هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، مقالا لرئيس مؤسسة الإغاثة السورية في بريطانيا، عثمان مقبل، تحدث فيه عن الأوضاع في إدلب، ومحذرا من كارثة مقبلة على المدينة بسبب فيروس "كورونا" المستجد.
قال في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن إدلب كانت أسوأ منطقة طوارئ إنسانية في العالم، مضيفا: "قبل ثلاثة أشهر شاهدنا أناسا يموتون من البرد في الحقول المفتوحة، بينما كانوا يفرون من الأزمة التي استمرت لمدة 13 شهرا".
وأضاف أنه "مثل الشتاء والحرب والأزمة الاقتصادية، يعد مرض كوفيد-19 عدوا آخر، على العاملين في حقل الإغاثة الإنسانية القيام بمكافحته للحفاظ على حياة الناس في سوريا".
ولفت إلى أنه في وقت تجد فيه الدول الغربية المتقدمة صعوبات في التعامل مع الجائحة، فإن تفشي فيروس كورونا أصبح بمنزلة سيف معلق فوق رؤوس سكان محافظة إدلب التي مزقتها الحرب.
اقرأ أيضا: إجابة لطفل سوري يعمل بإدلب تثير تفاعلا بمواقع التواصل (فيديو)
وبالنسبة للمنظمات غير الحكومية، فإن الموضوع لا يتعلق بالجهوزية لاحتمال انتشار المرض، بل بالوقت الذي سيتفشى فيه المرض، بحسب مقبل.
وأوضح: "لا نستطيع التأكد إن كان فيروس كورونا قد وصل فعلا، بسبب غياب الشفافية وإمكانيات الفحص".
وشدد على أن "ما نعرفه بالتأكيد هو أنه عندما يصل المرض، فإن الأثر سيكون مدمرا".
وكان هناك فعلا حالات مؤكدة ووفيات في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري في الجنوب، والمناطق التي يسيطر عليها الأكراد في الشمال الغربي.
ووفقا لمقبل، ستكون المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة السورية بإدلب هي التالية بالتأكيد، وهي أقل منطقة في العالم استعدادا للتعامل مع الجائحة، وفق قوله.
وعبر عن خشيته "من أن يكون هناك انفجار في حالات الإصابة في إدلب، لأن 3.5 مليون شخص يعيشون في منطقة محدودة، وسط عدم توفر المياه النظيفة، ومنهم مليون مشرد بلا مأوى يعيشون في مخيمات نزوح مكتظة، أو غيرها من المساكن المؤقتة".
وأكد أنه "من شبه المستحيل تطبيق التعليمات الصحية التي أصبح متعارفا عليها على نطاق واسع، لمنع تفشي كوفيد-19 في محافظة إدلب.
وتساءل: "كيف يمكن لشخص مشرد في خيمة مع عائلة أخرى أن يعزل نفسه؟ وكيف يمكن لشخص أن يغسل يديه بانتظام، وهو بالكاد يجد ماء للشرب؟".
تجهيزات متواضعة جدا
ولفت إلى أنه "ليس هناك أحد من الكوادر الطبية في إدلب يشعر بأن بإمكان محافظة إدلب أن تواجه تفشيا لكوفيد-19".
وأوضح: "هناك فقط 600 طبيب و90 جهاز تنفس و2000 سرير مستشفى و20 وحدة عناية مركزة فقط، لخدمة 3.5 مليون شخص".
وأشار إلى أن أكثر من 80 مستشفى في إدلب خارج الخدمة، بسبب الغارات عليها.
وقال: "هناك 27% من السوريين من ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل رئيسي بسبب الغارات الجوية والقصف".
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن 35% من مرضاهم يعانون أصلا من مشاكل في التنفس، ما يعني أن إصابتهم بمرض كوفيد-19 سيزيد من التعقيدات.
