هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يتمسك بمنع الإمارات العربية المتحدة، من امتلاك مقاتلات أمريكية من طراز "أف35"، رغم التوصل لاتفاقية تطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي، وما مثلته من تقارب علني في مجالات مختلفة.
ويطرح
فيتو تل أبيب على هذه الصفقة، تساؤلات حول أسباب الممانعة الإسرائيلية، والدوافع
التي تقف وراء هذا الإصرار مع "الحليف الجديد"، ومدى إمكانية تراجع
الاحتلال عن هذا الرفض في مرحلة مقبلة.
وفي
هذا الصدد، قال الخبير العسكري صبحي ناظم توفيق: "طائرات أف35 لا ترصدها
الرادارات المتاحة بالواقع الراهن في عموم العالم"، لافتا إلى أن "واشنطن
أهدت إسرائيل أربع طائرات في أواسط عام 2016، قبل أن تزودها لأي دولة
حليفة".
وأوضح
توفيق لـ"عربي21" أن الخطوة الأمريكية تعود إلى إبقاء إسرائيل صاحبة
القوة النوعية المتفوقة، والأكثر اقتدارا بالشرق الأوسط وعموم المنطقة، منوها إلى
أن "تل أبيب استملت حتى أواخر عام 2018 تسع طائرات".
اقرأ أيضا: CNN: كوشنر يحدث فوضى بمساعيه السرية لبيع F35 للإمارات
ولفت
إلى أن "هذه ليست المرة الأولى التي تمانع إسرائيل خطوة ذات أهمية استراتيجية
بالغة، لصالح دولة عربية أو إسلامية، فالأمثلة المعلنة لا تحصى، وسوف لن تكون
الأخيرة، ما دامت تل أبيب تتحكم بمعظم القرارات لدى واشنطن ولندن وباريس وموسكو،
ناهيك عن دول مفصلية كبرى بالعالم"، وفق تقديره.
ورأى
الخبير العسكري أن الممانعة الإسرائيلية لحصول الإمارات على طائرات "أف35"،
تعود بشكل أساسي إلى أن تل أبيب تعتقد أن أبو ظبي ليست بحاجة إليها بالوقت الراهن،
في ظل امتلاكها طائرات متنوعة وحديثة للغاية، مثل "ميراج2000 الفرنسية وأف16
الأمريكية".
الرؤية الإسرائيلية
وأكد
توفيق أن الرفض الإسرائيلي لم يكن مستغربا، بل كان متوقعا تماما، رغم اصطفاف
الإمارات مؤخرا إلى صفوف الدول العربية الثلاث في تطبيع العلاقات مع تل أبيب،
مبينا أن الرؤية الإسرائيلية البعيدة حيال أبو ظبي، تتمثل في حماية استراتيجيتها
الناجعة للغاية، والمتمثلة بعدم قبول الحرب في أرضها وأجوائها ومياهها.
وتابع:
"القوة الجوية الإسرائيلية كانت رأس الحربة في حروبها الثلاث المتعاقبة،
بسيناء 1956، وحزيران 1967، وتشرين الأول 1973، وقد برهنت على جدارتها بطائراتها
الفرنسية والأمريكية، وتفوقت على ما كان بحوزة العرب، وطورت ما لديها للحفاظ على
تفوقها الجوي، رغم الهدوء مع الجوار العربي".
اقرأ أيضا: صحيفة: استئذان أمريكي قبل بيع السلاح للإمارات.. "مسار تاريخي"
وشدد
على أن طائرة "أف35" وفرت مواصفات مثالية وشبه خيالية في عالم الطيران،
وبالأخص في إخفائها عن الرادار، لذلك يستحيل على إسرائيل أن تتقبل مجرد امتلاك أي
دولة عربية أو إسلامية ولو طائرة واحدة من هذا الطراز، حتى لو كانت تلك الدولة
صديقة منذ أربعة عقود أو كانت جديدة.
وعلل
توفيق ذلك قائلا: "لأن إسرائيل تحسب لأسوأ الاحتمالات وتفترض أن تختلف معها يوما
ما، أو يتبوأ عرشها من لا يؤتمن، أو يستخدم أجواء دولة قريبة على فلسطين، فتبلغ
أهدافا في العمق من دون أن يرصدها رادار إسرائيلي".
