أخبار ثقافية

جلسة هادئة في نادي أساتذة التنس

لكل الرياضات آداب وأعراف تحكم العلاقة بين المدرجات والملعب- جيتي
لكل الرياضات آداب وأعراف تحكم العلاقة بين المدرجات والملعب- جيتي

خلال إحدى مبارياتها الحاسمة، تلقّت لاعبة التنس الألمانية الشهيرة "شتيفي غراف" عرضا بالزواج من أحد المعجبين؛ وكانت في قمة تركيزها الذهني، وهي تتخذ وضعية الاستعداد لإرسال الكرة، وهي اللحظة التي يُطبق فيها الصمت على الملعب، ويُحظر فيها على الجمهور إصدار أي صوت.


كسَرَ الصوتُ الصادر من المدرّجات حدة التوتر المسيطر على أجواء المباراة، وأثار موجة لطيفة من الضحك في الجمهور، سرعان ما انتهت لتفسح المجال لردة فعل اللاعبة الحسناء.


ولم تتأخر "غراف" في التقاط حس الدعابة الرومانسية السارية في الجمهور، فأرختْ مضربها، واسترختْ أعصابها المشدودة، وتخلّت عن تركيزها في الضربة المقبلة، وارتسمت على وجهها ابتسامة خجولة، ووجهت كلامها للمعجب من دون أن تعرف مكانه بين الجمهور: "كم تملك من النقود؟" لتنطلق بعدها موجة ثانية من الضحك في الجمهور، أعلى من الأولى، ومصحوبة بالتصفيق، لثوان معدودة، يسود بعدها الهدوء التام، وتعود اللاعبة إلى وضعية الاستعداد.


هذا النوع من التفاعل الشخصي المباشر بين الملعب والمدرجات، لا نجده في أي رياضة غير رياضة التنس الأرضي، أو كرة المضرب كما يطلق عليها عربيا.


الجمهور في رياضة التنس الأرضي جزء من اللعبة نفسها، ومن قوانينها القائمة على حبس الأنفاس من كل فرد في المدرجات ما دامت الكرة متداولة بين اللاعبَين داخل إطار الملعب. وبمجرّد خروجها عن الخط ينفجر الجمهور بالتصفيق والهتاف وصيحات التشجيع، أو تقديم عروض الزواج إذا شاء.


الجمهور في رياضة التنس، يتقن لعبة "الخفاء والتجلّي"؛ فيختفي خلال اللعب، ويظهر بعده. ويعرف كل فرد جالس في المدرجات أن صمته يضمن استمرار اللعبة، وأن أيّ صوت يُسمع خلال تداول الكرة كفيل بتشتيت تركيز اللاعبَين وقطع اللعبة، وهو مخالفة لا يجرؤ أي فرد في المدرجات على اقترافها.


يلعب الجمهور دورا أساسيا في عموم الرياضات، الجماعية منها والفردية، ويعوّل اللاعبون، فِرَقا وأفرادا على تشجيع الجمهور في الدعم المعنوي وإثارة الدافعية. ولولا الظروف الاستثنائية العجيبة التي فرضتها جائحة الكورونا على الرياضات هذا العام، لما كان لنا أن نتخيل مباراة تجري بين جنبات مدرجات شاغرة.


ولكل الرياضات آداب وأعراف تحكم العلاقة بين المدرجات والملعب، وتقنّن أشكال التشجيع، فتمنع العنف بين المشجعين والعبارات المسيئة والعنصرية، وتعزز أشكال التشجيع الجماعي، من مثل ارتداء قميص الفريق، أو رفع الرايات والأعلام، أو إطلاق الهتافات الجماعية الحماسية، أو تنسيق الحركات على شكل أمواج متحركة، أو استخدام الطبول والمزامير، إلى آخره من تفانين التشجيع المحبذة من غير قيود تحكم حرية الحركة والكلام.


وحده جمهور التنس الأرضي ملزم بحبس أنفاسه، وتأخير ردود أفعاله وانفعالاته، وضبط إيقاع التشجيع على هوى الكرة الصفراء المطاطية، ذات السرعة الهائلة، والارتداد الشديد، الذي يحوّل المشاهدين في المدرجات إلى قطيع من البطاريق أو حيوانات المرموط، تدير رؤوسها يمينا ويسارا في حركة جماعية موحَّدة.


