هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكك خبراء ومحللون اقتصاد في نجاعة القرارات التي يصدرها البنك المركزي المصري في ظل الأزمة المالية المتفاقمة منذ عام 2013، كان آخرها ما يتعلق بالحد الأقصى لحمل أوراق النقد المصري للقادمين إلى مصر، أو المغادرين منها.
ونشرت الجريدة الرسمية، الأربعاء قرار مجلس إدارة البنك المركزي بشأن الحد الأقصى من أوراق النقد المصري المسموح بحملها للمسافرين القادمين إلى مصر أو المغادرين منها، وذلك بقيمة 5 آلاف جنيه فقط (نحو 310 دولارات فقط).
وأكد نائب محافظ البنك المركزي، جمال نجم، أن قيمة الحد الأقصى للنقد الأجنبي من الدولار واليورو والعملات الأخرى للمسافرين من وإلى مصر لم تتغير وما زالت كما هي عند 10 آلاف دولار.
قرارات المركزي الأخيرة
وأصدر البنك المركزي خلال الأيام القليلة الماضية مجموعة من القرارات، مثل وقف إصدار الشهادات ذات الفائدة المرتفعة في عدد من البنوك الأهلية وبنوك الاستثمار، علاوة على خفض سعر الفائدة بنسبة 0.5% للمرة الأولى بعد 4 مرات متتالية من التثبيت، لتصل إلى 8.75 بالمئة للإيداع، و9.75 بالمئة للإقراض.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد انخفض معدل التضخم السنوي إلى أقل مستوى له خلال آخر 9 أشهر في آب/ أغسطس الماضي، حيث وصل في إجمالي الجمهورية إلى 3.6% مقابل 4.6% خلال شهر تموز/ يوليو.
ووصف الخبير الاقتصادي المصري، عبد الخالق فاروق، القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية "بالمرتبكة"، قائلا: "معظم القرارات التي تصدر من البنك المركزي أو السلطة النقدية، تتسم بشيء من الارتباك وعدم وضوح الهدف منها".
وأضاف مؤلف كتاب "هل مصر حقًا بلد فقير؟"، في تصريحات صحفية أنه "يشوبها بعض الغموض في عملية نقل الصورة للمواطن، فإذا كنا نريد تقييد حركة النقد المصري الخارج، فما الهدف من تقييد حركة دخول الجنيه إلى مصر".
دوامة الديون
واصلت الحكومة المصرية طرق أبواب الدائنين، حيث لجأت للمرة الأولى إلى طرح سندات خضراء في الأسواق العالمية بقيمة 500 مليون دولار دفعة واحدة، لأجل خمس سنوات.
وقالت وكالة "رويترز" إن وثيقة أظهرت بيع مصر سندات خضراء لأجل خمس سنوات بقيمة 750 مليون دولار، الثلاثاء، في أول إصدار من نوعه لمثل هذه السندات من إحدى حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وارتفع الدين الخارجي على مصر بنسبة 4.78 بالمئة على أساس سنوي، خلال الربع الثالث من السنة المالية الماضية 2019/ 2020 المنتهي في آذار/ مارس الماضي، إلى 111.3 مليار دولار، غير متضمن نحو 20 مليار دولار تم اقتراضها من مؤسسات وبنوك دولية على خلفية أزمة جائحة "كورونا"، منذ نيسان/ أبريل الماضي وحتى اليوم.
وفقد الاحتياطي النقدي مليارات الدولارات في شهور قليلة؛ حيث تهاوى الاحتياطي إلى 38.3 مليار دولار في آب/ أغسطس الماضي، مقابل 45.5 مليارا نهاية شباط/ فبراير.
وسجلت إجمالي الودائع غير الحكومية ( المودعين) نحو 3.956 تريليون جنيه بنهاية حزيران/ يونيو 2020، مقابل 3.865 تريليون جنيه بنهاية أيار/ مايو 2020.
وبلغت الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية 3.281 تريليون جنيه، و بالعملات الأجنبية نحو 674.308 مليار جنيه بنهاية حزيران/ يونيو 2020.
سياسات مالية متخبطة
الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، وصف قرار المركزي الأخير "بالمضحك"، قائلا إنه "يأتي في ظل القرارات الكثيرة التي توحي بالسيطرة على الأمور، ولا قيمة للجنيه المصري خارج بلده، ولا وجه للاستفادة منه للقادم أو المغادر على حد سواء.
وأضاف لـ"عربي21": "قرار البنك المركزي تحصيل حاصل، ولم يقدم جديدا، ومصر تمر بأزمة نقص حادة في العملة الأجنبية وليس في العملة المحلية، ولكن قد يكون في الخلفيات أمر ما"، مشيرا إلى أن "الحراك الشعبي الأخير في مصر قد يدفع ببعض رجال الأعمال والفاسدين إلى تهريب جزء من أموالهم للخارج بأي صورة كانت".
السيطرة على أموال المصريين
فند المستشار الاقتصادي، الدكتور حسام الشاذلي، السياسات المالية للبنك المركزي، قائلا: "هذا القرار العشوائي والمتخبط من إدارة البنك المركزي؛ هو استمرار لمحاولة السيسي المستمرة في السيطرة على أموال المصريين، وسنرى لاحقا العديد من القرارات بهدف إظهار التحكم في سياسات الدولة المالية ولكن بما يخدم مصالح الكبار فقط".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "من سيتأثر بصورة مباشرة من هذا القرار هو الطبقة العاملة الفقيرة في دول الخليج والتي تبتعد عن تحويلات الصرافة نظرا لارتفاع التكلفة وليس لديها لا الأموال ولا العلاقات التي تسمح لها بعمل تحويلات بنكية من الخارج في ظل نظام بات يراقب كل التحويلات ويتجسس على كل المصريين".
وذهب إلى القول إن "نظام السيسي قد وضع مصر في عزلة اقتصادية؛ بسبب تلك الفجوة الرهيبة بين النقد المسموح حمله دوليا والمصرح به في مصر ما سيؤكد أخبار عدم الاستقرار الذي سيؤدي إلى تراجع مؤشرات البورصة، ويصيب المستثمرين بالخوف من القادم".