هل يتراجع الاحتلال؟
وحول
إمكانية أن يتراجع الرفض الإسرائيلي، قال الخبير العسكري: "ربما يحدث ذلك
مستقبلا، ليس بخصوص (أف35) بمفردها، بل حيال جميع طراز طائرات الشبخ الأمريكية
الأقدم أف117 وأف22"، مستدركا: "ذلك سيتحقق بحال حصلت تل أبيب على
تكنولوجيا استثنائية تتيح للرادارات الإسرائيلية رصد ومعالجة طائرات الشبح المعادية
بجميع أنواعها"، بحسب تقديره.
من
جهته، قال المحلل السياسي علي باكير إن رد الفعل الإسرائيلي مرتبط بتفسيرين، الأول
يتعلق بالحسابات السياسية والأمنية الداخلية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن
"واحدا من الثوابت التي تأسست منذ إنشاء العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، هو
الحفاظ على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل بالمنطقة".
وشدد
باكير في مقال نشرته "عربي21"، على أن "كسر هذه القاعدة يعني أن
هناك دولا عربية أخرى، ستسعى للحصول على نفس الشيء، وهو الأمر الذي سيهدد المعادلة
العسكرية الراسخة منذ عقود طويلة، والتي سمحت دوما بتفوق إسرائيل على دول
المنطقة".
اقرأ أيضا: ماذا لو حصلت الإمارات على مقاتلات "أف-35"؟
وتابع:
"الأمر الثاني الذي يُفسّر كثافة التصريحات التي تردّ على الأخبار المنتشرة
حول وجود صفقة من هذا النوع، هو أنّ الجانب الإسرائيلي يخشى ربما أن يُفكّر الرئيس
الأمريكي ترامب بالموافقة على عرض إماراتي تقوم أبوظبي من خلاله بدفع مبالغ طائلة،
مقابل الحصول على بضع مقاتلات من هذا النوع".
وبحسب
تقدير المحلل السياسي، فإن مثل هذه الصفقة ستساعد ترامب سياسيا، وقد ينجح في
التسويق من خلالها لنفسه داخل الولايات المتحدة، ولهذا فهي تعدّ صفقة مغرية قد
تدفع ترامب للتغاضي عن الحساسيات الإسرائيلية.
قلب الموازين
وقال
باكير إن "حصول أبو ظبي على "أف35" سيقلب الموازين ويتيح لها
التدخل المباشر في ساحات القتال، لكن هناك من يستبعد حصول ذلك، لأنّ الأسلحة
الأمريكية تباع ومعها لائحة طويلة من القيود التي تمنع الاستخدام الحر أو المستقل
لهذه التقنيات".
وكانت
صحيفة "هآرتس" العبرية أشارت في مقال ترجمته "عربي21"، إلى أن
الكونغرس الأمريكي أقرّ تشريعا خاصا، يتطلب من الولايات المتحدة "إجراء
مشاورات مع إسرائيل، قبل توقيع صفقات الأسلحة في الشرق الأوسط"، موضحة أن
"إسرائيل لديها ما يشبه حق النقض على أمريكا وليس العكس".
وفسّرت
الصحيفة الإسرائيلية "استئذان" القوى العظمى من تل أبيب قبل بيعها
السلاح لمنطقة الشرق الأوسط، بالقول؛ إن "اللعبة تتمثل في التفوق العسكري
النوعي لإسرائيل، حتى على الدول التي ليس لديها أي فرصة تقريبا لخوض حرب معها".
وشددت
على أن الرؤية الإسرائيلية تتمثل بأنه "ربما سيحدث تغيير في هذه الأنظمة يوما
ما"، مضيفة أن "تل أبيب تفعل كل ما بوسعها لإبعاد الأسلحة عن الآخرين،
لكن من المستحيل تجاهل مسألة جدوى هذا السلوك والابتزاز، وإذا ما كان سيؤتي ثماره
إلى الأبد".