سياسة عربية

"عربي21" تحاور يزيد الصايغ عن علاقة السيسي بإسرائيل (ج2)

يزيد الصايغ بي بي سي
يزيد الصايغ بي بي سي

قال البروفيسور يزيد الصايغ، أحد الباحثين الرئيسيين في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إن الجيش المصري لا زال يتمتع بثقة شريحة كبيرة من الفقراء، لدوره في تقديم بعض المساعدات وتوفير الخدمات في أوقات الأزمات الاقتصادية.

وفي الجزء الثاني من حواره الخاص مع "عربي21"، يجيب الصايغ على معضلة العلاقة الجدلية، بين الجيش والسيسي، أي من يسيطر على من.. الجيش أم السيسي؟ حيث أخذت العلاقة بين الطرفين أشكالا مختلفة، مرتبطة بمدى رضا كل طرف عن الآخر وتحقيق مطالبه.

وفيما يتعلق بنهم السلطات المصرية، لعقد المزيد من صفقات التسلح مع الدول الغربية وروسيا، ومدى الحاجة إليها من عدمها، في ظل العلاقات القوية والحميمة بين مصر وإسرائيل، يرى صايغ أن هذا النهم مرتبط بأسباب داخلية وخارجية، ولكنه يفوق احتياجات القوات المسلحة المصرية بكثير.

وفي ختام الحوار، دعا إلى إعادة النظر في العلاقة بين السلطتين المدنية والعسكرية من أجل إفساح الطريق للمدنيين للعب دور حقيقي في الحياة السياسية، وإعادة التوازن في العلاقة الحالية، وإصلاح حالة التشوه الموجودة بين الطرفين.

 

إقرأ أيضا: "عربي21" تحاور يزيد صايغ حول انقلاب الجيش بمصر (ج1)

هل تغيرت نظرة المصريين للجيش وضمن أي اتجاه؟


يبدو أن أكثرية المصريين لديهم ثقة كبيرة بالقوات المسلحة، هناك شريحة كبيرة من الفقراء ينظرون للجيش على أنه يساعدهم وينقذهم سواء من خلال المساعدات (الكراتين الغذائية) أو توفير الخدمات في المناطق النائية، والجيش استطاع نشر صور إيجابية عن نفسه من خلال سيطرته على الإعلام، وإعلامه الخاص وإعلام أجهزة الدولة، فهناك صور إيجابية شاملة في كل مكان.

دخول الجيش ضمن عجلة الاقتصاد إلى أي مدى أفقده الكثير من صورته الإيجابية؟


لا أعتقد أن الجيش تأثر سلبا من تدخله بالاقتصاد، على الرغم من أن هناك شرائح من رجال الأعمال والشركات الخاصة باتت تنزعج وتتضرر مباشرة من نشاطات الجيش الاقتصادية، ولكن لا يبدو أنه تحول حتى الآن إلى نظرة سلبية عامة، ومن غير الواضح أن النشاط الاقتصادي للجيش وإن كان غير مجد اقتصاديا وماليا بالواقع، لكن حتى الآن لا أعتقد أنه يخلق مشاكل ومتاعب سياسية للجيش أو حتى لإدارة السيسي.

من يسيطر على من السيسي على الجيش أم العكس؟

 
سؤال جيد، لأن هناك نوعا من التوازن أو العلاقة الجدلية بين الرئيس السيسي وبين القوات المسلحة، السيسي يبدو أنه الشخص الأقوى في مصر دون شك، لكنه يرأس أيضا ائتلافا من بعض الأجهزة الرسمية أو السيادية، أولا القوات المسلحة ووزارة الدفاع، وثانيها وزارة الداخلية ثم أطرافا أخرى كالقضاء وغيرها.

هذا يعني أن السيسي يحتاج لهذه الأطراف الأخرى، ولا بد أن يرضيها بمنحها استقلالية (مالية) ومصالح خاصة بها تديرها لنفسها منها مصالح تجارية واقتصادية، هناك نوع من الأخذ والعطاء بين الطرفين فلا أعتقد أن السيسي يسيطر على الجيش بالمطلق ولا القوات المسلحة تسيطر على السيسي بالمطلق.

التعديل الدستوري الأخير الذي أدى إلى منح صفة فوق الدستورية للقوات المسلحة لجهة قرار التدخل بالسياسة العامة هو نوع من الرضوخ لرغبات الجيش من قبل السيسي، فالمسألة فيها الجانبان.

كيف ترى قدرات السيسي في إزاحة قيادات بارزة بالجيش؟

 
واضح أن السيسي يستطيع أن يزيح أي ضابط كبير، أو يغير في القيادات، يفعل ذلك كي يبقى مسيطرا، لكن في المقابل يبدو لي من توزيعه لصلاحية تكوين الشركات التجارية وتوزيعه على عدد متزايد من الأجهزة العسكرية وتوزيعه حين يمنح العديد من الأجهزة العسكرية والأمنية الحق في تشكيل الشركات التجارية هذا عمليا يعني استرضاء هذه الأطراف لأنه يحتاج إليها.

