نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز"
تقريرا لمراسلها بن هبارد، قال فيه إن تخفيض عدد حالات الإعدام وإزالة خطاب الكراهية
وتحديد مدد سجن الناشطين هي جزء من التغييرات التي قامت بها الرياض استعدادا لدخول
بايدن
البيت الأبيض.
وقال بن هبارد، إن وصول بايدن إلى الحكم قد
يكون بداية علاقة غير متجانسة مع
السعودية رغم أن الأخيرة يمكن أن تشير إلى التقدم
في القضايا التي أدت إلى التوتر المستمر مع الولايات المتحدة.
فقد أعلنت الرياض التي كانت تعتبر واحدة من
أعلى الدول في ناحية أحكام الإعدام عن تراجع العدد بـ 85 حالة عام 2020 وذلك بسبب الإصلاح
القضائي الذي قامت به.
وتقول الجماعات التي تراقب التحريض على غير
المسلمين في المقررات الدراسية السعودية إنه تم حذف كل الأمثلة التي تدعو إلى الضيق
والشجب. كما أن الحكم على أهم معتقلين في البلاد وتحديد الحكم جاء مع وصول بايدن إلى
الحكم.
ويقول هبارد إن منظمات حقوق الإنسان أثنت على
التغييرات لكنها أكدت على فشل المملكة في توفير الحقوق الأساسية.
ونقل الكاتب عن آدم كوغل نائب مدير الشرق الأوسط
في منظمة هيومان رايتس ووتش، قوله: "كانت هناك إصلاحات جيدة قد تثير الحماس،
لكن الغياب الكامل لحرية التعبير ومواصلة القمع السياسي خفف من حصول السعودية على ثناء
أكبر عن هذه التغييرات".
ويعلق بن هبارد بأن الكثير من هذه التغييرات
غير مرتبطة بمحاولة التقرب من الولايات المتحدة، ولكنها جزء من عمليات تنويع الاقتصاد
وتخفيف القيود الاجتماعية التي بدأت في عهد الملك سلمان وصعود ابنه محمد إلى السلطة
كولي للعهد وهو الذي دفع بهذه التغييرات.
فقد أرسل محمد بن سلمان القوات السعودية إلى
اليمن حيث قصفت المدنيين وأمر بحملة اعتقالات واسعة للناشطين وعدد آخر من أبناء العائلة
الحاكمة. ويعتقد بشكل واسع أنه هو الذي أرسل فرقة لقتل الصحفي السعودي المقيم في الولايات
المتحدة جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018، مع أنه نفى معرفته الأولية بالخطة.
وبنى محمد بن سلمان علاقة قوية مع الرئيس دونالد
ترامب وصهره جاريد كوشنر اللذين وفرا له الحماية من تحركات فروع الحكومة الأخرى التي
عبرت عن غضبها من أفعاله. ووعد بايدن بتبني موقف مختلف من السعودية التي وصفها بـ"المنبوذة"، ووعد بالدفاع عن حقوق الإنسان ودعا إلى إعادة تقييم العلاقات
الأمريكية-السعودية.
ولم يقدم المسؤولون السعوديون أي خطوة لمعالجة
مظاهر قلق إدارة بايدن، فلا تزال القوات السعودية منخرطة في حرب اليمن، وانتهت المحاكمة
السعودية للمتهمين بقتل خاشقجي قبل أشهر بدون توجيه تهم لمسؤولين كبار أو محاكمتهم.
إلا أن التغييرات الأخيرة قد تؤدي إلى تخفيف
بعض مظاهر التوتر في بداية ولاية بايدن، حيث أعلنت الهيئة السعودية لحقوق الإنسان يوم الاثنين، عن حالات الإعدام التي نفذت العام الماضي وعددها 27 حالة مقارنة مع
184 حالة قبل ذلك بعام والذي جعلها في المرتبة الثالثة بعد الصين وإيران.
وعادة ما انزعجت الدول الغربية من طريقة تنفيذ
الأحكام حيث يتم وضع قناع على وجه المدان ويقوم السياف بقطع رأسه في الساحة العامة.
وأشارت الهيئة إلى أن تراجع حالات الإعدام نابع من وقف عقوبة الإعدام على الجرائم المتعلقة
بالمخدرات والتي كانت تمثل الجزء الأكبر من الأحكام الصادرة في الأعوام الماضية.
وقال مدير الهيئة عواد العواد إن هذه أخبار
جيدة ودليل على أن النظام القضائي السعودي بات يركز أكثر على المنع والتأهيل بدلا من
العقوبات. وقال إن الحكومة ألغت أحكام الإعدام ضد القاصرين كجزء كما يقول من إصلاحات
ولي العهد.
