ستبقى القضية الفلسطينية هي مفتاح الحل أو واللا حل في دول المنطقة كلها، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا، وليس في أرض وشعب فلسطين فقط، فإسرائيل ليست مجرد احتلال من شعب لا أرض له لأرض لا شعب لها كما يزعمون، أيضا ليست أرض الميعاد وفقا للتوارة كما يروجون.. "إسرائيل دولة حاجزة وقاعدة عسكرية ناجزة"، أنشئت على أرض فلسطين احتلالا خطط له وموّله ونفذه النظام العالمي وقتها، بهدف حصار وتقييد شعوب المنطقة بعد مرحلة الاستعمار الغربي لدولها وحرمانها من الوحدة والتعاون لاسترداد تاريخ مجيد وحضارة عظيمة.
نعم رحل الاستعمار عسكريا عن المنطقة، وبقي فكريا وثقافيا بنخبته المحلية، وسياسيا بوكلائه من الرؤساء و الأمراء والملوك، تدعمه الجيوش العربية التي تدين بالولاء والوفاء للغرب وليس إلى الشعوب والأوطان.
نجحت الحركات الوطنية والإسلامية في التصدي للمشروع الغربي في ميدان الفكر والثقافة، وفرضت هوية وثقافة الشعوب نفسها في الحياة الاجتماعية، ومكوناتها الفكرية والثقافية والسلوكية في الحياة اليومية وأغلب العلاقات العامة والمجتمعية.
لكن ظل مربع الحكم ومؤسساته العسكرية الحاجز البديل لإسرائيل داخل الأوطان وفي المجتمعات، حاجزا حاسما ومانعا أن تحكم الشعوب نفسها وتفرض إرادتها وتحمي مقدراتها وثرواتها وتنتزع حقوقها المحلية والإقليمية، خاصة الأرض والمقدسات في فلسطين.
ثم كانت ثورات الربيع العربي لانتزاع الشعوب حقوقها، لكن سرعان ما كانت الثورات المضادة من المربع الصهيو-خليجي، الوكيل الحصري للمشروع الصهيو-أمريكى، فأجهضت الثورات، وقتل المسار الديمقراطي الوليد، وتم سجن وقتل الثوار والمؤيدين والأنصار، بل تعرضوا وما زالوا لحملات تطهير عرقي على خلفياتهم السياسية الإسلامية والمدنية، لأن ثورات الربيع كانت ضد وكلاء المشروع الصهيو-أمريكى من الرؤساء والأمراء والملوك، وبالتالي كانت تمثل تهديدا خطيرا على إسرائيل ليس في الحدود بل أيضا في البقاء والوجود.
نعم حققت المقاومة الإسلامية في فلسطين نجاحات مبهرة ضد الكيان الصهيوني وباعترافه هو بعيدا عن أكاذيب الإعلام والحكم الرسمي في بلدان العرب، وحققت بعض مربعات المعارضة الإسلامية بعض النجاحات في دول المنطقة ضد وكلاء إسرائيل من حكام العرب، لكن تبقى المؤسسات العسكرية التي تدين بالولاء والوفاء لأنظمة الحكم والغرب معا نقطة مفصلية في إجهاض محاولات الإصلاح والتغيير سواء بسواء.
ليس صحيحا أن هناك موقفا رافضا تجاه الإخوان فقط من المربع الصهيو-خليحي، بل الموقف من كل القوى الوطنية المعارضة أيا كانت خلفيتها الفكرية، لأن القوى الوطنية وإن اختلفت مشاريعها ووسائلها وأدواتها إلا أنها جميعا تسعى لصالح الإنسان والأوطان، وحماية الثروات والمقدرات والمقدسات، والنشاز في القوى الوطنية هو نفس النشاز في الحركة الإسلامية من كيانات وفصائل هنا وهناك؛ موالية لوكلاء المربع الصهيو-خليحي تارة باسم الدين وتارة باسم الدنيا.
هذا هو الواقع بتحدياته فما هو المخرج، وقد عشنا ما عشنا من تجارب ومحاولات ورؤى وشعارات بين النجاحات والإخفاقات؟؟