هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أدت حملة قامت بها صحيفة "التايمز" ضد أكبر
جمعية خيرية إسلامية في بريطانية إلى استقالة أحد مدرائها بتهمة التهجم على اليهود
بعبارات معادية للسامية، وعلى الرئيس الانقلابي المصري عبد الفتاح السيسي بعد وصفه له بـ
"القواد الصهيوني".
وقالت الصحيفة، في تقرير لها، الجمعة، ترجمته "عربي21"، إن "حشمت خليفة عضو مجلس أمناء هيئة
الإغاثة الإسلامية العالمية التي وصلت مواردها خلال خمسة أعوام إلى 570 مليون
جنيه إسترليني بما فيها تبرعات من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا،
استقال بعدما قدمت الصحيفة للجمعية ما قالت إنها محتويات معادية للسامية كتبها على
صفحته في الفيسبوك".
وأضافت أن "خليفة استخدم صفحته على الفيسبوك لوصف
حركة حماس بأنها أطهر حركة مقاومة في التاريخ الحديث. واعتبر أن تصنيف جناحها
العسكري بالإرهابي عار على كل المسلمين".
وذكرت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية أنها قامت بتحقيق
أولي في مزاعم صحيفة "التايمز"، وقالت إنها "تأسف بشدة لأي إساءة
تسببت بها".
اقرأ أيضا: مسلمو بريطانيا يطلقون حملة تبرعات للتخفيف من أضرار كورونا
وشغل حشمت الذي يحمل الجنسية البريطانية أدوارا مهمة في
الجمعية منذ عام 1999. وكان حتى قبل أيام مديرا للهيئة الإسلامية في أستراليا
ومديرا لفروعها في ألمانيا وجنوب أفريقيا.
واتهمت صحيفة "التايمز"، حشمت، بأنه استخدم في
منشورات عدة في الفترة ما بين 2014- 2015 عبارات "مُهينة" ضد السيسي
الذي قاد انقلابا عام 2013 أطاح بجماعة الإخوان المسلمين من السلطة.
ووصف خليفة المولود في مصر، السيسي بـ"القواد ابن
اليهود"، و"خنزير يهودي"، و"خائن صهيوني"، و"مجرم
صهيوني". كما أنه استخدم وصفا لليهود بأنهم "أبناء القردة
والخنازير"، وأن إسرائيل تعمل "بمباركة القواد في مصر". وإلى جانب
هذه التعليقات نشر إعلانات تروج لعمل الهيئة الإسلامية. ولديه متابعون بعضهم من
المسؤولين البارزين للجمعية، على حد قول الصحيفة.
وتُعد الهيئة الإسلامية واحدة من أكبر الجمعيات الخيرية
الإسلامية في العالم، وتعمل في 40 دولة، وتتعاون مع أوكسفام، وكريستيان إيد، وسيف
ذا تشيلدرن، والصليب الأحمر البريطاني، وهي واحدة من 14 جمعية عضوا في لجنة
الكوارث.
وأخبرت صحيفة "التايمز" الجمعية أنها ستقوم
بنشر محتويات صفحته على فيسبوك في الأسبوع الماضي. وتم حذف الصفحة لاحقا وتلقت
مؤسسات الشركات "كومباني هاوس" إخطارا يوم الثلاثاء بوقف عمله كمدير.
وأكدت الجمعية أنها "منظمة خيرية وبدون أي ولاء
سياسي"، وأنها تعمل لخدمة الناس "من كل الأديان، ومنهم لا دين لهم
بدون تمييز على العرق أو الدين أو التكيف الجنسي".
وقالت: "استقال حشمت من مجلس أمناء الهيئة
الإسلامية العالمية حالا. ولن يكون له أي دور في مجلس أمناء الهيئة الإسلامية.
ونرفض ونشجب الإرهاب ونعتقد أن كل أشكال التمييز بما فيها معاداة السامية غير
مقبولة".
ونقلت الصحيفة عن حشمت قوله إنه يأسف لنشر المنشورات،
وهو نادم على "اللغة التي عبّر فيها" وغير المقبولة. وقال إن التعليقات
هي "تعبير عن إحباطه بالنظام السياسي ولا تعبّر عن معتقداته"، و"لم
أقصد إهانة المجتمع اليهودي، ولا أحمل معتقدات معادية للسامية. وكرست حياتي لنشر
التسامح والحرية بين الأديان والمعتقدات".