ورحب كوغل بوقف أحكام الإعدام مع أنه ليس متأكدا ما إن كانت ضمنت في القانون، مشيرا إلى أن التنظيمات الجديدة لم تنشر بعد وبيان الهيئة
السعودية نشر بالإنكليزية فقط وليس بالعربية. وأضاف أن إعدام عدد قليل لا يلغي أن النظام
القضائي السعودي "متحيز وغير منصف".
وقال بن هبارد إن السعودية حققت تقدما في إزالة
التعليقات المزعجة لغير المسلمين من الكتب المدرسية والتي كانت سببا في إضعاف العلاقات
مع الولايات المتحدة. وطالما اشتكى المسؤولون الأمريكيون من المقررات الدراسية السعودية
والتي طالما حثت على الجهاد والشهادة وصورت اليهود والمسيحيين بالأعداء، وبخاصة بعد
هجمات 9/11 التي شارك فيها 15 سعوديا من 19 منفذا.
ورغم التعديلات التي أجريت على المقررات المدرسية
خلال السنين الماضية إلا أن المحتوى المثير للجدل، ظل كما هو. وتمت إزالة الكثير الآن،
ففي مراجعة للمقررات الدراسية لعام 2020-2021 وجد أن الكثير من المواد التي تعتبر
معادية للسامية قد أزيلت، وكذا النصوص التي تحث على الجهاد وتلك التي تهدد المثليين
بنار جهنم.
وأشارت الصحيفة إلى البحث الذي قامت به
"إمباكت" في تل أبيب إلى الكثير من التغيرات منذ تقريرها العام الماضي وتشتمل
على حذف فصل بعنوان "التهديد الصهيوني" وحديث منسوب إلى الرسول محمد ﷺ عن قتل
المسلمين اليهود في آخر الزمان. وتم حذف معظم الإشارات عن الجهاد بما فيها وصفه بأنه
"ذروة سنام الإسلام". ولكن الكتب لا تزال تحتوي على قصة "عصاة اليهود"
الذين وصفوا بالقردة وأن "نار جهنم" تنتظر المشركين الذين لا يتوبون.
لكن ماركوس شيف، المدير التنفيذي لإمباكت قال
في مقابلة إن السعودية تسير في الاتجاه الصحيح وأسرع من قبل، "المقرر الدراسي ليس
خال من الكراهية والتحريض، ولكن السعودية حققت تقدما".
وتم شجب السعودية لأنها سجنت وحاكمت الناشطين
والناشطات السعوديات في مجال حقوق الإنسان بتهم تقف وراءها دوافع سياسية. وفي الوقت
الذي لم يتم فيه إلغاء الإدانة في الفترة التي قادت إلى وصول إدارة بايدن للحكم إلا
أن الأحكام التي صدرت في حق ناشطين سعوديين تهدف لإبقائهم خارج السجن أثناء فترة بايدن
في البيت الأبيض.
وفي الأسبوع الماضي أكدت محكمة الحكم الصادر
على الطبيب السعودي-الأمريكي وليد فتيحي المتهم بالحصول على الجنسية السعودية بدون
إذن وانتقاد دول عربية عبر منصة تويتر، ولكن المحكمة خفضت حكمه إلى ثلاثة أعوام وشهرين من
ستة أعوام. وقضى الفتيحي نصف الفترة في الحكم وتم تعليق الفترة الباقية، ما يعني أنه
لن يعود إلى السجن لكنه ممنوع من السفر لمدة 38 شهرا.
أما
الناشطة لجين الهذلول التي دافعت عن حقوق المرأة في السعودية وحقها بقيادة السيارة
فقد صدر حكم عليها الشهر الماضي بالسجن لمدة خمسة أعوام وثمانية أشهر بتهم تضم مشاركة
معلومات مع دبلوماسيين وصحفيين أجانب ومحاولة تغيير النظام في السعودية.
ووصف مستشار الأمن القومي لبايدن جيك سوليفان
الحكم في تغريدة على تويتر بـأنه "غير منصف ومثير للقلق". وتم تعليق عامين
من الحكم واحتسبت الفترة التي قضتها في السجن، ما يعني إمكانية خروجها الشهر المقبل.
وبعدها لن يجد المسؤولون السعوديون أنفسهم
أمام سؤال حول سبب وضع الناشطين وراء القضبان.
واستأنفت الهذلول على الحكم، فيما رفضت المحكمة
اتهامات التعذيب التي تعرضت لها على يد المسؤولين السعوديين بعد اعتقالها عام
2018.