ملفات وتقارير

إطلاق سراح وجوه بارزة.. هل يريد تبون التصالح مع الحراك؟

يوجد 73 معتقل رأي في السجون الجزائرية موزعين على 27 ولاية بحسب إحصاء منظمة حقوقية- جيتي
يوجد 73 معتقل رأي في السجون الجزائرية موزعين على 27 ولاية بحسب إحصاء منظمة حقوقية- جيتي

استعاد أربعة من أبرز وجوه الحراك الشعبي في الجزائر، حريتهم في انتظار برمجة محاكماتهم، وذلك في خطوة من السلطة الحالية لمحاولة امتصاص الغضب الحقوقي والسياسي المتصاعد في ملف سجناء الرأي.


وبشكل مفاجئ، أُعلن الخميس عن الإفراج عن كريم طابو مؤسس الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي –قيد التأسيس- وأحد أبرز رموز الحراك الشعبي، بعد سجنه لأكثر من عشرة أشهر كاملة.


وجاء الإفراج عن طابو بعد تقديم طلب لمجلس قضاء الجزائر بذلك، تم قبوله على الفور، في سياق معاكس للمسار القضائي الذي تميز بالتشدد مع هذا السياسي خلال محاكماته الأخيرة.


لكن طابو لا يزال يواجه متاعب قضائية كبيرة، إذ تنتظره محاكمة اتهم فيها بإضعاف معنويات الجيش في شهر أيلول/سبتمبر، كما ستتم إعادة محاكمته في القضية التي توبع فيها بالتحريض على العنف والمساس بالوحدة الوطنية بعد طعنه في الحكم.


وتبع ذلك، الإفراج عن كل من سمير بلعربي وسليمان حميطوش وهما ناشطان بارزان في المجال السياسي والحقوقي، بعد معاناة 4 أشهر في السجن، بتهم تتعلق بالتحريض على التجمهر غير المسلح.


ويعدّ سمير بلعربي من أبرز النشطاء في السنوات الأخيرة، حيث كان يشارك باستمرار في كل النشاطات المناهضة لحكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة واشتهر بمناظراته على شاشات التلفزيون لأنصار بوتفليقة.


وفي نفس اليوم، قرّر مجلس قضاء تيبازة الإفراج عن الناشطة السياسية أميرة بوراوي، التي حُكم عليها قبل نحو أسبوع بعام حبسا نافذا، بعد إدانتها بمجموعة من التهم مثل إهانة هيئة نظامية وإهانة رئيس الجمهورية.


وجاء هذا الإفراج بصيغ قضائية بحتة، رغم إيمان كثير من المحامين بوجود إيعاز سياسي يحركه، بالنظر إلى التزامن الذي طبع عملية الإفراج عن هذه الشخصيات، وكذلك تعهد الرئيس عبد المجيد تبون قبل نحو شهر بإيجاد تسوية لملف كل من كريم وطابو وسمير بلعربي، وذلك ضمن مساعٍ قادها رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان.


"خطوة جيدة.. لكن"

 
وما يدعم فكرة وجود رغبة في تخفيف ملف سجناء الحراك، إصدار الرئيس تبون مرسوما رئاسيا يقضي بالعفو عن مجموعة من الشباب المدانين بأحكام نهائية، منهم من اتهم بإهانة شخص رئيس الجمهورية.


وفي تعليقه على هذا الحدث، قال سعيد صالحي نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن منظمته تثمن الإفراج عن بعض السجناء وتتمنى أن تقوم السلطة، بخطوة أخرى بخصوص باقي معتقلي الرأي ورفع كل المتابعات القضائية عنهم.


وكشف صالحي في تصريح لـ"عربي 21"، عن وجود 73 معتقل رأي في السجون الجزائرية موزعين على 27 ولاية، وهو عدد لا يستهان به بالنظر إلى حالة الاحتقان التي يخلفها بقاء هؤلاء النشطاء رهن الحبس.

