هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ذكرت مجلة "فورين بوليسي"، أن أزمة تفشي وباء كورونا، ساهمت في تفاقم نقص المواد الغذائية، ما قد يغرق البلاد بأزمة إنسانية أعمق.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن الأزمة المركبة تمنح نموذجا بائسا يعكس كيف يمكن لآثار الجائحة على المدى البعيد أن تجعل الوضع الإنساني أسوأ في المناطق التي تمزقها النزاعات مثل جنوب السودان واليمن.
وأضافت أن ما يجعل الأمور أكثر سوءا هو التراجع الاقتصادي بسبب كورونا، ما فاقم من نقص المواد الغذائية على مستوى العالم.
وتوقع برنامج الغذاء العالمي، أن يتضاعف عدد الناس الذين سيواجهون الجوع الحاد على مستوى العالم من 135 مليونا إلى 265 مليونا.
وأشارت المجلة إلى أن سوريا تواجه هذه الأزمات مجتمعة، ويصنف أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 17 مليون نسمة على أنهم فاقدون للأمن الغذائي، وزاد هذا العدد بمقدار 1.4 مليون نسمة مع بداية العام بحسب برنامج الغذاء العالمي.
ونقلت المجلة عن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، أنه من المحتمل أن يواجه 2.2 مليون نسمة آخرين نقصا في المواد الغذائية، مشيرا إلى أن عدد المحتاجين في ازدياد.
وأوضحت أن المشاكل في سوريا متعددة، فهناك صعوبات في إنتاج وتوزيع المواد الغذائية، حيث تسبب الصراع بعرقلة تدفق الإمدادات من المنتجات الزراعية، والتي تعتبر عماد الاقتصاد السوري قبل الحرب، وكذلك المواد المستوردة، وحتى حينما تصل المواد الغذائية إلى الأسواق فإن ما بيد السوريين من مال لشراء تلك البضائع يتناقص يوما بعد آخر.
اقرأ أيضا: فيتو روسي-صيني ضد تمديد المساعدات الأممية إلى سوريا
وتابعت أن الزراعة في سوريا، تأثرت بسنوات من الجفاف سببه التغيرات المناخية، بما في ذلك جفاف كبير قد يكون هو سبب الانتفاضة أصلا قبل عقد، ناهيك عن الكارثة الاقتصادية في لبنان، حيث كانت لبنان تشكل القناة الرئيسية للعمليات المصرفية والدولارات للاقتصاد السوري الذي مزقته الحرب.
ونقلت المجلة عن سيتلين ويلش، مديرة برنامج الأمن الغذائي العالمي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قولها، إنه "كان هناك فعلا عاصفة متكاملة من التغيرات المناخية، والصراع يجعل سوريا أحد أكثر البلدان فقدانا للأمن الغذائي في العالم، وجاء كوفيد-19 ليجعل الوضع أكثر سوءا".
وأشارت المجلة، إلى أن المناطق الأكثر حاجة للمساعدات الإنسانية هي تلك التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا حيث تسببت الهجمات من النظام السوري بدعم روسي في نزوح أكثر من نصف مليون نسمة هذا العام.
وتابعت، أن الوضع يزداد سوءا أيضا في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، وبات الناس يتحدثون بشكل متزايد بشأن مخاطر الجوع الذي يواجهونه، ووفقا لمستشار السياسات والاتصالات لدى أوكسفام، مات هيمسلي، فإن نقص الوظائف والأموال يدفع بالناس إلى شفير الهاوية.
وقال لوكوك: "لدينا قصص بأن الناس يقومون بتدابير يائسة جدا، ويتحدث معنا البعض ويقولون إنهم يقومون بجمع الأعشاب وغليها وأكلها.. وهذا لا يفعله الناس إلا إذا وصلوا إلى مرحلة اليأس".
وأضافت المجلة، أن المسألة الأساسية، تكمن بأن الحلول على المدى القصير والتي يمكن أن تساعد الأكثر ضعفا في سوريا، من شحن للمواد الغذائية وزيارات لمراكز توزيع المساعدات أو الأسواق والمزيد من التعامل مع عمال الإغاثة، كلها تتطلب أشكالا من السفر والتفاعل الشخصي والتي يحذر خبراء الصحة منها لمنع تفشي كورونا، ما يجعل عمال الإغاثة في حيرة بين خيارين أحلاهما مر، مكافحة الجوع أم مكافحة كوفيد-19.
اقرأ أيضا: الأمم المتحدة: الجوع يتفاقم في سوريا و"كورونا" يهددها
ولفتت إلى أن البنية التحتية الصحية المدمرة، والظروف المعيشية، التي تجعل التباعد الاجتماعي صعبا ومعدلات الفحص المتدنية، تؤكد أن الأرقام الحقيقية لحالات كورونا في سوريا أكثر بكثير مما يعلن عنه.
وأوضحت، أنه لا يتوقع أن تستطيع البنية التحتية للنظام الصحي والذي أصيب بدمار كبير، التعامل مع الوباء على نطاق أوسع.
وأشارت إلى أن مؤتمرا للمانحين الدوليين، جمع الشهر الماضي، مبلغ 5.5 مليارات دولار من أمريكا والاتحاد الأوروبي وألمانيا وغيرها من الدول كمساعدات إنسانية لسوريا خلال العام الجاري، و 2.2 مليار دولار للأزمة في 2021، فيما وعدت الولايات المتحدة بمبلغ 696 مليون دولار كمساعدات إنسانية جديدة، وستقدم أكثر من 31 مليون دولار للسوريين وخاصة لمكافحة الفيروس، بحسب بوجا جنجنوالا، المتحدثة بالنيابة عن وكالة التنمية الدولية الأمريكية.
وأكدت المجلة، أن هذه المساعدات تشكل شريان حياة للسوريين الذين يعانون من الحرب والجائحة ونقص المواد الغذائية، وعلى الرغم من ذلك يقول لوكوك إنه حتى مع ازدياد التبرعات لسوريا، فربما لن يكون ذلك كافيا.
ولفتت إلى أن البلدان التي تفشى بها الوباء، أنفقت مئات مليارات الدولارات لدعم قطاع الصحة وتنشيط الاقتصاد، ولكن سوريا، كغيرها من الدول الفقيرة والتي تمزقها الصراعات، لا تستطيع أن توفر مثل هذه الحقن الاقتصادية، وهذا يعني أنها لا تزال تنتظر الأسوأ.