هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعرب محللون وكتاب إسرائيليون، عن عدم ارتياحهم بل تشاؤمهم حيال نتائج وجدوى اتفاق التطبيع مع الإمارات، في الوقت الذي يحظى فيه "بتأييد اللامبالي" من قبل الجمهور الإسرائيلي.
ذرف الدموع
وأوضحت الكاتبة الإسرائيلية نوعا لنداو، في مقال نشر بصحيفة "هآرتس"، العبرية، أنه "لم يتم توفير أي بادرة أو أي جهد من جميع الأطراف المعنية لجعل اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات تاريخيا ومثيرا بقدر الإمكان".
ونوهت إلى أن اتفاق التطبيع مع الإمارات "لا يشغل الجمهور الإسرائيلي، بما في ذلك صراعات مع أو ضد من النوع الذي تثيره اتفاقات سلام تاريخية"، موضحة أن هناك من "أطلق مواقف ضد المبادرة نفسها، ولكن ليس هناك الكثير ممن تأثروا لدرجة ذرف الدموع".
وذكرت أنه "يمكن تسمية الأجواء العامة في إسرائيل تجاه الاتفاق، بـ"التأييد اللامبالي"، وتفسير ذلك؛ أن أي خطوة بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستحظى هذه الأيام برد أوتوماتيكي من جانب مؤيديه أو معارضيه؛ حيث تحول نتنياهو وترامب لشخصيات مستقطبة جدا، لدرجة أنه يصعب جدا على المشاركين في الحملة ضدهما أو لصالحهما النظر إلى الوقائع عبر منظار آخر".
وأشارت الكاتبة، إلى أن "الظروف السياسية، قادت إلى أنهم في اليمين غير البيبي (نتنياهو) لم يكونوا سعداء بشكل خاص منذ البداية من التنازل عن الضم مقابل التطبيع، وفي اليسار، ليسوا سعداء من ناحيتهم من التداعيات على العلاقات مع الذين في الحقيقة يمكن أن يتفاوضوا معهم؛ الفلسطينيين".
هدنة لطيفة
ولفتت أن "نتنياهو كالعادة استغل هذه الفرصة ليصطدم بصورة عنيفة مع اليسار، والزعم بأنه حطم الادعاء الأساسي للمعسكر الذي يقول: السلام مع العالم العربي مقرون بتقديم تنازلات للفلسطينيين".
وفي هذا السياق، فإن "حقيقة أن الأمر يتعلق بسلام في الوقت الذي لم تكن فيه أي حرب مع دولة لا توجد لها حدود مباشرة مع معنا، وفي حين أنه معروف للجمهور، أنه سبق وعقدت معها علاقات سرية متشعبة خلال سنوات كثيرة في عدة مجالات، كل ذلك يقلل من الهالة التي يريد قادة الاتفاقات منحها إياه".
ورأت لنداو، أن "حكم التطبيع ليس مثل حكم السلام المأمول الذي جاء بعد سنوات من الصدمة"، مضيفة: "هذا سلام معظم الإسرائيليين لم يشعروا بغيابه، وهكذا فهو ببساطة جاء فجأة بالمجان"، منوهة أنه "رغم كل محاولات منح أبوظبي صورة الهدف السياحي الجذاب، فإن لب الموضوع هو لصالح القطاع التجاري وليس لكل شخص".
وأفادت بأن تطبيع الإمارات والتقارير التي ترد من برج خليفة، "بالنسبة للكثير من الإسرائيليين الذين يواجهون الآن البطالة والخوف، هي فترة هدنة إيجابية ولطيفة من صعوبات روتين وباء كورونا، وليس أكثر من ذلك".
وبحسب الكاتبة، فإن "هناك تفسيرا آخر محتملا للتأييد غير المبالي للجمهور الإسرائيلي بحدث السلام؛ فبعد أكثر من سبعين سنة، لم تعد إسرائيل تتعرض لخطر وجودي، والخوف من التدمير استبدلت به مخاوف طبيعية تماما من تهديدات شخصية أكثر، شخصية وعائلية".
أرض الأحلام
من جانبه، أوضح الكاتب والمحلل الإسرائيلي ناحوم برنياع في مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنه عندما اكتشف النفط في الخليج، وجلب لهم المال العظيم، نشأ خليط مظفر، هذا الخليط خرب عشرات السنين على المصالح الوجودية لإسرائيل"، منوها أن "الأعراب" وهو الاسم الذي أطلقه مؤيدو دول النفط في وزارات الخارجية الأمريكية، البريطانية والفرنسية، وكأنه "لقب تنديد" على دول الخليج، هي "نصبوا سورا منيعا بين الجهود السياسية لإسرائيل والحكومات الغربية".
وأضاف: "بينما نبحث عن القاسم المشترك فإنه محظور علينا أن ننسى الفوارق؛ فقد بنيت إسرائيل بالكد، بالبسالة في ميدان المعركة وبالمساهمة السخية من اليهود، وليس النفط هو الذي بناها ولا العمال الأجانب، وهي لا يمكنها أن تتبنى النموذج الإماراتي؛ مليون مواطن غني وإلى جانبهم ثمانية ملايين أجنبي، ونظام غير ديمقراطي".
ونوه برنياع، إلى أهمية "النزول إلى أرض الأحلام؛ بأن مئات مليارات الدولارات ستضخ هنا مباشرة من دبي؛ فالاستثمارات الأجنبية هي موضوع حساس، وكل استثمار في البنى التحية يفحص وفقا لآثاره الأمنية، وعندما تسعىالصين إلى الاستثمار، تهرع واشنطن وتوقف هذا الاستثمار".
ولفت إلى أن "النموذج الصيني ذو صلة، وكذا النموذج التركي؛ عشرات السنين من التعاون الأمني المكثف ضاعت هباء بسبب رجل واحد، هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصفقة السلاح العظمى التي يوشك أن يوقع عليها بين الإمارات والولايات المتحدة بعيدة عن أن تكون بشرى مفرحة لنا".
وقال المحلل: "التطبيع مع الإمارات مثله كمثل وجبة دسمة في مطعم جيد؛ من الأفضل أكلها ببطء، وإخراج المحفظة في الوقت المناسب".