هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتحت المصالحة العربية التي انتهت بتوقيع الرباعي العربي (السعودية، مصر، الإمارات، البحرين) الباب أمام العديد من التكهنات بشأن مستقبل الكثير من القضايا بين مصر وقطر، من بينها ملف المعارضة المصرية بشكل رئيسي.
وذهب البعض في تصريحات لـ"عربي21" إلى القول بأن مسألة المكسب والخسارة للمعارضة المصرية من احتمال تطبيع العلاقات بين مصر وقطر لن يحقق انفراجة أو تضييقا على المعارضين المصريين؛ بسبب سياسات الدوحة الثابتة في هذه القضية.
فيما ذهب البعض الآخر إلى أن المكسب الحقيقي في المدى القصير هو مكسب شعبي لا سياسي؛ بسبب فتح المجالات المغلقة بين البلدين، وهو ما سينعكس بشكل سريع وإيجابي على المواطنين المصريين المتضررين منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وكان من بين الشروط الـ13 التي فرضتها دول الرباعي على قطر، غلق قناة الجزيرة، وقطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، لكن لم يتم التطرق لها في الاتفاق النهائي، وانتهت المقاطعة دون العودة إلى المربع صفر.
اقرأ أيضا: ما الذي يمكن أن تغيره المصالحة الخليجية في أزمات المنطقة؟
وبعد ثلاث سنوات ونصف من المقاطعة وقع قادة دول الخليج البيان الختامي للقمة الـ41 و"بيان العلا"، اللذين تضمنا التأكيد على وحدة الصف، وتعزيز التعاون العربي المشترك.
وأوفدت مصر وزير خارجيتها سامح شكري لتمثيلها في التوقيع على "بيان العلا" الخاص بالمصالحة العربية، ومباركتها.
وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن "مصر تُقدّر وتثمّن كل جهد مخلص بُذل من أجل تحقيق المصالحة بين دول الرباعي العربي وقطر، وفي مقدمتها جهود الكويت الشقيقة على مدار السنوات الماضية".
الخطوة لاقت ترحيبا من المعارضة المصرية، إذ أعلنت جماعة الإخوان المسلمين المصرية، في بيان لها، الإثنين، وصل "عربي21" نسخة منه، ترحيبها بقرار فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين قطر والسعودية.
وقال المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان، طلعت فهمي: "ترحب الجماعة بالخطوات والإجراءات التي تم إعلانها يوم الإثنين 4 كانون الثاني/ يناير 2021؛ لإتمام المصالحة بين دول مجلس التعاون الخليجي".
إرادة أمريكية
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب "الحرية والعدالة" المصري، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، محمد سودان، إن "اتفاق العلا الذي تنازلت فيه دول الحصار عن الـ ١٣ شرطاً هي من وجهة نظري تلبية لترامب على مضض"، مشيرا إلى أن "مصر كان دورها في الحصار أو المصالحة هامشيا، وأمرها في مسألة المصالحة بيد السعودية والبيت الأبيض".
وبشأن انعكاس المصالحة على المعارضة، أكد في حديثه لـ"عربي21": "دولة قطر منذ انتفاضات الربيع العربي في ٢٠١٠ لم تألُ جهداً في دعم الشعوب المنتفضة ضد الحكام المستبدين، وأظن أن دولة قطر وأميرها وشعبها لم ولن يقصروا في دعمهم للشعوب المنتفضة رغم الضغوط الشديدة".
ورهن أي انفراجة للمعارضة المصرية "برغبة ساكن البيت الأبيض الجديد في حدوثها؛ لأن السيسي منذ الانقلاب العسكري يعمل على تنفيذ أجندة غربية – صهيونية للقضاء على الإسلاميين، وإجهاض أي محاولة لولادة دولة ديمقراطية بالمنطقة".
ولكن المصالحة ستنعكس على الشعوب بشكل إيجابي، وفق سودان، مشيرا إلى أنه من الوارد أن تعيد قطر النظر في مسألة إيقاف تشغيل المصريين بعقود جديدة بعد هذه المصالحة وخاصة أن دولة قطر تعتمد بشكل كبير على العمالة والمهنية المصرية في شتى المجالات.
توصيف المعارضة
السياسي المصري، والمتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، اعتبر أن "تقييم مستقبل المعارضة المصرية بناء على ما جرى من مصالحة خليجية، يتوقف على التوصيف للمعارضة نفسها. بالنسبة للمعارضة الثورية أو الجذرية التي تسعى لتغيير النظام، فربما تشكل المصالحة حالة ضغط وتضييق عليها، من الجهة الإعلامية".
اقرأ أيضا: وزير خارجية قطر يتحدث عن التطبيع والمصالحة الخليجية (شاهد)
وأضاف لـ"عربي21": "أما بالنسبة للمعارضة غير الثورية، التي يمكن لها أن تتصالح مع النظام مقابل بعض التنازلات منه، فالمصالحة تعد مكسبا، وربما تتطور لمصالحة بينها وبين النظام المصري، لو رضي بذلك النظام المصري".
لافتا إلى أنه "من الضروري جدا التفريق بين الخط الثوري الذي يستهدف النهوض بالأمة وإعادتها للوجود مرة أخرى، ومجموعات المعارضة التي تعمل في نفس مسار القوى الإقليمية والدولية التي تعمل دائما على تكبيل الأمة واستنزاف مواردها".
انفراجة شعبية لا سياسية
بدوره، توقع الأكاديمي والمحلل السياسي الكويتي، الدكتور شفيق الغبراء، أن "تنعكس المصالحة على الشعوب بالدرجة الأولى، بشكل إيجابي سواء الخليجيين أو المصريين، خاصة أن قطر تحتضن نحو 350 ألف مصري يعملون هناك، وإن لم تنعكس على العلاقات السياسية، وحتى إن كانت هذه المصالحة باردة، ويبدو لي أنها ستظل كذلك".
ولكنه استبعد، في حديثه لـ"عربي21" أن "تحقق انفراجة حقيقية أو تتسبب في التضييق على المعارضة في دولة مثل قطر، لأن الدوحة هي مكان من عدة أماكن يمكن أن تلجأ لها المعارضة فإن لم تكن الدوحة فإسطنبول وإن لم تكن فلندن، وهكذا، والجزيرة منصة من ضمن منصات أخرى عديدة متوفرة فالفضاء الإلكتروني مفتوح في كل مكان".
وأوضح الغبراء: "على الحكومة المصرية أن تتصف بالمرونة فيما يتعلق بالمعارضة؛ لأنها تقويها ولا تضعفها، وتتيح لها هامشا واسعا من الحرية، وأمامنا نموذج كويتي؛ المعارضة تتحدث وتناقش وتنتقد، حتى المعارضة التي ذهبت للخارج لا تسعى للإقدام على أي أعمال كبرى، بل يسعى بعضها للعودة لأرض الوطن".