تتفرّد لعبة التنس الأرضي من بين الرياضات بأنها تجتمع فيها حاستا البصر والسمع لتحقيق المتعة للجمهور، فليست مشاهدة حركات اللاعبّين وحدها ما يحقق المتعة، وإنما سماع أصواتهم أيضا؛ والزمازم المكتومة والمنفجرة الصادرة من أفواه اللاعبين، المصاحبة لكل ضربة قوية، وانعطافة شاقّة، وانحناءة سريعة، تفرضها عليهم ارتدادات الكرة السريعة.


يحصي الجمهور أنفاس اللاعبِين وشهقاتهم الحارّة، ويحفظون الزمزمة الخاصة بكل لاعب ولاعبة بوصفها علامة مسجلة، ويقدّرونها ويطربون لها، ويقيسون بشدتها مقدار الجهد المبذول في اللعبة، ويربطون بينهما وبين براعة الحركة، وقوة الضربة، ويحققون أقصى المتعة من هذا الهارموني الصوتي الحركي.


حالة التوتر والتركيز والجهد البدني الكبير من جهة اللاعبَين، وحالة الانتباه لكل حركة وصوت من جهة الجمهور، لا تستمر أكثر من دقيقة أو دقيقتين؛ الزمن الكافي لحسم النقطة لمصلحة أحد اللاعبَين. ترتخي بعدها الأعصاب في الملعب والمدرجات، ويعلو ضجيج الإعجاب والتشجيع، ويلتقط اللاعبان الأنفاس استعدادا لإرسال جديد.


لعبة التنس غير مرتبطة بزمن محدد، فقد تنتهي في ساعة من الزمن، إذا كان المتنافسان غير متكافئين، وقد تمتدّ لأربع ساعات إذا كانا ندّين. وهي من هذه الناحية تشبه لعبة الكرة الطائرة في اعتمادها على نظام النقاط والأشواط، وليس على الزمن المحدد مسبقا.


يسمح هذا النظام للكفاءة وحدها أن تحدد الفائز في المباراة، ولا يمكن التشكيك في تفوق اللاعب الفائز، أو عزو فوزه إلى ضربة حظ، أو خطأ غير متوقع، كما يحدث كثيرا في رياضة كرة القدم. ولأن التنس رياضة فردية، فلا يمكن إلقاء اللوم في الخسارة على الآخرين.


وتتميّز لعبة التنس الأرضي بالحساسية الشديدة، فقليل من زخّات المطر في طقس بطولة "الويمبلدون" البريطانية المتقلّب، كفيل بإيقاف المباراة وسحب البساط فوق الملعب، ورفع المظلات في المدرجات. وإصابة لاعب بتشنج عَضَليّ تعني إنهاء المباراة، فلاعب التنس أثمن من أن يستبدل بلاعب آخر.


الفائز في مباراة التنس هو دائما يستحق الفوز، والخاسر يستحق الخسارة. وتفقد اللعبة الكثير من روح العدالة فيها حين تكون زوجية، لأن اللاعب الماهر في الفريق الزوجي، قد لا يتمكن من سدّ الثغرات في أداء شريكه الأقل مهارة.


وحين يتواجه في مباراة التنس أستاذان كبيران من أصحاب المراكز الأولى في التصنيف العالمي، تبلغ المنافسة حدودها القصوى، وتُنْسي المتعةُ الجمهورَ طول زمن المباراة، ويلغون ارتباطاتهم الأخرى في ذلك اليوم.


يطول زمن الشوط أو يقصر، ويعقبه زمن للراحة والتقاط الأنفاس، وخلال ذلك يمكن لسيدة فقدت طفلتها بين مقاعد المدرّجات أن تبحث عنها، ويهبّ الجميع لمساعدتها، جمهورا ولاعبين، ولا يُستأنف اللعب حتى تعود الطفلة الضائعة إلى أمها وسط تصفيق الجميع، وتسمع الأم الملهوفة عبارة طمأنة من اللاعب الكبير، وتعتذر من الجميع عمّا سببته لهم من إرعاج، وتشكرهم على تعاطفهم، وتعود إلى مقعدها بين أفراد العائلة الكبيرة التي يجمعها ملعب التنس.


