هالني ما شاهدته مكتوب على وجه الرئيس السيسي أثناء توجبهه خطاب ثورة يوليو، فالرجل يشعر بألم داخلي مريع ظهرت أعراضه على وجهه وجسده..
أما أنا المواطن البسيط فلم تفلح كل المسكنات التي أخذتها في تخفيف ألم رجلي وضلعي المكسورين، ولم تفلح كل العصافير والكتاكيت التي شاهدتها وسمعتها في تضميد جراحي النفسية من هول ما فعلته وتفعله إثيوبيا بنا.. عصفورة كلبة مرات تامر حسني التي عضت كلب ابن الجيران.. خناقة البكيني والبوركيني بين الطبقي والديني.. حتى بعد الاستغناء عن العصافير واستبدالها بالديناصور الذي خرج بشكل رسمي نظمي فهمي، وتفويض مجلس النواب بالحرب التي لن تحدث أبدا في ليبيا..
كل تلك العصافير والكتاكيت والديناصورات لم تُمحَ من ذاكرتي التي تلاشت، وكرامتي التي تشظت، وعنفواني الذي تناثر ألما وأنا استمع إلى التصريحات الإثيوبية طوال أسبوع كامل..
آبي أحمد.. نحن لم نملأ السد وإنما ملأته الطبيعة..
آبي أحمد.. نحن نمارس حقنا في ملء السد.
آبي أحمد.. المفاوضات تسير جنباً إلى جنب مع ملء السد..
وزير الري الإثيوبي.. ملأنا السد وهذا حقنا، ولا يستطيع كائن من كان منعنا..
وزير الخارجية الإثيوبي (وهو المفروض دبلوماسي) من انهاردة مفيش نيل.. احنا حولناه لترعة خاصة بإثيوبيا فقط.. سنحصل منه على التنمية التي تخصنا..
النيل إثيوبي.
رئيسة إثيوبيا في احتفال عام تهنئ إثيوبيا باكتمال المرحلة الأولى لملء السد..
هذه النوعية من التصريحات وهذا الكم من الفجاجة في ابتزاز واستفزاز
مصر قد لا يشعر به المسؤول، ولكن المواطن البسيط من أمثالنا يشعر بكم هائل من جرح الكرامة الوطنية.. وعلى صانع القرار حالا وفورا اتخاذ العديد من القرات لحفظ حصة مصر في النيل وحفظ ماء وجهه، بعد سقطة تيران وصنافير (ضربتان في الرأس توجع أي نظام)..
١- التوقف حالا وفورا عن المفاوضات العبثية.. أي مفاوضات بدون اطار زمني تعتبر مسخرة وليست مفاوضات.
٢- سحب التوقيع على اتفاقية إطار المبادئ واعتبارها كأنها لم تكن.
٣- وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والتصعيد لمجلس الأمن.. مع ضغط عسكري مصري، وإن كان البعض يرى أن ضرب السد الآن غير مجد، فمن الممكن استهداف منشآت محاطة بالسد مثل محطات الكهربا مثلا.
٤- الشفافية مع الشعب المصري والاعتراف بالخطأ في الاستمرار في المفاوضات، وكشف الدول التي مولت وساهمت في إنشاء السد حتى لو كانت حليفة لمصر في ملفات أخرى.
٥- سحب الملف من الفاشلين في الخارجية والري وتقديمه إلى خبراء تكنوقراط من الدبلوماسيين والقانونيين والفنيين والعسكريين المحترفيين، وكف يد كل من الري والخارجية. وكذلك يجب على السيد رئيس الجمهورية عدم زج ملفات سياسية مع الملف، وعليه ألا يتدخل في عمل لجنة الخبراء وينتظر تقريرهم.. سيبوا الناس تشوف شغلها.. فاكرين ملف طابا.
٦- التوقف عن مدرسة الوعود والحلفان وهي مدرسة جديدة في الدبلوماسية المصرية، والرجوع إلى مدرسة البحث والتمحيص في كل حرف من حروف أي اتفاقية دولية.. مدرسة والله العظيم لن أضر بالمياه في مصر.. ديه مدرسة تبقوا تعملوها لما تكونوا بتضربوا حجرين معسل مع رئيس الوزراء الضيف في قهوة بعرة في سيدنا الحسين..
ونسأل الله الهداية.