مراقبون يقرأون مدى استجابة العرب لنداء مصر حول سد النهضة

فتحت مطالبة القاهرة الرسمية من الدول العربية، مساعدتها بملف سد النهضة، بعد وصول الملف بين إثيوبيا ومصر لطريق مسدود، العديد من التساؤلات حول جدوى المطالبة وقدرة "العرب" على المساعدة الفعلية في ظل وصول "السد" لمراحله شبه النهائية .

مطالبة مصرية تأتي في الوقت الضائع من عمر الملف، وبعد مطالبات من القاهرة بتدخلات أمريكية يبدو أنها لم تجد نفعا مع الإصرار الإثيوبي على إتمام ما يراه الإثيوبيون مشروع القرن.

ورأى مراقبون في تصريحات خاصة لـ" عربي٢١"، أن العلاقات التي تربط عددا من الدول العربية بإثيوبيا، والاقتصادية منها على وجه الخصوص، لن تكون ضمن حسبة الضغط، فالمصالح الحيوية تلعب الدور الرئيس في عالم تحكمه المصالح اليوم .

مناشدات وبيانات  
ومؤخرا طالب وزير الخارجية المصري سامح شكري ، الدول العربية بالوقوف إلى جانب مصر في أزمة سد النهضة ، خلال كلمته باجتماع وزراء الخارجية العرب بجامعة الدول العربية، لمناقشة أزمة ليبيا وسد النهضة.

وبالفعل أصدرت جامعة الجامعة بيانا لدعم القاهرة، أكد على أن الأمن المائي لمصر والسودان "جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي"، مشددا على ضرورة امتناع إثيوبيا عن البدء في ملء خزان السد، دون التوصل إلى اتفاق مع دولتي المصب.

حبر على ورق
وفي هذا السياق قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبد الله الأشعل، "إن أي قرارت عربية لن تزيد عن كونها حبر على ورق، ولن تجدي شيئا سواء في أزمة سد النهضة ودعم مصر أو أي قضية أخرى، لأن  الجامعة انتهى دورها منذ عدة سنوات، ولم تعد مفعلة في أي قضية عربية، وما أكثر القضايا الملتهبة  التي فشلت فيها".

اقرأ أيضا :  لماذا تهدد مصر بالحرب في ليبيا وليس في إثيوبيا؟

وأضاف في حديثه لـ "،عربي٢١"ما يجري لن يؤثر على أثيوبيا بأي شيء لأنها مدعومة من الكيان الصهيوني  ولن يفيد مصر أيضا، لأنه لن يغير واقعا صار موجودا بالفعل ، وبالتالي لم يعد الأمر منطقيا أن تتحرك الجامعة في هذا التوقيت وكان أحرى بالدول الداعمة لإثيوبيا أن توقف دعمها لها .

تنازل مصري
من جانبه قال خبير القانون الدولي د. سيد ابو الخير أن الدول العربية تعرف أن مصر وقعت وتنازلت بمحض ارادتها مقابل الاعتراف بالانقلاب، لذلك لا تتدخل فى الأمر ، كما أن هناك دولا مثل السعودية والإمارات والكويت تربطها علاقات اقتصادية مع إثيوبيا، واستثمارات بمبالغ كبيرة في مجال البنى التحتية والمياه .

وتساءل ابو الخير في حديثه لـ" عربي21" "لماذا تدعم السعودية والإمارات مصر فى ليبيا ولا تدعمها فى سد النهضة؟ مجيبا: السبب الرابط الاقتصادي مع أديس أبابا فهناك علاقات اقتصادية كبيرة ، وعليه لن تقف هذه الدول مع مصر على حساب استثماراتها التي بلغت ارقام كبيرة ،فضلا عن تفريط مصر نفسها في حقوقها المائية".

ووصف ابو الخير القرارت الأخيرة الصادرة عن اجتماع جامعة الدول العربية، بأنها مجرد توصية وليست ملزمة وبالتالي لن تفعل عمليا، فضلا عن تحفظ بعض الدول على هذه القرارت، كما حدث من جانب الصومال وجيبوتي وتحفظ سوداني على قرار سابق.

كلام مستهلك
أما رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، مصطفى خضري، فقال من جهته إن مناشدة مصر الدول العربية لمساعدتها لن يزيد عن كونه "كلاما مجانيا مستهلكا، كما أن الدول العربية التي لها ثقل وقيمة حقيقية بالملف مثل السودان والصومال وجيبوتي وإرتريا، كدول جوار استراتيجي لإثيوبيا لم تنفتح عليها الدبلوماسية المصرية ولم تولها الأهمية، حتى تشكل معها ضغطا على إثيوبيا".

وأضاف في حديثه لـ"عربي٢١"، " الأنظمة العربية الحليفة للسيسي هي الداعم الأكبر لإثيوبيا ، تلك الأنظمة لديها اعتقاد جازم بأنها ستتسيد المنطقة العربية في حال انهيار مصر، لذلك ضخت مليارات الدولارات لاسقاط تجربتها الديموقراطية، وسعت في الاستيلاء على بعض من ترابها ومقدراتها، وتسعى في توريط جيشها بالمستنقع الليبي وإعطاش شعبها بالسد الأثيوبي حتى يكون الطريق ممهد لها في السيطرة على المنطقة" .

وأكد على أنه "لم يعد هناك وقت حتى لو توفر الدعم العربي، فايجاد حل دبلوماسي بات مستحيلا مع دولة هددت غير مرة أنها ستكمل مشروعها الاستراتيجي بكل السبل، كما أن الحلول الدبلوماسية انتهت فعاليتها منذ سنوات، واستطاعت إثيوبيا أن تستهلك الوقت بشكل محترف وعليه لم يتبق حاليا أمام مصر إلا الحل العسكري".