ملفات وتقارير

ما دلالة "تكسير العظم" بين الوزارة و"الأعلى للإعلام" بمصر؟

استحداث السيسي وزارة للإعلام في ظل وجود هيئات أخرى متعددة خلق فوضى عارمة وتداخلا بالصلاحيات- جيتي
استحداث السيسي وزارة للإعلام في ظل وجود هيئات أخرى متعددة خلق فوضى عارمة وتداخلا بالصلاحيات- جيتي

تَطَوَرَ الصراع المكتوم بين المجلس الأعلى للإعلام بمصر (الذي يضم الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام)، وبين وزارة الدولة للإعلام، التي تم استحداثها في آخر تشكيل حكومي، ليصل إلى تبادل التصريحات المسيئة ثم الاتهامات وصولا إلى الاعتداء على المقرات.

وفي صراع أشبه بمعركة "تكسير العظام"، تقدم المجلس الأعلى للإعلام قبل يومين، ببلاغ للنائب العام ضد وزارة الدولة للإعلام، تضمن وقائع الاعتداء على مقر المجلس والاستيلاء على مستنداته وتعطيل العمل به وترويع العاملين ومنعهم من أداء عملهم.

والاثنين الماضي، اشتكى الأعلى للإعلام عبر مذكرة لرئيس الوزراء، على وزارة الإعلام، بشأن "الاعتداء الذي قام به موظفو الوزارة على مكاتب وقاعات المجلس بالاستعانة بـ18 من موظفي الأمن بالوزارة".

مرحلة هيكل الجديدة

 
واتهم المجلس، الوزارة في مذكرته بالاستيلاء على المكاتب والمستندات التي بداخلها في مبنى "ماسبيرو"، مشيرا إلى أن "العمل توقف تماما بسبب هذه الاعتداءات واقتحام الغرف والقاعات وتغيير مفاتيحها والاستيلاء على مكاتبها وما في داخلها".

وقال مصدر بالمجلس الأعلى للإعلام، طلب عدم ذكر اسمه، إن "ما جرى من اعتداءات على مكاتب المجلس الأعلى، هو إيذان بقيادة جديدة للمشهد الإعلامي من خلال وزير الدولة لشؤون الإعلام".


وأكد المصدر أن "ما قام به مكرم محمد أحمد من قبل ورغم تأييده الشديد للنظام، وحرصه على استقلال المجلس الأعلى للإعلام بقيادته، كان يهدف للتماهي مع رؤية النظام، إلا أن ذلك لم يعجب المسؤولين عن الملف الإعلامي، ولذلك من المتوقع أن يكون الشكل الجديد للمجلس أكثر انسجاما مع الوزير وتحت تصرفه".

الإطاحة بمكرم العتيق

 
يأتي ذلك بالتزامن مع إصدار رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، قرارا بإعادة تشكيل الهيئات المختصة بالإعلام وتشمل المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة كرم جبر والإطاحة بمكرم محمد أحمد.


اقرأ أيضا :  قطاع التطوير داخل التلفزيون المصري ينقلب على أبناء ماسبيرو


واستحدث السيسي في كانون الثاني/ ديسمبر 2019 منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام، والذي تم إسناده لوزير الإعلام الأسبق في حكومة المجلس العسكري بعد ثورة 25 يناير 2011، أسامة هيكل، ما أثار لغطًا في ظل وجود عدد من الهيئات التي تتولى مسؤولية الإعلام.

اختصاصات فضفاضة

 
لكن وزير الدولة الذي ظل باختصاصات مبهمة وعلى خلاف مع المجلس الأعلى للإعلام منذ اليوم الأول لتوليه منصبه، حظي ببعض الاختصاصات عندما أصدر رئيس مجلس الوزراء في 28 / 1 / 2020 قرارا بتحديد مهام واختصاصات وزير الدولة للإعلام .

ومن بين تلك المهام: اقتراح السياسية الإعلامية للدولة، طرح وإبراز مجهودات الدولة ومشروعاتها القومية، وتمثيل الدولة بالمؤتمرات والمحافل الدولية، وإعداد خطط التعامل الإعلامي مع المواقف السياسية المختلفة محليا ودوليا، والإشراف على خطة تطوير أداء وسائل الإعلام، ومراجعة البيانات الصادرة من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء كافة في حالات الأزمات.

هذه التطورات تأتي بعد أيام قليلة فقط من اتهام هيكل لنقيب الإعلاميين "بإدارة نقابة سرية" بعد رفض الأخير ما سماه "تدخل وزير الدولة للإعلام في شؤون النقابة بطلب بيانات أعضاء النقابة ومن تقدم لها ومن لم يتقدم، بدعوى أنه ليس للوزير ولاية على النقابة لأنها جهة مستقلة".

أين كفة صراع أذرع الإعلام

 
من جهته يرى الكاتب الصحفي، وعضو نقابة الصحفيين، أبو المعاطي السندوبي، أن غلطة مكرم كانت بنقل الخلافات والصراعات خلف أبواب الغرف المغلقة إلى العلن؛ لذلك جاء قرار الإقالة بعد تقدمه ببلاغ للنائب العام ضد وزير الإعلام، فهؤلاء العصابة لا تحب نقل خلافاتها للجمهور، فالعصابات لا تعمل في النور ولا تسمح أن تظهر بأنها مفككة وغير منسجمة.

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "الفترة المقبلة سوف تشهد إدارة المشهد الإعلامي من قبل محررين عسكريين مثل (هيكل)، وانتهاء مرحلة سدنة الصحافة المهنيين من أمثال (مكرم) وبدء مرحلة المحررين العسكريين الذين يحملون لقب صحفي أو إعلامي".

وأشار إلى أن "جناح ( أسامة هيكل) هو الذي تسيد المشهد الإعلامي الآن، خاصة أنه هو الوحيد وياسر رزق الذين حصلوا على دورة تدريبية كاملة في أكاديمية ناصر العسكرية لأربع سنوات، وبالتالي نتوقع المزيد من غلق منافذ التعبير المغلقة أصلا، وجزء مما يحدث هو صراع بين الأذرع الإعلامية لمصالحها الشخصية لكسب النفوذ السلطة".

صراع نفوذ وتملق

 
بدوره قال أحمد عبدالعزيز، المستشار الإعلامي للرئيس الراحل، محمد مرسي، إن "تكسير العظام الذي يجري بين الأعلى للإعلام، ووزارة الدولة للإعلام، يعكس بكل وضوح (الكفر) بالدستور والقانون، وانتهاج أسلوب "البلطجة" في الإدارة، من قِبَل سفهاء الأحلام الذين يديرون مصر اليوم".

وأضاف عبد العزيز لـ"عربي21": "لم يكن مشهد الانقلاب على إرادة الشعب والرئيس المنتخب إلا بداية الدخول في "فوضى ممنهجة"، الغرض منها إخراج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني، وعدم تمكين الشعب المصري وشعوب الربيع العربي من تحقيق حلمها في العيش الكريم والحرية المسؤولة والخلاص من التبعية للخارج".

وتابع: "في الحقيقة.. لا أعتبر هذا الصراع صراعا على مسؤوليات وصلاحيات بقدر ما هو صراع على النفوذ، والمكاسب المادية، والاقتراب أكثر من سلطة الانقلاب التي تتابع بكل سرور هذه العبثية، فهي المستفيد في النهاية من ذلك الصراع، وليس مصر التي تحقق (في الوقت ذاته) انهيارات مرعبة، وخسائر فادحة على كل الصعد، وفي كل المجالات".

التعليقات (0)