هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تثير الأحداث والتقلبات السياسية
والعسكرية التي عصفت باليمن خلال العام 2020، في ظل استمرار القتال بين الأطراف اليمنية
منذ 6 أعوام تقريبا، أسئلة عدة حول السيناريوهات المتوقعة لوضع البلاد خلال العام القادم
2021.
ومرت البلاد بأحداث دامية
على كافة الأطر، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، آخرها كان الهجوم الدامي الذي استهدف مطار
عدن (جنوبي البلاد)، الأربعاء، بعد هبوط طائرة تقل أعضاء ورئيس الحكومة الجديدة، مسفرا
عن سقوط ما يزيد على 130 بين قتيل وجريح.
ويتوقع مراقبون وسياسيون يمنيون تصاعد وتيرة الأحداث خلال العام المقبل، وسط متغيرات إقليمية ودولية.
"حراك وهشاشة الشرعية"
وفي هذا السياق، يقول الكاتب
والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إنه من الواضح أن التطورات السيئة التي شهدها
العام 2020 ستلقي بظلالها على العام الجديد.
وتابع في حديث لـ"عربي21":
"تم ترسيخ قوى الأمر الواقع، ومنحت مساحات واسعة من الأرض، وتمت السيطرة على العاصمتين؛ الأساسية (صنعاء) والمؤقتة (عدن)، وتم استقطاع أرخبيل سقطرى لصالح الطموح الإمبراطوري
الأحمق للإمارات.
وأضاف التميمي أن التشكيل
المتأخر جدا لحكومة الكفاءات أو حكومة المناصفة، وضم المجلس الانتقالي إليها بخمس حقائب،
يجعلها أبعد من أن تفي بمتطلبات استعادة الدولة والحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية.
وأشار إلى أنه "على الرغم
من أن التوصل إلى تشكيل الحكومة يمثل "حدثا فارقا"، إلا أن تمكين الانفصاليين
من الدولة سيتسبب بالمزيد من الهشاشة في السلطة الشرعية، وسيقيد الحكومة، ويدفعها باتجاه
الانشغال ببقائها أكثر من القيام بواجباتها غير المتفق عليها أصلا".
ومنها وفقا للكاتب التميمي: "تمكين
السلطة الشرعية في عدن، وإخلاؤها من السلاح، وخوض معارك حاسمة ضد الحوثيين".
وبحسب المتحدث ذاته، فإن
"الرهان ينصب على الحراك الذي يتشكل الآن؛ لاجتراح خط متحرر من هيمنة المتدخلين
الإقليميين".
وأردف قائلا: "الرهان
ينعقد كذلك على تحول في الموقف السعودي يجعل قيادة المملكة أكثر رشدا في مقاربة الوضع
في اليمن، وإنهاء هذا الفصل من العبث الذي تتورط فيه أبوظبي".
وأوضح السياسي اليمني أن أي
تحول إيجابي في الموقف السعودي من شأنه أن يجعل العام 2021 عاما للسلام في اليمن، أو
على الأقل عام استعادة الأمل، مستدركا بالقول: "لكن ذلك يظل إحدى الفرضيات البعيدة
جدا عن التحقيق".
"عام فاصل"
من جانبه، يرى رئيس مركز أبعاد
للدراسات والبحوث في اليمن، عبدالسلام محمد، أن 2021 سيكون عاما فاصلا في حرب اليمن، خاصة ما يتعلق بمستقبل الشرعية.
وقال في حديث لـ"عربي21": "المؤشرات
تشير إلى أن التحالف يبني مشروعية حكم جديدة موازية للشرعية، التي تم إضعافها من خلال
بناء مليشيات في المناطق المحررة، ومنعها من العودة إلى الداخل إلا بعد اتفاق الرياض
الذي ينزع عنها السيادة".
وأضاف محمد أن الحوثيين مستمرون
في بناء مليشياتهم، وسيتعاملون مع أي فرصة حوار كتهدئة لاستعادة الأنفاس اقتصاديا، مؤكدا
أن اليمن "ستكون تحت رحمة التحالف (بقيادة الرياض)، خاصة في ما يتعلق بالعملة، فقد
اتضح أن التحالف مؤثر في قيمة العملة الوطنية بعد إعلان تشكيل حكومة اتفاق الرياض"،
في إشارة منه إلى تراجع سعر الدولار بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة في 18 كانون الأول/
ديسمبر 2020.
وتابع رئيس مركز أبعاد اليمني: "الحوثيون أصبح
لهم كيان اقتصادي مستقل مرتبط باقتصاد الحرب، وليس له قيمة إذا ما حدث استقرار؛ لأنه
اقتصاد وهمي".
عسكريا، أكد الباحث اليمني
أن حدود الحرب بين الحوثيين والشرعية انتهت في 2020.
واستطرد: "فيما سيشهد
العام 2021 بروز مكونات عسكرية جديدة وتوسعها، بعضها مرتبط بالإمارات والسعودية مثل
توسع مناطق سيطرة قوات طارق صالح، كما أن الانتقالي سيبقى مسيطرا عسكريا على الجنوب
بالذات، العاصمة عدن.
في المقابل، يتفرغ الحوثيون
في تطوير سلاحهم الصاروخي والدرونز والقوارب المسيرة".