اقرأ أيضا: نازحون يخاطرون بمغادرة المخيمات إلى إدلب خوفا من كورونا
وتسبب الاستهداف المتعمد للمنشآت الصحية والمستشفيات في إدلب بتخريب النظام الصحي، لذلك أكد مقبل أن تفشي فيروس كورونا سيتسبب بالقضاء على النظام الصحي تماما.
وقال: "دعونا لا ننسى أنه بينما نقوم في المملكة المتحدة بشكر العاملين الصحيين، في إدلب كان يتم تعمد استهداف الطواقم الطبية خلال هذا الصراع".
وأضاف: "يحضرني حالة أبرزها تشالز لستر من معهد الشرق الأوسط، حيث كان هناك غارة جوية على مرفق صحي في معرة حرمة، تسببت بقتل سائق سيارة إسعاف ومسعف، ألحقها غارة أخرى بعد دقائق، تسببت بمقتل أحد متطوعي الخوذ البيضاء، كان قد وصل لإنقاذ المصابين".
وكتب ليستر: "هذا ما يطلق عليه 'الاستهداف المزدوج' المصمم لاستهداف عمال الإنقاذ".
في إدلب، ليس هناك حكومة معترف بها دوليا. ولذلك حولت الدول التي تقدم المساعدات في العادة جهودها إلى الداخل.
أما دائرة الصحة في إدلب، فشكلت فريقا للوقاية وللتخفيف من آثار تفشي كوفيد-19، ولكن لحد الآن لم تستطع توفير أي من مبلغ 33 مليون دولار التي تحتاجها.
ويعتمد الناس على المنظمات غير الحكومية للحصول على الرعاية الصحية وغيرها من البرامج الإنسانية التي تعد خدمات عامة.
تعليم الأطفال
وبالنسبة لـ 35000 طفل توفر لهم الإغاثة السورية التعليم، قال مقبل: علينا أن نوفر التعليم عن بعد.
ولكن كثيرا من العائلات ليس عندهم كهرباء، ناهيك عن أجهزة قادرة على استخدام الإنترنت.
زيادة العنف
ومع ذلك، قال مقبل: "لا يمكننا إيقاف التعليم تماما، حيث نجد أن الأطفال أكثر عرضة للأذى والاستغلال والاعتداء عندما تكون المدارس مغلقة، أو حين يكونون بعيدين عمن يقومون برعايتهم".
كما أن العنف القائم على نوع الجنس يزيد أيضا، بحسب مقبل، ولكن هذه التوجهات كانت في حالة تزايد بسبب الصراع في إدلب، ولكن أزمة كوفيد-19 جعلت ذلك يزيد فجأة، وفق قوله.
أوضاع اقتصادية مأساوية
والسوريون الذين كانوا يجدون صعوبة في الحصول على المواد الغذائية، يواجهون أسعارا متزايدة لتلك المواد، كما اضطربت سلسلة الإمداد.
وبموارد محدودة واقتصاد متدهور، يتم دفع الناس في إدلب مرة ثانية إلى شفير المجاعة.
وأكد مقبل أن كوفيد-19 يقتل الناس ويهاجم لب الاقتصاد – التجارة وسلاسل الإمداد والأعمال والوظائف. وتواجه المواد المستوردة التي يعتمد عليها شمال غرب سوريا قيودا. والعمل قليل، والناس فقراء لدرجة أنهم يقبلون أي فرصة للعمل.
وتجد المنظمات غير الحكومية نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات صعبة؛ إيقاف عملها والتقليل من خطر جلب العدوى من الخارج، أو الاستمرار في العمل للمساعدة في مكافحة التفشي الذي لا بد أن يقع.
وقال مقبل: "على عاملينا في القطاع الصحي التركيز على مكافحة فيروس كورونا أو معالجة سوء التغذية".
وأضاف: قمنا مؤخرا بفتح مستشفيين جديدين في شمال سوريا، ونحاول جمع 15 مليون دولار لمكافحة كوفيد-19، ولكننا نعتقد أن مكافحة فيروس كورونا في إدلب سيستمر حتى بعد دخول عام 2021 وسيكون أثره بنفس دمار القتال.