 

اقرأ أيضا: معركة ضم الضفة مستمرة.. هذه أسباب تجميدها ومستقبلها

 

لماذا التسارع في عقد صفقات أسلحة ضخمة للجيش.. من أعداء مصر؟

 
بالنسبة لصفقات الأسلحة هناك ثلاث جهات، الجهة الأولى، أن مصر بحاجة إلى بعض الإمكانات الجديدة ومنها البحرية لحماية حقول الغاز كحقل ظهر في البحر المتوسط، وهناك احتياج من هذا النوع.

ثانيا، هناك حاجة لإرضاء القوات المسلحة من قبل السيسي وإظهار الاهتمام بتمكينها بتوفير القدرات وبالإنفاق عليها، وهو هدف سياسي؛ لأنه ليس من الواضح أن الجيش بحاجة للمزيد من طائرات القتال من هذه الأنواع، بعض الأسلحة التي يشتريها هو بحاجة إليها كالنقل الجوي والبحري لكن غيرها من المقاتلات هذا واضح أنها ليست مطلوبة؛ لأن لدى الجيش مئات طائرات إف 16 الأمريكية وليس بحاجة إلى طائرات ميج روسية أو رافال الفرنسية.

ثالثا، السيسي يستخدم سياسة الأسلحة لبناء تحالفات خارجية مع دول أوروبية وروسيا للتوازن مع الولايات المتحدة، وبالتالي هناك هدفان سياسيان، داخلي وخارجي بالنسبة لعلاقات مصر الخارجية إلى جانب تطوير بعض القدرات القتالية، ونشهد ذلك في عملية بناء القواعد وتطوير البنية التحتية العسكرية وليس فقط شراء الأسلحة.

ما الذي تغير في عقيدة الجيش المصري بعد 3 يوليو؟

 
أعتقد أنه لا يزال هناك نوع من الإيحاء في التدريب بالقوات المسلحة المصرية أن إسرائيل هي العدو أو أحد الأعداء الممكنين، ولكن لا أعتقد أنه الأساس، وبالمقابل فإن مصر لن تعود في حالة حرب مع إسرائيل لا أرى أفقا لذلك، أُذكِر أنه حتى الرئيس محمد مرسي كان حريصا على الحفاظ والتوضيح للأطراف الخارجية أن مصر ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، ولا أعتقد أن ذلك سيختلف ولن يعود الجيش المصري لمقاتلة إسرائيل في ظل حكم أي رئيس أو حكم سياسي.

تضخيم الترسانة العسكرية هل يضمن لمصر تفوقا عسكريا؟

هناك أسئلة هامة من قبيل هل مصر بحاجة إلى جيش قوامه نصف مليون فرد؟ هل هي بحاجة إلى مزيد من دبابات وطائرات القتال؟ هذه أسئلة الإجابة عليها عموما أن هناك مبالغة في هذه الأرقام والاحتياجات، وأن أحد أسباب البقاء على هذه الأحجام هو نوع من القناعة والرغبة لدى قيادات القوات المسلحة بالحفاظ على وضعها السابق.

ولكن هذه القدرات لا تتماشى مع تطورات العلم العسكري والتكنولوجيا الحديثة والتي تدل على الحاجة لتحويل جذري لنوعية وتكوين وتركيب القوات المسلحة المصرية لتواكب التطورات المحلية والإقليمية والعصرية فهناك ضعف في هذه المجالات، وضعف في التخطيط وقدرة القوات المسلحة على التخطيط بعيد المدى.

في النهاية نرى أن هناك تعويضا عن ذلك بشراء المزيد من الأسلحة، وتكديسها والمزيد من الإنفاق دون أن يكون هناك تدقيق حقيقي في مدى جدوى هذه النظم والعقائد القتالية والهيكليات القتالية وهذه مشكلة مزمنة فيها.

ما الحاجة إلى وجود توازن بين السلطتين المدنية والعسكرية كما هو الحال في باقي دول العالم؟

 
لا بد من إعادة تركيب علاقة مدنية عسكرية سليمة تتيح للمدنيين أن يلعبوا دورا حقيقيا في جهد الدفاع من جهة وأن تنصاع القوات المسلحة للقرار السياسي المدني من جهة أخرى، وتستفيد من دور المدنيين، في الشؤون الدفاعية كما هو الحال مثلا في أهم وأقوى دول عسكرية في العالم مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، والتي نشهد فيها توزانا بين السلطتين المدنية والعسكرية، وحتى في الصين التي يحكمها حزب شيوعي نجد أن هناك توزانا بين المدني والعسكري، وأن المدني هو صاحب القرار وله دور في الإشراف والمساعدة في عملية التخطيط واختيار الأسلحة، وكذا عملية اختيار العقيدة القتالية.

التعليقات (0)