وقبل أن يرسل اللاعب الكبير الكرة، يتلقى عرضا بالزواج من معجبة، فيبتسم اللاعب، ويشير بيده إشارة تعني أنه مرتبط بامرأة أخرى، ويضج الجمهور بضحك لطيف، ثم يحبس أنفاسه جماعيا، مثل صفّ من البطاريق يراقب عبور سمكة سريعة.

التعليقات (3)
Ahlam
الجمعة، 18-06-2021 02:45 م
توصيف ممتع للعبة اكثر من ممتعة! كل الشكر ??
sandokan
السبت، 24-10-2020 09:05 ص
( ماريا شارابوفا ) تعدّ ماريا شارابوفا من أشهر لاعبي التنس في العالم، وهي تمتلك سجل حافل بالبطولات في تلك الرياضة، فلا عجب في أنها كانت تجذب الجماهير وتثير قلق جميع لاعبي المراكز العشرة الأولى، وعلى الرغم من أن ماريا شارابوفا قد خسرت مرارًا وتكرارًا أمام سيرينا ويليامز وفكتوريا أزارينكا في عام 2012، إلا أنها تعرضت لخسائر مفاجئة من لاعبين أقل منها، سواءً كانت أغنيسكا رادوانسكا، أو سامانثا ستوسور، فقد خسرت شارابوفا أمامهم جميعًا قبل ذلك، وشهدت بطولة فرنسا المفتوحة التي تُقام بفرنسا أفضل أداء لماريا شارابوفا، وقد وصلت شارابوفا في التصنيف إلى المرتبة الثانية والأولى على مستوى لاعبي التنس في العالم .. يعتبر مرض القلب من الأمراض الأكثر شيوعاً بين النساء، ويمكن الوقاية منه باتباع بعض النصائح منها ممارسة رياضة التنس، وقد أشارت المجلة البريطانية للطب الرياضى إلى الفوائد الصحية للتنس، ووجدت أن الأشخاص الذين لعبوا التنس، خسروا الوزن الزائد من الجسم، وتمتعوا بلاقة بدنية ما أدى لانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب.. ممارسة رياضة التنس تعطى الشعور بالاسترخاء، وذلك من خلال الاستمتاع بالوقت مع الأصدقاء، وتحسين الحالة المزاجية، ما يؤدى إلى إطلاق الإندورفين، مما قد يخفف الشعور بالألم مؤقتًا.. للحفاظ على شبابك.. مارس رياضة السباحة وركوب الدراجات .. نصائح لرعاية المسنين صحياً منها فحوصات دورية وممارسة الرياضة .. لشد الجسم والوقاية من أمراض القلب.. مارس رياضة صعود السلم .
sandokan
السبت، 24-10-2020 08:55 ص
^^ مارسي كرة المضرب لكي تزدادي حيوية و نشاط ^^ رغم أنها تصنّف من الكماليات، إلاّ أن لرياضة كرة المضرب أي الـ " tennis" فوائد عدّة. هي رياضة كاملة على الإطلاق، تحث على تحريك أجزاء جسمك كافة وتعتبر مثالية لنظام القلب والأوعية الدموية كما أنها تمدّك بالنشاط والحيوية.. لطالما ارتبطت رياضة كرة المضرب بالمجتمع المخملي، لتصبح اليوم من أكثر الرياضات شعبية نظراً لما تحتضنه من فوائد صحية، ناهيك عن أنها مسلية وتساعدك على التخلص من الضغط النفسي وبعض الكيلوغرامات الزائدة. "حياتك" تلقي الضوء حول رياضة "كرة المضرب"، كيفية إتقانها والاستفادة منها على مختلف الأصعدة. إذ يتطلب منك أولاً، استشارة مدرّب محترف حول الطرق الصحيحة للمباشرة بالتمارين وأن تتصفحي إرشاداتنا: •تزوّدك هذه الرياضة بالخطوات الضرورية لتطوير