وفتحت "تشارتي كوميشن" (مفوضية الجمعيات)
تحقيقا حول التزام الجمعية بالقواعد، وطلبت "ردا على هذه الاتهامات
الخطيرة".
وفي تقرير كتبه أندرو نورفولك، قال فيه إن "هيئة
الإغاثة الإسلامية تتعرض للضغط، ومنذ إنشائها عام 1984 على يد طالب طب مصري في
بيرمنجهام تطورت هيئة الإغاثة الإسلامية لتصبح أكبر جمعية خيرية في بريطانيا،
وحصلت على دعم وثناء عالمي".
وزعم الكاتب أن المنشورات التي وجدت على صفحة فيسبوك أحد
قادتها ليست المرة الأولى التي تجد فيها الهيئة التي تعمل في 40 دولة نفسها تحت
الضغط. ووصفها وزير الخارجية السابق ديفيد ميليباند بأنها المثال المنير لمنظمة
ناجحة جمعت بين الهوية الدينية و"القيم التي تربط بريطانيا معا كديمقراطية
ليبرالية".
وأشار الكاتب إلى أن الأوصاف التي استخدمها أحد قادتها
لوصف اليهود وعبد الفتاح السيسي ليست تلك القيم التي كانت في ذهن ميليباند.
ولفت إلى أن خليفة حتى يوم الأربعاء وُصف على صفحة الهيئة بعبارات براقة تحدثت عن خدمة 30 عاما في الجمعية وعبر أكثر من مهمة، منها مدير جمع
التبرعات الدولية.
ونوّه إلى أن "منشورات خليفة ظلت على صفحته حتى
حذفها، ومعظمها هجوم على عبد الفتاح السيسي. وجاءت استقالته بأثر فوري ولن يلعب أي
دور في أمور الجمعية".
وتعمل الهيئة في أكثر من دولة تعاني من الفقر
والجوع وتقدم الدعم الطارئ، وتدعم مشاريع طويلة الأمد في مناطق خطيرة، وحصلت على
دعم مالي من مؤسسات دولية ومحلية لهذا الدور الذي تقوم به. منها 5.3 ملايين جنيه إسترليني
من وزارة التنمية الدولية البريطانية.
وقالت صحيفة "التايمز" إن "الجمعية دافعت
أكثر من مرة عن نفسها ضد اتهامات كونها منظمة إسلامية، وأن تبرعاتها تذهب لجهات
عليها علامات استفهام"، مشيرا إلى "ما قامت به الإمارات العربية المتحدة
عام 2014 من وضعها على قائمة الجمعيات ذات العلاقة مع التنظيم العالمي للإخوان
المسلمين".
وزعمت إسرائيل في نفس العام أن الهيئة تقوم بدعم حركة
حماس ومنعتها من العمل بالضفة الغربية. وردت الهيئة بتدقيق مستقل كشف كذب الادعاءات
الإسرائيلية، و"لا دليل مطلقا" على علاقتها بالإرهاب، وأن أموالها
استخدمت لمنفعة حماس.
وأشارت الصحيفة إلى تعليقات خليفة عن حماس، وأنها
"أطهر حركة مقاومة إسلامية" واحتجاجه على تصنيف الجناح العسكري لها
كمنظمة إرهابية.
وعندما اتخذت محكمة مصرية نفس القرار عام 2015 كتب خليفة
واصفا القرار بأنه "محكمة لا أخلاقية في مصر تصدر قرارا مخجلا للمسلمين
والمصريين".
ويؤكد خليفة أنه لم يدعم أبدا الإرهاب وحماس. وقال باحث
في حركة الإخوان المسلمين في الغرب إن تعليقات خليفة مثيرة للقلق.
وقال لورينزو فيدنو، مدير برنامج التطرف بجامعة جورجتاون:
"بالنسبة لعضو مجلس أمناء أي جمعية خيرية فهذه الآراء مثيرة للقلق. وتصبح
أكثر إشكالية عندما تصدر من مسؤول جمعية تعتبر الأهم في العالم الغربي، والتي كانت
على علاقة مع الطبقة البريطانية الحاكمة والحكومات الغربية".
ونفى خليفة أنه أراد شتم اليهود، وأن ما دفعه هو المناخ
السياسي المصري. واعتذر عما ورد فيها بأنها غير مقبولة.