هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة
"صاندي تايمز" البريطانية، إن منطقة الساحل الإفريقي تحولت فيه إلى "مستنقع"
لفرنسا، تماما كما تحولت أفغانستان إلى مستنقع لبريطانيا والولايات المتحدة
الأمريكية.
وأشارت إلى أن
مشية الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، "المنتصرة" في شوارع مدينة
تمبكتو. لن تنسى، حين قدم له سكانها جملا أبيض نادرا، لنشره القوات الفرنسية،
لإنهاء احتلال تنظيم الدولة للمدينة الشهيرة في مالي.
وكانت قرار
هولاند في حينه منح الجمل لعائلة محلية، لكي تعتني به وترعاه، لكن السكان قتلوا
الجمل وطبخوا عليه الطاجين بعد مغادرة الرئيس الفرنسي لمالي، كما ذكرت عدة روايات،
وبحسب الصحيفة "لم يكن انتصار هولاند أفضل من حظ الجمل الأبيض، فبعد سبعة
أعوام لا تزال القوات الفرنسية هناك وعاد الجهاديون وبقوة.
ونقلت الصحيفة
عن خبراء قولهم، إن منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، التي تضم مالي وعددا آخر من
المستعمرات الفرنسية السابقة أصبحت "مستنقعا" لآلاف من قوات حفظ السلام
التابعة للأمم المتحدة بقيادة فرنسا.
وتقول فلور
بيرغر من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، "واجهت أمريكا وبريطانيا
أفغانستان ولكن فرنسا لديها الساحل".
وأضافت
الصحيفة أن فرنسا كان لديها رأي رومانسي، حول الصحراء المقفرة من مقاومة استمرت
قرنا، وأدت إلى أدبيات تتحدث عن الكثبان الرملية المتلألئة، إلى المقاتلين الطوارق
الأشداء على جمالهم إلى الفيلق الأجنبي.
ولكن الواقع
مختلف عن هذه الرؤية الرومانسية، فالمنطقة هي طريق لتهريب المخدرات إلى أوروبا
وتحولت إلى ساحة حرب واسعة تنتشر فيها الجماعات المسلحة الإرهابية، وقتل المدنيين
بمن فيهم الأطفال، وحرقهم أحياء، بل وجر الناس من الحافلات وقتلهم.
اقرأ أيضا: موقع فرنسي: ماكرون تعمد مهاجمة تركيا بحضور قيس سعيد
وتم قتل رجل
مشلول في مالي، حيث تم تفخيخ جثته بالمتفجرات وقتل 17 من المشاركين في جنازته. وفي
بوركينا فاسو القريبة من مالي وضع الجهاديون المتفجرات في جثة ميت، يرتدي الزي العسكري
وقتل نتيجة للانفجار ضابطي شرطة وطبيب عسكري. وسجل في العام الماضي 5 آلاف قتيل
فيما وصل العدد هذا العام 3900 قتيلا وهجر آلاف من منازلهم وقراهم بسبب المذابح
التي ترتكب.
وتقول الصحيفة
إن الفوضى التي تشهدها منطقة الساحل لها جذورها بالاضطرابات التي أعقبت الإطاحة
وقتل الزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011. وفرار عدد من أتباعه إلى دول الساحل.
وقاد هذا إلى ثورة بقيادة الطوارق والتي استغلها الجهاديون في شمال مالي.
وقالت إن
هؤلاء قاموا بتدمير المزارات الصوفية في مدينة تبمكتو، التي تعتبر من التراث
العالمي بالإضافة لحرق المخطوطات الإسلامية. وأوقفت القوات الفرنسية زحف الجهاديين،
باتجاه العاصمة باماكو في الجنوب حيث تشتتت قواتهم في الصحراء.
ولفتت إلى
أنهم عادوا واستعادوا تنظيمهم وجمعوا أنفسهم في عام 2017، حيث شكلت جماعة أنصار
الشريعة حلفا مع تنظيم الدولة. وتتداخل هذه الجماعات الجهادية مع عصابات الجريمة،
التي تتجول في الصحراء على الشاحنات والدراجات النارية، في منطقة تعدل مساحتها
الهند ومن الصعب السيطرة عليها.
ونشرت فرنسا 5100
جندي بمن فيهم الجيل الجديد من الفيلق الأجنبي من انجامينا، عاصمة تشاد. وهناك 15000
من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة حيث ستقوم بريطانيا بنشر 250 جنديا هناك
إلى جانب 1100 جندي أمريكي في النيجر. إلا أن جيوش خمس مستعمرات فرنسية سابقة تبدو
غير قادرة على مواجهة الجهاديين. ففي هجومين على مالي وبوركينا فاسو قتل الجهاديون
العام الماضي مئات من الجنود ونهبوا ترسانات أسلحة.
وقالت إيفون
غيشاوا من مدرسة بروكسل للدراسات الدولية "شعرالفرنسيون بالرعب من عدم وجود
مقاومة بل وهرب الجنود". وبدلا من قتال الجهاديين تقوم الجيوش في مالي
وبوركينا فاسو والنيجر بقتل المدنيين الأبرياء لاشتباهها بهم.
واستغلت مليشيا
مسلحة دعمتها فرنسا مثل المتوكلون على الله وحراس الغابة، الحرب لتصفية حسابات
إثنية قديمة. وفي العام الماضي ذبح 160 شخصا في قرية أوغوساغو والتي تعرضت للهجوم هذه المرة حيث قتل 35 شخصا. وتقول
كورنين دوفكا، مديرة هيومان رايتس ووتش في غرب أفريقيا، "لا تخشى الميليشيات
المسلحة العقاب عما ترتكبه"، و"كانت المذبحة في أوغوساغو كانت رهيبة لأن
الجيش المالي وقوات حفظ السلام كان بإمكانها وقفها".
وبسبب الغضب
ضد المذابح فقد اضطرت فرنسا التخلي عن استراتيجتها العسكرية. وحققت باريس نجاحا
حيث استطاعت القوات الفرنسية الخاصة قتل عبد المالك الدروكالي، زعيم الجهاديين
والذي تمت ملاحقته بمساعدة من الأمريكيين في النيجر. ولم يكن أحد يعرف بالوجود
الأمريكي هناك إلا بعد مقتل أربعة من جنود العمليات الخاصة في عام 2017.
ويزداد القلق
في فرنسا من المأزق في منطقة الساحل. وعندما مات 13 جنديا في تحطم مروحيتهم في
مالي، حذر برونو كيليتس بولي، المنسق العسكري السابق لوزارة الخارجية من أنه لم
يعد بالإمكان تجنب الحديث عن قوة الجهاديين. ومضى قائلا " هل أصبحت لديهم
المبادرة ويبدو أنه لم يعد لدينا فكرة حول كيفية الخروج من المستنقع".