هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جدد البنك الدولي حديثه عن التداعيات التي خلفها فيروس كورونا على بنية ومستقبل الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الجائحة سببت "صدمة سريعة وضخمة" أغرقت الاقتصاد العالمي في أسوأ تدهور منذ العام 1870، على الرغم من المساعدات المالية الحكومية غير المسبوقة.
وتوقّع البنك الدولي في تقرير نشره، الاثنين، حول الاقتصاد العالمي انكماشا بنسبة 5,2 بالمئة في العام 2020، سيكون الأسوأ منذ 80 عاما، معتبرا أن العدد الهائل للبلدان التي تتكبّد خسائر اقتصادية يشير إلى أن مفاعيل الانكماش ستكون أسوأ من أي ركود شهدناه في السنوات الـ150 الماضية.
وقالت مساعدة رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون النمو المتوازن، سيلا بازارباسيوغلو، إن "التوقعات واقعية للغاية، إذ من المرجح أن تسبب الكارثة ندوبا (تداعيات سلبية) طويلة الأمد، وأن تطرح تحديات دولية كبرى".
وتوقّع البنك الدولي أن يطاول الفقر المدقع ما بين 70 ومئة مليون شخص بسبب كوفيد-19، بعدما كان قد قدّر سابقا عدد هؤلاء بـ60 مليونا.
وفي حين توقّعت المؤسسة المالية الدولية، التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، انتعاشا اقتصاديا في العام 2021، تخوّفت من أن تقوّض موجة ثانية من تفشي الوباء التعافي، وأن تحوّل الأزمة الاقتصادية إلى أزمة مالية تشهد "موجة تخلّف عن السداد".
وكانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، أشارت في أيار/ مايو الماضي، إلى تعديل محتمل بالخفض لتوقعات الاقتصاد العالمي، محذرة الولايات المتحدة والصين من إعادة إشعال حرب تجارية قد تقوض التعافي من جائحة فيروس كورونا.
وقالت جورجيفا حينها إن أحدث البيانات الاقتصادية للكثير من الدول تأتي دون توقعات الصندوق المتشائمة بالفعل لانكماش بنسبة ثلاثة بالمئة في 2020.
وزادت :"دون حلول طبية حاليا، ربما تتحقق للأسف سيناريوهات أكثر سلبية بالنسبة لبعض الاقتصادات"، مضيفة: "من غير المعلوم سلوك هذا الفيروس الذي يصعب التنبؤات".
اقرأ أيضا: صندوق النقد متشائم حيال توقعات الاقتصاد العالمي
ويواجه الخبراء الاقتصاديون صعوبات كبرى في تحديد حجم الأزمة التي شبّهوها بكارثة طبيعية عالمية، نظرا للحجم الهائل للتأثيرات التي تطاول دولا وقطاعات عدة، وهو ما يصعّب توقع توقيت أي انتعاش.
وبحسب السيناريو الأسوأ، يمكن أن تصل نسبة انكماش الاقتصاد العالمي إلى 8 بالمئة.
وحذّرت بازارباسيوغلو بأن التوقعات يمكن أن تشهد مزيدا من الخفض نظرا لسيطرة الضبابية على تداعيات الجائحة التي لا تزال تتفاعل.
الصين تسجّل نموا طفيفا
وعلى الرغم من أن الصين قد تكون الدولة الوحيدة التي تسجل نموا هذا العام، إلا أن شدة تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم ستؤثر سلبا على آفاق تعافي الدول النامية، بخاصة الدول المصدّرة للسلع الأساسية.
وفي حين سينمو إجمالي الناتج المحلي الصيني بنسبة واحد بالمئة، يتوقّع البنك الدولي أرقاما سلبية في بقية الدول: 6,1- بالمئة في الولايات المتحدة، 9,1- بالمئة في منطقة اليورو، 6,1- بالمئة في اليابان، 8- بالمئة في البرازيل، 7,5- بالمئة في المكسيك، و3,2- بالمئة في الهند.
وحذّر البنك الدولي بأن الأمور قد تتّجه للأسوأ ما يعني أن التوقعات يمكن أن تشهد مزيدا من الخفض.
لكن على الرغم من سوداوية الأرقام، تبقى التوقعات الحالية أفضل من الأرقام التي نجمت عن الكساد الكبير الذي سبّب انكماشا عالميا بنسبة 14,5 بالمئة بين عامي 1930 و1932، ومن الانكماش الذي بلغ 13,8 بالمئة الذي سجّل في أعقاب الحرب العالمية الثانية بين عامي 1945 و1946.
ويتحدث تقرير البنك الدولي عن مخاطر "كبرى" قد تزيد سلبية التوقعات لا سيما في حال لم يتم وقف تفشي الوباء أو ظهور موجة ثانية منه، ما سيدفع السلطات إلى إعادة فرض قيود قد تفاقم التدهور، وترفع نسبة الانكماش إلى 8 بالمئة.
ونبه التقرير إلى أن "اضطراب الأنشطة قد يضعف قدرة المؤسسات التجارية على مواصلة عملها وتسديد ديونها".
ومن شأن هذا الأمر أن يرفع معدلات الفائدة بسبب تزايد مخاطر تخلّف المقترضين عن السداد. واعتبر تقرير البنك الدولي أنه "مع بلوغ الديون أعلى مستوياتها تاريخيا، قد يؤدي هذا الأمر إلى تخلفات بالجملة وأزمات مالية في اقتصادات دول عدة".
وإن صحّت التوقعات بانتعاش الاقتصاد العالمي بنسبة 4,2 بالمئة في العام 2021، يبقى "من المرجّح أن يلقي الانكماش الحاد الناجم عن كوفيد-19 بثقله لسنوات على الإيرادات المحتملة لدول عدة".