هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خرجت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أخيرا عن صمتها، معربة عن "الانزعاج الشديد" إزاء ما قالت إنها محاولات تجسس وقرصنة روسية متكررة تتعرض لها، وذلك بعد أيام فقط من إصدار برلين أمر اعتقال بحق شخص يدعى "ديمتري بادن"، بتهمة اختراق أنظمة برلمان البلاد عام 2015.
والأربعاء، قالت ميركل في كلمة أمام البرلمان
الألماني: "بصراحة، يمكنني القول إن هذا يؤلمني. في كل مرة، أحاول أن أبني
علاقة أفضل مع روسيا، وفي الجانب الآخر، هناك أدلة دامغة على أن القوات الروسية
تقوم بمثل هذه الأعمال".
وفي 5 أيار/ مايو الجاري، كشفت صحيفة
"زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية أن من
بين المعلومات التي سرقها "القرصان الروسي" خلال الاختراق كانت معطيات من
بريد ميركل الإلكتروني الشخصي، فيما يعتقد بأن العملية بدأت فعليا نهاية عام 2014،
واستمرت ستة أشهر.
وذكرت الصحيفة آنذاك أن الادعاء العام الألماني أصدر مذكرة اعتقال بحق "بادن"، لكن السلطات لم تعلق على الفور حتى أكدت ميركل الأربعاء أن المحققين في عملية القرصنة المشار إليها "تمكنوا من تحديد مشتبه به".
وتابعت: "للأسف، أن النتيجة التي توصلت إليها
هي أن هذا الأمر ليس بجديد"، لافتة إلى أن "التضليل على الإنترنت وتحريف
الوقائع هما جزء من استراتيجية روسيا".
وأضافت: "بالطبع هذا لا يسهل إقامة علاقة
أفضل مع موسكو"، واصفة تكتيكات التجسس هذه بأنها "مزعجة".
تفاصيل مثيرة
وفي تقرير "زود دويتشه تسايتونغ"، وردت تفاصيل مثيرة بشأن
"بادن"، إذ إنه لم يتجاوز الـ24 عاما لدى اختراق البرلمان الألماني، كما أنه متهم رئيسي في قضية
"التدخل بالانتخابات الأمريكية" الأخيرة، عام 2016، والتي أفرزت فوز
دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة، فإن الشاب الروسي مطلوب لمكتب التحقيقات الفيدرالي
الأمريكي "أف بي آي" منذ عام 2018، مع 11 آخرين، لاتهامهم باختراق وسرقة
وتسريب وثائق من إيميلات الحزب الديمقراطي، فضلا عن البريد الشخصي لـ"هيلاري
كلينتون"، التي كانت تنافس ترامب في انتخابات 2016.
— Samuel Stolton (@SamuelStolton) May 10, 2020
وقد أدى تسريب تلك الرسائل جدلا بشأن أهلية كلينتون لتولي الرئاسة،
فضلا عن تسببه بانشقاق داخل الحزب الديمقراطي، جراء كشفه "مؤامرة" في أروقته ضد اليساري
"بيرني ساندرز" لمنعه من الفوز بترشيح الحزب لمنافسة ترامب، وهو ما ترى
تقارير أنه ساهم بتعزيز حظوظ الأخير وفوزه.
ويعتقد بأن "بادن"، الذي سرق بيانات بلغ حجمها 16 غيغابايت من البرلمان الألماني،
بحسب الصحيفة، يعمل لصالح ما تعرف بـ"المديرية الرئيسية لهيئة الأركان العامة
للقوات المسلحة الروسية"، أو "GU" اختصارا، وهو جهاز استخبارات عسكري، تعود جذوره إلى جهاز
"مديرية المخابرات الرئيسية" السوفييتي، أو "GRU"، وهو الاختصار الذي
لا يزال يطلق على الجهاز رغم إعادة هيكلته وتغيير اسمه.
اقرأ أيضا: "طباخ بوتين".. نفوذ وخدمات غامضة حول العالم
وتمت إعادة الهيكلة تلك عام 2010، ويعتقد بأن الجهاز لعب دورا كبيرا
في تدخل روسيا بالأزمة الأوكرانية عام 2014، وضم موسكو شبه جزيرة القرم عبر
استفتاء أحادي، فضلا عن أحداث أخرى عديدة، مثل محاولة الانقلاب الفاشلة في جمهورية
الجبل الأسود عام 2016، ومحاولة اغتيال العميل المنشق عن الجهاز "سيرغي
سكريبال" في بريطانيا عام 2018.
ووفق الصحيفة
الألمانية، فإن بادن يعمل في إطار فريق "فانسي بير" السيبراني، المعروف
أيضا بأسماء أخرى متعددة، ومنها "سوفاسي"، بحسب خدمة "كاسبرسكاي"
لمكافحة الاختراق، فيما خلص المحقق الخاص بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، روبرت مولر، إلى أن الفريق تابع لجهاز "GRU".
ومن أشهر الاختراقات
والهجمات التي يتهم "فانسي بير" بتنفيذها، إرسال تهديدات بقتل زوجات
خمسة جنود أمريكيين، في شباط/فبراير 2015، والتمويه بأنها من قبل جهة ترتبط
بـ"تنظيم الدولة" يطلق عليها اسم "سايبر خلافة"، قبل أن "يكتشف" أن الفريق الروسي "المزعوم" هو من قام بذلك.
وفي نيسان/أبريل من
العام ذاته، تعرضت قناة "تي في 5 موند" الفرنسية لاختراق حمل شعار
"سايبر خلافة" مجددا، لكن المحققين الفرنسيين رجحوا أن يكون "فانسي
بير" وراءها.
وأشير بأصابع الاتهام للفريق بالتحضير لهجمات على مؤسسات مالية في العام ذاته، وباستخدام ثغرة برمجية لشن هجمات على البيت الأبيض وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، ثم اتهم في عام 2016 باستهداف الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، على إثر توتر بين الأخيرة ومؤسسات رياضية وأولمبية روسية.
وتطول قائمة
الاتهامات لـ"فانسي بير" على مدار السنوات اللاحقة، وصولا إلى إعلان
مايكروسوفت في شباط/ فبراير 2019 رصدها هجمات استهدفت مؤسسات فكر وتأثير ألمانية.
وإثر صدور تقرير الصحيفة الألمانية، أعلنت منصة التحقيقات الصحفية الدولية "Bellingcat" عن الوصول إلى بيانات بشأن بادن، ومنها تاريخ ميلاده (15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990) وانتماؤه إلى الوحدة "26165" في فريق "فانسي بير"، زاعمة أن سيارته الشخصية مسجلة لدى عنوان تابع لـ"GRU" في موسكو، ومؤكدة الوصول إلى حسابات مرتبطة به على "سكايب" و"vk.com"، فضلا عن بريده الإلكتروني ورقم هاتفه الشخصي، لتخلص إلى تأكيد ما يدور حوله من مزاعم.
— Bellingcat (@bellingcat) May 5, 2020