هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يشن
الاحتلال الإسرائيلي حملة مستمرة من التضييق على نشطاء حملة المقاطعة الدولية
"BDS".
تجسدت إحدى قصص محاربة النشطاء في اقتحام عنيف نفذته قوات
الاحتلال لمنزل عضو حركة المقاطعة محمود النواجعة (34 عاما)، واعتقاله بطريقة
"همجية" أمام زوجته وأطفاله في الـ30 من تموز/ يوليو الماضي، من منزله
وسط مدينة رام الله.
وتقول ربى عليان، زوجة محمود، بعد طرقات شديدة على باب
المنزل اقتحمه الجنود برفقة الكلاب البوليسية وهاجموا زوجي وأجلسوه أرضا وقيدوه إلى الخلف
وعصبوا عينيه، بينما كنت أرقب ذلك "بخوف" خاصة بوجود صغاري الذين بدأوا
بالصراخ والبكاء.
وتصف
عليان لـ"عربي21" المشهد بأنه كان "وحشيا"، وهو "يعبر عن
الضفة المحتلة التي تعيش يوميا ضحية الاقتحامات والمداهمات" الإسرائيلية
المتكررة.
وحين
حاولت عليان سؤال الضابط الإسرائيلي عن سبب المداهمة، أخبرها أنه يريد الحديث مع
زوجها لساعتين فقط، ولكنه لم يعد حتى الآن.
وبعد أكثر من نصف ساعة،
غادر الجنود المنزل مقتادين محمود إلى الآليات العسكرية وصادروا أجهزة حاسوب
وهواتف خلوية أحدها كان مخصصا للأطفال من أجل اللعب.
وتقول
عليان: "بعدما خرج الجنود بدأ الأطفال يسألونني عن سبب اعتقال والدهم. كنت
أشعر بالقهر لماذا اضطر أطفالي لرؤية هذا المشهد؟".
وتؤكد
ربى أن زوجها يعمل في حركة المقاطعة العالمية "بي دي إس" منذ ما يقارب
ست سنوات، ولم يتعرض لأي مضايقات طيلة هذا الوقت، ولكنه كان ممنوعا أمنيا من
الدخول للأراضي المحتلة عام 1948 ومدينة القدس، ولم تتوقع اعتقاله أبدا.
اقرأ أيضا: وقفة احتجاجية برام الله بعد اعتقال "إسرائيل" لمنسق "BDS"
وتشير
إلى أن اعتقال زوجها جاء في محاولة لتقويض نشاطه في الحركة، التي تعمل بشكل سلمي
وقانوني، وتؤكد أن الاعتقال "لن يؤثر في نشاطه".
وتضيف: "حين سألني الأطفال عن اعتقال والدهم، أخبرتهم أنه بسبب نشاطه في حركة المقاطعة وفهموا
ذلك جيدا. فمحمود عمل منذ صغرهم على تعريفهم بالحركة وضرورة مقاطعة الاحتلال
اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وهم يعلمون تماما كيف أننا لا يجب أن نشتري البضائع
الإسرائيلية لأنهم يشترون بها سلاحا لقتلنا، وبقناعة تامة لا يقبلون شراء أي منتج
إسرائيلي".
مقاطعة
دولية
تأسست حركة المقاطعة الدولية لـ"إسرائيل" عام 2005 في فلسطين وامتدت عالميا بهدف مقاومة الاحتلال من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة، وتعمل بشكل قانوني في الكثير من الدول الأجنبية من خلال محاولة إقناع الناس في أوروبا والأمريكيتين بمقاطعة الاحتلال عبر طرق عدة أبرزها مقاطعة المنتجات وسحب الاستثمارات ومحاولة فرض العقوبات على الاحتلال.
وتعرض نشطاء الحملة للمضايقة عبر طرق مختلفة، كان أبرزها منع السفر
والاحتجاز والملاحقة القانونية في دول عدة. وواجه أحد نشطاء الحملة "عمر شاكر" الترحيل من فلسطين المحتلة على خلفية نشاطه.
لكن اعتقال منسق الحركة محمود النواجعة يعتبر المرة الأولى التي تسجل فيها عملية اعتقال فعلية بحق أحد نشطاء الحركة.
وتقول
الناطقة الإعلامية باسم الحركة ريتا أبو غوش لـ"عربي21" إن مؤسس حركة
المقاطعة عمر البرغوثي تعرض لكثير من المضايقات على يد الاحتلال، ولكن هذه أول مرة يتم فيها اعتقال شخص على خلفية نشاطه في الحملة
بفلسطين.
ويمارس الاحتلال تضييقا مستمرا على النشطاء الأجانب المناصرين للحملة عند دخولهم للبلاد، ويدفع باتجاه
القوانين التعسفية في أوروبا والولايات المتحدة ضد نشطاء الحركة، وبينت أبو غوش أن اللقاء
الأول لمحمود النواجعة بمحاميه تم بعد قرابة الأسبوعين على اعتقاله، موضحة أن الاحتلال يسعى
لتلفيق تهم معينة ضده.