وأوضح عبدالسلام محمد أن الوضع
السياسي والعسكري قد يبقى كما هو الحال عليه الآن، لكنه رجح انقلابا في الموازين، حيث
قال: "في حال حصلت تغيرات إقليمية، ودخلت قوى إقليمية جديدة في اللعبة، ستتغير كثير
من الموازين".
"دورة عنف جديدة"
من جانبه، قال الخبير اليمني
في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب، إن الوضع السياسي والعسكري في العام القادم مرتبط بـ"إعادة الترتيب الداخلي للقوى الفاعلة والداخلة في الصراع، ومن أبرزها
المجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة الشرعية".
وأضاف في حديث لـ"عربي21":
"بعد التنفيذ الشكلي لاتفاق الرياض، والذي يفترض تكوين كتلة واحدة لمواجهة الحوثي،
إلا أن الوضع في مدينة عدن، جنوبا، سيظل على ما هو عليه".
ووفقا للذهب، فإن بقية الاتفاقات
والترتيبات لن تنفذ، بالإضافة إلى أن مليشيات الانتقالي لن تدمج داخل الجيش والأمن
الحكوميين.
وتابع: "سيكون هناك عذر
مقبول بأن الجيش في معركة، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تنظيم وإجراء دمج مليشيات
الانتقالي داخل الجيش متى ما سمح الوضع".
وأكد الخبير اليمني أن الحوثيين
يحاولون على ما يبدو على المسار السياسي والعسكري استخدام القوة؛ لفرض اتفاق يشبه اتفاق
ستوكهولم في محافظة مأرب (شرقا)، أو فرض عملية سلام في ضوء ما يطرحونه من أفكار بالتخلي
عن المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن
2216).
المتحدث ذاته، أشار إلى أن
"هذه المحاولة لفرض الإرادة تتم من خلال ما يتم على الأرض في مأرب، ومن خلال مسار
التنادي بحقوق الإنسان، ورفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي".
ويوضح الخبير اليمني في الشؤون
العسكرية أننا سنشهد قيام طهران باستخدام الحوثيين مجددا كورقة تأثير؛ لرفع العقوبات، وإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق المتعلق بملفها النووي المبرم عام 2015، وانسحاب
واشنطن منه عام 2018، مؤكدا أن هذا يعيد سيناريو استخدام الجماعة للتأثير في موقف الولايات
المتحدة ضمن مجموعة أوراق أخرى لإبرام الاتفاق خلال عام 2015.
وبيّن أن 2021 سيكون خليطا
بين العمل السياسي والعسكري، ومراوحة بينهما، دون الوصول إلى حل للقضية اليمنية خلال
هذا العام.
وتوقع الخبير الأمني أن تنشأ
حالة أمنية غير مستقرة في المحافظات الجنوبية، واختلالات أمنية واسعة يرمي كل طرف باللائمة
على الآخر.
ولفت إلى أنه إذا لم تكن لدى
الرياض نية صادقة في دعم عملية تنفيذ الملحقين العسكري والأمني خلال الستة الأشهر القادمة، أو تنفيذ ما يبعث على الاستقرار، "فإننا سنكون أمام دورة عنف جديدة".
"بداية النهاية للحوثي"
بموازاة ذلك، قال رئيس مركز
"نشوان الحميري" للدراسات، عادل الأحمدي، إن ثبات الحكومة اليمنية في العاصمة
المؤقتة عدن، جنوبا، بعد الالتفاف الداخلي والخارجي، عقب استهداف مطار عدن، "سيكون
بداية النهاية للحوثيين".
وأضاف الأحمدي، في حديث لـ"عربي21"، أن الاستهداف الأخير من قبل الحوثيين لأعضاء الحكومة في مطار عدن، وما نجم عنه من عشرات
الشهداء والجرحى، يفتح الطريق أمام الحكومة لتكون حقيقية موجودة على الأرض ومشمولة بتضامن
الجميع، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كان وزراؤه ضمن المستهدفين".
وظهر الأربعاء، هزت انفجارات
عنيفة مطار العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، عقب هبوط طائرة تقل أعضاء الحكومة الجديدة
فور نزولهم في مدرج المطار.
والسبت، أدى أعضاء الحكومة
اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي، في مقر إقامته بالعاصمة السعودية
الرياض.
وفي 18 كانون الأول/ ديسمبر،
أعلنت الرئاسة اليمنية تشكيل حكومة جديدة تضم 24 وزيرا مناصفة بين الشمال والجنوب،
بناء على اتفاق الرياض، بعد مشاورات بين الحكومة (السابقة) والمجلس الانتقالي الجنوبي
المدعوم من الإمارات.
ويهدف التشكيل الحكومي الجديد
إلى إنهاء الخلاف بين الحكومة اليمنية السابقة والمجلس الانتقالي، والتفرغ لمواجهة
الحوثيين الذين اقتربوا من السيطرة على مأرب، آخر معاقل الحكومة شمالي البلاد.
ويشهد اليمن منذ 6 سنوات حربا
بين القوات الحكومية المدعومة بتحالف تقوده السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران،
والمسيطرة على العاصمة صنعاء.
اقرأ أيضا: "الاستقبال الدموي" في اليمن.. إدانات واسعة وتعليق للرحلات