هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وافق مجلس النواب المصري، الإثنين، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959، بمنع الضباط من الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية دون موافقة عليا.
واعتبر مراقبون أن هذا القانون يأتي في خطوة جديدة نحو تعزيز قبضة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر على المستقبل السياسي للعسكريين، الحاليين أو المتقاعدين.
وتقضي التعديلات بعد إضافة فقرتين جديدتين إلى المادة 103، بعدم جواز الترشح للضباط؛ سواء الموجودين في الخدمة أو مَن انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة، لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ويحظر القانون رقم 232 لسنة 1959 على الضباط إبداء الآراء السياسية أو الحزبية، أو الاشتغال بالسياسة، أو الانتماء إلى الأحزاب أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات ذات المبادئ أو الميول السياسية، كما يحظر على الضباط الاشتراك في تنظيم اجتماعات حزبية أو دعايات انتخابية.
ومن شأن تلك التعديلات أن تحظر ترشح أي عسكري حالي أو سابق لانتخابات الرئاسة في مصر، على الرغم من أنه نفس الطريق الذي سلكه رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في الوصول إلى كرسي الحكم، وترشح في 2014 ببزته العسكرية.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي كلمة السيسي في آب/ أغسطس 2013 بعيد الانقلاب العسكري، اتهم فيها الرئيس الراحل محمد مرسي أنه أخذ معه سلم الديمقراطية فوق (أعلى)، قائلا: "اللي أنا شفته إن النظام السابق خد الديمقراطية سلم يصعد به للسلطة، طيب زق السلم وقعه، لا ده خد السلم معاه فوق، أقسم بالله اتقالي (قيل لي) جايين نحكم 500 سنة".
خد السلم معاه فوق 😂😂😂
— شؤون إسلامية (@Shuounislamiya) January 16, 2018
جالس أتفرج على خطاب السيسي بعد أيام قليلة من الانقلاب العسكري وهو يتحدث عن الديمقراطية
قعدت أضحك واضحك واضحك لحد ما قلت أضحك الناس معاية pic.twitter.com/I1TKVJKO7Y
عشرات العسكريين بالبرلمان
في نيسان/ أبريل 2019، أقرت مصر تعديلات على دستور 2014، منحت السيسي صلاحيات وسلطات واسعة، سمحت باستمراره في الحكم حتى 2030، وعززت قبضة الجيش على الحياة السياسية في مصر من خلال إضافة تعديلات وصفت أنها فوق الدستورية.
وأضافت التعديلات على المادة 200 إلى مهام القوات المسلحة: "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد".
كشف مصدر برلماني لـ"عربي21" أن "مشروع القانون جاء من الحكومة وليس من النواب؛ لأن (الرئيس) السيسي يرغب في تقنين مشاركة الضباط واللواءات المتقاعدين في الانتخابات النيابية والمحلية المقبلة، حيث تجرى هذا الشهر انتخابات الشورى، ثم البرلمان في وقت لاحق، وأخيرا المحليات".
وأوضح أنه "يتواجد العشرات من العسكريين المتقاعدين في المجالس النيابية والمحلية منذ عقود، ويريد ألّا يدخل أحد منهم ضمن أي حزب لا يدين له بالولاء، يضم مجلس النواب الحالي ما لا يقل عن 70 ضابط جيش وشرطة من أحزاب مختلفة ومستقلين، وكانوا لا يحتاجون إلى موافقة القوات المسلحة للترشح".
وأوضح: "يوجد على الساحة حزبان تابعان لقيادات عسكرية بارزة كحزب مصر العروبة الديمقراطي التابع للفريق سامي عنان، أحد الذين ترشحوا للانتخابات أمام السيسي قبل أن يلاحقه ويحبسه، وحزب الحركة الوطنية المصرية الذي أسسه الفريق أحمد شفيق، رئيس الحكومة الأسبق".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: تنامي قدرة الجيش المصري مقلق حال غياب صديقنا
ما علاقة انتخابات النواب والشيوخ؟
قال الباحث في الشؤون العسكرية المصرية، محمود جمال، إن "المجلس العسكري أصدر في 2011 قرارا استثنائيا يقضي بأن يظل أعضاء المجلس على قوة الاستدعاء حتى بعد نهاية خدمتهم، وعندما انتوى السيسي الترشح لانتخابات الرئاسة أخذ موافقة الأعضاء الحاليين وقتها والمستدعين، وكان هذا القانون سببا في محاكمة الفريق سامي عنان في عام 2018، بعد إعلانه ترشحه للانتخابات في 2014".
وأوضح لـ"عربي21" أن القانون موجود عسكريا، لكنه قننه مدنيا؛ لأنه لا توجد مادة في القانون المدني الحالي الخاص بمباشرة الحقوق السياسية تحول دون ترشح أي عسكري للانتخابات، وهو الذي استند له دفاع الفريق سامي عنان، لكن القانون شمل جميع فئات الضباط وليس القيادات فقط".
ولم يستبعد الباحث العسكري محاولة النظام المصري الحالي فلترة دخول العسكريين لمجلسي النواب والشيوخ بما يتوافق مع رغبته، قائلا: "هناك حزبان؛ أحدهما تابع للفريق أحمد شفيق، والآخر لفريق سامي عنان؛ وبالتالي فإن دخول أي عضو عسكري في الحزبين مرهون بموافقة المجلس العسكري الذي يتحكم فيه السيسي الآن".
عسكرة المشهد السياسي
أرجع النائب المصري السابق، ياسر عبد العاطي، التعديلات الجديدة قبيل الانتخابات النيابية والمحلية إلى "أن السيسي يريد أن يتحكم بالمشهد السياسي تحكما تاما عن طريق "عساكر" أشرف هو والمخابرات على ولائهم التام له وليس للدولة المصرية.
وأوضح لـ"عربي21" أن "الانقلابات العسكرية دائما ما يكون لدى القائم عليها هاجس الخوف ممن حوله، وأقرب مثال في مصر ما حدث مع الفريقين أحمد شفيق وسامي عنان، والضابط قلنسوة الذي تم الزج به في السجن، والسفير معصوم وهو رجل عسكري، وإقصاء كل من شاركوا معه في انقلاب 2013".
وأشار إلى أن "برلمان عبدالعال لم يكتف بذلك، حيث صدق على قانون مستشار عسكري لكل محافظة يكون ولاؤه للجيش وليس للدولة المدنية، ويكون الحاكم العسكري للمحافظة، وصاحب نفوذ أكثر من أي محافظ، ناهيك عن أن أغلب المحافظين من لواءات الجيش والشرطة السابقين".