وضعيات جسمك والتنسيق بين أجزائه، إذ عليك أن تكيّفي وضعيته باستمرار. •تؤمّن لك تحدٍّ فائق، يتكلل من خلال اليقظة والقدرة على التحمّل، من هنا تعتبر الممارسة المنتظمة لهذه الرياضة حلاً مثالياً لا لفقدان الوزن فحسب، بل لنحت جسمك بأكمله، كما أنها تمنحك نتائج سريعة تنعكس على عقلك وقوّتك في آن. •تبعد عنك كرة المضرب شبح الضغط النفسي الذي يتكبده جسمك يومياً، ويؤثر سلباً على سلامة صحتك، كما قد يكون بديلاً فعالاً للتخلص من العادات السيئة كالتدخين. •لا تنسي أن تقومي بالتحمية جيداً قبل أي مباراة لتتفادي الأضرار في جسمك، إذ إنها تعطي جسمك الحرارة المناسبة للقيام بالجهد. كما يجب عدم الافراط في الممارسة إذ يعتبر ما يقارب الـ4 ساعات أسبوعياً وقتاً كافياً لتكتسبي فوائدها على صحتك وجسمك.. يزداد خطر وقوع بعض الإصابات خلال ممارستك رياضة كرة المضرب. ولأن الوقاية خير من ألف علاج، عليك أن تتسلّحي ببعض المعدّات الجيدة التي تحميك من الحوادث، وتمدّك باللياقة البدنية والراحة اللامتناهية خلال اللعب. ومن تلك المعدات: • ارتداء حذاء يتلاءم مع نوعية الملعب، وفقاً لحال الأرض إن كانت ترابية، أم صلبة أم يغطيها العشب. فهذا الأمر سيحميك من بعض الحوادث التي تصيب الركبتين في حال الانزلاق على الأرض. •تساعدك الملابس المضادة للتعرق والاحتكاك الى حرق المزيد من السعرات الحرارية. •ابتعدي عن استخدام مضرب ثقيل ذات شباك جامد، يحاكي مستوى قدراتك على ممارسة تلك الرياضة. •إذا كنت غير محترفة في لعبة كرة المضرب، استخدمي كرة لينة بهدف تسهيل أسس التعلم بشكل سريع وتفادي أي ضرر قد يحصل.. ( حضّري جسمك ) قبل الانطلاق بممارسة تلك الرياضة، عليك الانتباه الى أن التنقل في الملعب يشكل 50% من مستوى أداء اللعبة ويشمل حركات التسريع والإبطاء، الأمر الذي يمدّك بالحيوية اللازمة لتتمكني من إحراز تفوقٍ في لعبة كرة المضرب، ويقيك بعض مخاطر الإصابات. إذاً، عليك ممارسة التحمية لمدّة تصل الى 30 دقيقة تقريباً.. ( نصائح جوهرية ) •لأن قدرة كلّ جسم تختلف عن الآخر، ننصحك باستشارة طبيبك المختص خصوصاً إذا كنت قد تجاوزت سنّ الـ45 وتعانين من بعض المشاكل الصحية، أو في حال كنت من المدخنات أو حتى من أصحاب الوزن الزائد، إذ إن لكرة المضرب شروطاً أساسية يجب الارتكاز عليها قبل خوض غمارها. •بين كل مرحلة، اشربي المياه المعدنية للتعويض عن خسائر الفيتامينات والمعادن، خصوصاً أن فقدان 1% من كمية المياه في الجسم تقلص من نسبة الأداء الى 10%. •واظبي على شرب ما يعادل الـ1.5 لير من المياه، بعد الانتهاء من المباراة، وقومي ببعض الحركات الرياضية التي تساعد على تليين عضلات جسمك واحرصي على التنفس بشكل جيّد. بعدما مدّتك "حياتك" بأفضل الطرق لممارسة رياضة كرة المضرب، بات بإمكانك اتباعها والتمتع بفوائدها الصحية التي لا تضاهى.
الأكثر قراءة اليوم