وأشارت
إلى أن مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان قدمت التماسا للمحكمة الإسرائيلية العليا ضدّ
قرار طاقم المخابرات المسؤول عن التحقيق بحرمان النواجعة من التواصل بمحاميه منذ
لحظة اعتقاله في 30 تمّوز/ يوليو، علما بأنه تمّ تقصير مدة التوقيف حتى يوم
الخميس، 13 آب/ أغسطس، وهي مدّة قابلة للتجديد.
وأضافت:
"على الرغم من أن التحقيق مع النواجعة ما يزال مستمرّاً، إلا أنّه ليس بجعبة جهاز الشاباك أي قضية
حقيقية ملموسة ضده، وفقا لمحاميه، مما عزز ما ذهب إليه ناشطو الحركة بأن الاحتلال يختلق ادعاءات
زائفة لاعتقاله ومعاقبته فعليا بسبب دوره الهام كمدافع عن حقوق الإنسان".
واعتبرت أن اعتقال النواجعة يدلل على أن ملايين الدولارات التي خصصتها "إسرائيل" لمحاربة
حركة المقاطعة خلال السنوات الماضية لم تجد نفعا في وقف انتشار الحركة أو إضعاف
تأثيرها، ما دفع الاحتلال لاعتقال منسق الحملة في فلسطين ونسج تهم خيالية ضده،
بحسب تعبيرها.
وأكدت أبو غوش أن تضييق الاحتلال يزيد الحركة "قوة"، لأنها تزيد النشطاء إصرارا على العمل في مقاطعة الاحتلال،
مبينة بأن الحركة منذ اللحظة الأولى طالبت نشطاءها بتصعيد الحملات، أنهم يتوقعون هذه الحملات.
ولفتت
إلى أن نجاحات حركة المقاطعة مستمرة في الآونة الأخيرة خاصة وأنها ركزت جهودها على
فضح ومناهضة مخطط الضم الاستعماري، وكذلك في المقابل كانت هناك نجاحات عن طريق سحب
الاستثمارات، حيث أن جامعة مانشستر في بريطانيا سحبت استثمارا بقيمة 2 مليون دولار
ونصف، وهذا يدلل أن الاحتلال يخسر معاركه مع الجامعات والطلبة.
وأضافت:"
المشهد في الدول العربية أكثر قتامة بسبب التطبيع على المستوى الرسمي من خلال
المشاريع الاقتصادية والسياسية، إلا أن حركة المقاطعة تقطع مشوارا هاما
في عزل الاحتلال دوليا".
اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: حربنا على الـBDS فشلت.. لهذه الأسباب
وقالت: "قبل فترة المحكمة الدولية الأوروبية لحقوق الإنسان وجهت صفعة مدوية بعد اعتقال وإدانة نشطاء حركة المقاطعة عام ٢٠١٥ من قبل المحكمة الفرنسية، حيث خرجت المحكمة الأوروبية لتقر أن القرار ضد النشطاء من المحكمة الفرنسية هو انتهاك لحقوق الإنسان، ونحن نعي أن هذه الملاحقات هي بضغوطات من اللوبي الصهيونية الذي يتعرض لضربات معاكسة من الجانب القانوني".
خسائر
الاحتلال
بدوره
يقول صلاح الخواجا مؤسس اللجان الشعبية الفلسطينية لـ"عربي21" بأن خسائر
الاحتلال تقدر بالمليارات نتيجة نشاطات حملة المقاطعة العالمية على كل المستويات.
ويؤكد
بأن الخسائر طالت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية، حيث أن
الكثير من الشركات العالمية أنهت تعاقدها مع الاحتلال متأثرة بحملات المقاطعة
ومعترفة ضمنيا بالحق الفلسطيني.
وضرب
مثالا على ذلك بشركة جي فور أس، التي فكت تعاقدها في إطار المنظومة الأمنية والبناء
الأمني على الحواجز الإسرائيلية؛ وكذلك شركة "أورانج" الدولية للاتصالات
أنهت تعاقدها مع شركة الاتصالات الإسرائيلية، وهناك شركات عدة في النرويج وأكثر من
دولة كانت تستثمر في البنوك الإسرائيلية وتتعاقد مع شركات إسرائيلية أنهت تعاقدها
هناك.
ويضيف:
"هناك الكثير من الدول في المقابل تقوم بسن قوانين لملاحقة نشطاء حركة
المقاطعة"، واعتبر عملهم ضد الاحتلال وكأنه معاد للسامية ويجرّمون عملهم، ولكن ميزة
حركة المقاطعة هو أنها حركة غير مركزية وتوجد لها لجان في كل دولة وتعمل حسب
المنطقة الموجودة فيها، فأي اعتقال لنشطاء يضعف مكانة الناشط والموظف لكن لا يلغي
ولا يعرقل حملة المقاطعة في بعض المدن الرئيسية".
وأشار
إلى أن هناك أكثر من 23 جامعة أمريكية صوتت بأغلبية لتبني برنامج المقاطعة، داعيا
إلى تفعيل نشاطات الحملة؛ للضغط على الحكومات في العالم كي تمارس ضغطها على
الاحتلال؛ لوقف إجرامه بحق الفلسطينيين، وكي يلتزم بالقانون الدولي.