هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد 10 أيام من إصدار الولايات المتحدة عقوبات بحق رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق فالح الفياض، فرضت واشنطن عقوبات مماثلة على رئيس أركان "الحشد" عبد العزيز المحمداوي، المعروف بـ"أبو فدك"، وصنّفته "إرهابيا عالميا".
حالة التصعيد الأمريكية هذه ضد أبرز قيادات هيئة الحشد الشعبي المقربين من إيران، والمرتبطين رسميا بالقائد العام للقوات المسلحة العراقية، أثارت تساؤلات ملحة حول دوافع الولايات المتحدة في اتخاذ هذه القرارات في الوقت الحالي.
تهيئة للانتخابات
من جهته، توقع الخبير السياسي العراقي، غانم العابد، أن تطال العقوبات الأمريكية أسماء أخرى في المستقبل، منها، هادي العامري زعيم تحالف "الفتح" وأحمد الأسدي المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي، إضافة إلى كل من شارك باقتحام سفارة واشنطن ببغداد في كانون الثاني/ ديسمبر 2019.
العابد توقع في حديث لـ"عربي21" أن تحول العقوبات دون مشاركة هذه الشخصيات في الانتخابات التشريعية المقبلة، بيد أن الولايات المتحدة تسعى من خلالها إلى تخفيف المشاكل في العراق وتقليل النفوذ الإيراني، من أجل التمهيد لعملية انتخابية لا يكون هؤلاء القريبون من إيران طرفا فيها.
ورجح العابد ألّا تقتصر العقوبات الأمريكية في المستقبل على قادة الفصائل المسلحة، بل ربما تصل إلى القادة السياسيين، من أجل تهيئة أجواء ملائمة نوعا ما للشارع العراقي، حتى يجري انتخاب شخصيات بعيدة عن الارتباطات الخارجية، وتحديدا إيران.
اقرأ أيضا: واشنطن تصنف قياديا بالحشد الشعبي العراقي "إرهابيا عالميا"
ونوه المحلل السياسي إلى أن "العقوبات الأمريكية ربما يتبناها المجتمع الدولي نفسه، وكذلك قد تفسح المجال أمام المنظمات والمحاكم الدولية للمطالبة بمعاقبة كل من تسبب باغتيال المتظاهرين طيلة عام كامل".
الولايات المتحدة بررت عقوباتها على الفياض والمحمداوي بمسؤوليتهما عن "اعتداءات وحشية استهدفت متظاهرين في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إضافة إلى قيامهم بحملة شعواء ضد الديمقراطية العراقية والمجتمع المدني، وسرقة موارد الدولة العراقية".
"خطوة استفزازية"
وفي المقابل، رأى الخبير الأمني العراقي، سرمد البياتي، أن "موضوع العقوبات يحمل أوجها عدة، الأول أنها عقوبات معنوية لأني لا أعتقد أن الفياض وأبو فدك لديهما أصول مالية وحسابات بنكية في الولايات المتحدة، وبالتالي يمكن أن تطالها قرارات وزارة الخزانة الأمريكية".
وأضاف البياتي في حديث لـ"عربي21" أن "الموضوع الآخر ربما يكون ترامب أوعز في نهاية أيامه للقيام بعمليات استفزاز أمنية، قد يتوقعون أنها تولد ردّات فعل من الحشد الشعبي أو غيره، وبالتالي يجدون سببا مباشرا لقصف مقرات الحشد أو أهدافا أخرى مثبتة لديهم".
وتابع قائلا: "لذلك أرى أن الجميع تصرف بهدوء خلال هذه المرحلة، لذلك أنا أميل للسبب الثاني، علما أنه قد تكون هناك شكاوى معينة ومعلومات استخبارية وصلت إلى الولايات المتحدة".
وتساءل: "لكن إذا كانوا يريدون معاقبة خلية الأزمة التي كان فيها الفياض، فإنها كانت تضم رئيس الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية والوزراء الأمنيين، فلماذا اختاروا الفياض، وفي وقتها كان أبو مهدي المهندس متواجدا فيها وليس أبو فدك؟ ولذلك العقوبات هي سياسية معنوية أكثر منها فعلية"، حسب قوله.
وبخصوص مدى تأثيرها، رأى البياتي أن "المستقبل سيحكم مدى تأثيرها على مستقبلهم السياسي، لأن العقوبات غير ملزمة للعراق، ولا يمكن لأي دولة أن تلقي القبض على أحد من المعاقبين أمريكيا، كونها لم تصدر من محكمة الجنايات الدولية أو جهة قضائية دولية، لذلك تأثيرها محدود جدا".
وكانت وزارة الخارجية العراقية أصدرت بيانا، السبت الماضي، أعربت فيه عن استغرابها من القرار الصادر بفرض عقوبات أمريكية على رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.
اقرأ أيضا: العراق "متفاجئ" بعقوبات أمريكا ضد رئيس الحشد الشعبي
وأكدت الخارجية أن القرار مثل مفاجأة غير مقبولة، وأنها ستُتابع بعناية مع الإدارة الحالية والجديدة في واشنطن جميع القرارات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية بحق أسماء عراقيّة، والعمل على معالجة تبعات ذلك.
"استهداف للحشد"
لكن المتحدث باسم مليشيا "عصائب أهل الحق"، جواد الطليباوي، قال إن فرض العقوبات على رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، قد يكون بداية لتصنيف الحشد "كمنظمة إرهابية".
وقال الطليباوي في تغريدة على "تويتر" إن قيام أمريكا بإدراج الفياض على لائحة عقوباتها "يمثل اعتداء سافرا على الدولة العراقية؛ لأن الفياض يشغل منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وأن هذا الإجراء الأمريكي المدان قد يكون مقدمة لإدراج الحشد الشعبي وتصنيفه كمنظمة إرهابية".
وفي تغريدة أخرى، قال الطليباوي إنه "إذا كانت إدارة الشر الأمريكية تعتقد أن إدراج رئيس هيئة الحشد ورئيس أركانه أبو فدك على لائحة عقوباتها هو أمر سيضعف الحشد فهي واهمة، لأن حشدنا يزداد قوة كلما قامت أمريكا ولقيطتها إسرائيل باستهدافه، فالحشد الذي هزم الإرهاب لن يأبه لصانعي الإرهاب ولعقوباتهم البائسة".
(@Metaq7) January 13, 2021
وفي السياق ذاته، استنكر تحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري، محذرا "بقوة من أن هذه المواقف هي استهداف للحشد كمؤسسة رسمية وعقيدة وطنية شعبية مجاهدة، وليس فقط رئيسها وقياداتها".
واعتبر البيان أن القرار يمثل "اعتداء سافرا على الدولة العراقية وأجهزتها الأمنية في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها البلد، يكشف عن حجم التدخلات السلبية للإدارة الأمريكية، وانتهاجها للسبل والمخططات التي تروم إضعاف العراق شعبا وحكومة".
وتابع: "كنا على ثقة بأن الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها ستتخذ جملة من القرارات المجنونة والصبيانية، والقيام بطائفة من التحركات الاستفزازية، خصوصا بعد أحداث الشغب التي رافقت ليلة التوقيع على ولاية الرئيس الجديد".
وأعرب "الفتح" عن أمله بأن "تكون العقوبات المفروضة هي آخر أوراق الطيش الترامبي في الإدارة الأمريكية السابقة"، مؤكدا "عدم تأثيرها في مجرى السياسة العراقية، بل ستزيد الحشد وقيادته وألويته الوطنية قوة وإصرارا".