 

اقرأ أيضا : انقسام حول التوقيت.. هل يعود الزخم لحراك الجزائر من جديد؟


وأبرز صالحي أن رابطته الحقوقية، تشجع السلطة للذهاب إلى إجراءات التهدئة من أجل إرجاع الطمأنينة وإعادة بناء الثقة المفقودة، وذلك تمهيدا لبدء مسار سياسي توافقي ديمقراطي فعلي يضمن تحقيق سيادة الشعب وتقرير مصيره بكل حرية.


ومما يخشاه المتحدث، العودة إلى نفس تجربة 2 كانون الثاني/يناير، عندما أطلق سراح عدد كبير من المعتقلين، ثم انتكس الوضع حسبه، عبر عودة عمليات الاعتقال والقمع إلى سابق عهدها.


"إفراج انتقائي"


ومن زاوية قانونية، قال المحامي عبد الغني بادي عضو هيئات دفاع معتقلي الرأي، إنه على عكس موجة الإفراج السابقة التي تخللتها الكثير من الانتهاكات القانونية، كانت الإجراءات القضائية هذه المرة سليمة.


لكن بادي في حديثه لـ"عربي 21"، اعتبر أن النقطة السوداء التي طبعت عمليات الإفراج الأخيرة، هي الانتقائية غير المبررة التي عومل بها السجناء، بالنظر لعدم تعميم العملية على كامل الولايات.


وذكر بادي، أن الذين استفادوا من الإفراج يستحقون ذلك، لكن الذين حرموا لا يوجد مبرر لتركهم في السجون، كون البعض منهم يشتركون في نفس الملفات مع المفرج عنهم.


وأضاف المتحدث أن المحامين لم يجدوا مبررا للاستثناءات سوى تحامل جهات داخل السلطة أمنية وسياسية على أشخاص بعينهم، يعتقدون أن وقت خروجهم من السجن لم يحن بعد.


"إمكانية بدء مسار جديد"

 
ومن اللافت، أن حدث الإفراج عن بعض سجناء الحراك البارزين، تزامن من حيث التوقيت، مع ذكرى الاستقلال الوطني للجزائر من المستعمر الفرنسي التي تصادف 5 تموز/ يوليو 1962.


وتحمل هذه الذكرى رمزية بالغة للجزائريين المرتبطين بشدة بتاريخهم الثوري، كما أنها تمثل بالنسبة للسلطة مناسبة لاتخاذ قرارات سياسية ذات مضمون تصالحي، مثل الإفراج عن السجناء.


ودفعت عاطفة المناسبة وتزامنها مع استعادة رفات شهداء المقاومة الشعبية التي مثلت حدثا وطنيا كبيرا، البعض إلى اقتراح بدء مسار جديد بعد تهدئة حالة الاحتقان السياسي في البلاد.


وفي رأيه حول إمكانية ذلك، يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، أن ذلك ممكن في حال أدرك النظام السياسي دقة اللحظة التاريخية واستطاع التخلص من نمط تفكيره القديم.


وأبرز جابي في تصريحه لـ"عربي 21" أن من خصائص النظام السياسي الجزائري، تضييعه للكثير من فرص التغيير التي تمنح له لعدة أسباب من بينها عدم وجود مراكز قرار وتفكير تجيد الاستفادة من هذه الفرص واقتناصها، بالإضافة إلى ضعف الخيال السياسي وعدم وجود قيادات كاريزمية تقوم بقراءة للأحداث في وقتها.


هذه العوامل، جعلت النظام السياسي، حسب الباحث، غير قادر على اقتناص فرص الأعياد والمناسبات الوطنية كما هو الحال هذه الأيام، وهو ما ينطبق أيضا على فرصة الحراك الذي يعدّ في رأيه، أهم فرصة يمكن أن تستغل للتغيير بالنظر إلى قوة الانخراط الشعبي فيه ومعقولية مطالبه.

التعليقات (1)
ع غ
السبت، 04-07-2020 01:51 م
السؤال الصحيح هل يريد العسكر التصالح لان كذبون ( تبون الكاذب ) مجرد واجهة لهم والإجابة بالطبع لا فهم يناورون كالعادة للقضاء على الحراك الذي ينادي بدولة مدنية لاعسكرية