تجد خطة الضم الصهيونية معارضة شديدة على المستويين الداخلي والدولي، وتتعرض الخطوة الصهيونية المنتظرة لانتقاداتٍ شديدة، إلا من بنيامين
نتنياهو الذي يسعى من خلال خطته القائمة على قضم ما تبقى من الكعكة
الفلسطينية للهروب إلى الأمام، بعيدا عن فتح ملفات الفساد المتورط فيها، وهو معني بإعادة خلط الأوراق من جديد، وإرباك المشهد بما يتوافق مع أفكاره القائمة، على أن الأمور كلما ازدادت صعوبة، فإنه الأصلح لقيادة المرحلة بكل تعقيداتها.
كمرحلةٍ أولى، تسعى الحكومة الصهيونية لفرض سيادتها الكاملة على غور الأردن، وعلى المستوطنات الكبيرة القريبة من الخط الأخضر، ما يعني أن إقامة دولة فلسطينية أصبحت ضربا من الخيال، وقتلا متعمدا لأي فرصة تسوية مستقبلا، ومن ثم سقط الرهان على نهج المفاوضات، وإلى الأبد. لكن السؤال المطروح: ما مصير أولئك الذين أَضاعوا حقوق الفلسطينيين المشروعة على مذبح المفاوضات، على مدار عقود، والنتيجة لم تكن صفرية، بل أقل من ذلك وأدنى؟
بحكم الواقع الجديد، فإن المستوطنات المبنية في مناطق الضفة الغربية، أو التي سيتم بناؤها مستقبلا، سيخضع سكانها بالضرورة للحكم الصهيوني، مثلهم مثل الصهاينة الذين يعيشون على الجانب الآخر من الخط الأخضر، وهذا الأمر ربما يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية إلا من الجانب الأمني، إن هي قررت الاستمرار في هذا المسار المشين. ألا تعلم قيادة السلطة الفلسطينية أن الحكومة الصهيونية تستهدف أن يراوح الفلسطينيون مكانهم وفق قاعدة "اللا دولة"؟
لا أحد يعرف على وجه الدقة ما الذي سيحدث في اليوم التالي من تنفيذ خطة الضم الصهيونية، إلا أن المؤشرات تتجه نحو توتير الأجواء وفتح المجال لانتفاضة فلسطينية هذه المرة، ما يعني أن الجانب
الإسرائيلي مدعو لتحمل مسؤولية تصرفاته على الأرض. فالطريق أمام المقاومة بات مفتوحا على مصراعيه لتقود معركة المواجهة القادمة، فالفلسطينيون ليس لديهم ما يخسرونه على الإطلاق.
على المستوى الوطني، فإن خطة الضم تستهدف الدولة الأردنية، وتمهد لهجرةٍ فلسطينية جديدة، وتنهي آخر حدودٍ فلسطينية مع دولة عربية، وتسمح بسيطرة الاحتلال على ثروات وخيرات الأغوار التي لا مثيل لها، ومن ثم فإن خطة الضم تعني فيما تعني نكبة جديدة تستوجب ردا أردنيا صارخا ومدويا غير مسبوق؛ يلجم الاحتلال وينهي أحلامه على صخرة الصمود والإرادة المتحدة أردنيا وفلسطينيا، وإلا فإن البديل خطير، فالخطوة الصهيونية تمثل جريمة القرن، ومؤامرة تسعى لإنهاء الأمل بدولة فلسطينية ذات سيادة، أما تهويد القدس، فهو الخطوة التالية.