وخيمة على النظام السوري في ترتيبات ما بعد الحرب.
العلاقات بين دمشق وموسكو
دخل الرئيس بوتين الصراع السوري في سنة 2015 لدعم الرئيس بشار الأسد، لكن علاقاتهما شهدت عدّة تقلبات على مدار سنوات الصراع.
منذ البداية، استغلت موسكو حاجة الأسد إلى حليف عسكري ودبلوماسي قوي من أجل الحصول على نصيبها في صفقات إعادة الإعمار واستخراج النفط في مرحلة ما بعد الحرب. لكن في الآونة الأخيرة، بدا الأسد أقل تناغما مع المصالح الروسية، ويظهر ذلك خصوصا في بعض الخطوات التي قام بها في إدلب، التي لم تحظ بدعم روسيا.
واضطرت روسيا إلى التدخل دبلوماسيا مرات عدة لتجنب حدوث مواجهة مفتوحة بين دمشق وأنقرة.
اقرأ أيضا: أمريكا تعلق على قضية مخلوف وتتحدث عن مرونة روسية بسوريا
حتى وقت قريب، ظلت الخلافات بين روسيا وسوريا تحت السطح، لكن التعاطي الإعلامي الروسي مع النظام السوري بشكل سلبي، والانتقادات العلنية في الفترة الأخيرة، أظهرت حجم الخلاف بين الجانبين.
وفي مقال نشرته مؤخرا وكالة "إيتار تاس"، التي يديرها يفغيني بريغوجين أحد أبرز المقربين من بوتين، وُجهت انتقادات صريحة لإدارة النظام السوري للملف الاقتصادي. وشجب المقال الفساد المتزايد على نطاق واسع في البلاد، مبرزا آثاره السلبية على الاستثمارات الروسية في سوريا.
ونشرت الوكالة أيضا استطلاعا أجرته شركة بحوث لم يُذكر اسمها، يفيد أن 32 بالمئة فقط من السكان المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ينوون التصويت للأسد في الانتخابات المقبلة.
ومن الواضح بحسب الموقع، أن هذه الإحصائية لا تعني الكثير على المستوى العملي، لأنها لا ترتكز إلى معطيات موثوقة، لكن قرار وكالة الأنباء الروسية بنشرها يعد في حد ذاته مؤشرا على مدى تدهور العلاقة بين دمشق وموسكو.
في الختام، أوضح الموقع أن بوتين لا يزال لاعبا رئيسا في الصراع السوري، وأنه بعد مضي خمس سنوات من الدعم العسكري والدبلوماسي للأسد، ليس لديه نية في السماح لرئيس النظام السوري بتعريض المصالح الروسية في المنطقة للخطر. والرسالة الواضحة هي أن على الأسد الحرص على عدم معاداة الحليف الروسي إذا أراد البقاء على رأس السلطة.