تأتي إلينا هذا العام ذكرى ثورة
25 يناير وقد مرت عشر سنوات على ثورة غير مسبوقة في التاريخ
المصري. وخلال هذه الأعوام العشرة كانت الأحداث كثيرة وخطيرة. لذلك لا بد أن يكون الحديث هذا العام مختلفا عن الحديث النمطي في كل عام.
لقد آن الأوان لأن يقف الجميع مع أنفسهم وقفة مراجعة ومصارحة.. وعندما أقول الجميع فإنني لا أستثني أحدا.. سواء من معسكر
الثورة أو المعسكر المضاد.
بعد السنوات العشر وجب على المعسكر المضاد للثورة أن يراجع نفسه بشيء من العقلانية. فقد سُجن وقتل وشرد تقريبا كل من رفع مطالب الثورة، والقمع لم يستثن أحدا. وكان الفصيل الذي نال النصيب الأكبر من التنكيل هو جماعة الإخوان المسلمين، فقد تم تصنيف الجماعة كجماعة إرهابية وصودرت الأموال وسُجن كل من له علاقة بالجماعة.. وظل النظام يستخدم الجماعة كفزاعة لكل من يعارضه بأن يتم اتهامه بأنه ينتمي إليها.
والسؤال الآن: هل حقق النظام مراده؟ هل انتهت الجماعة؟ هل تراجعت الجماعة؟ هل فقدت الجماعة شعبيتها وجماهيريتها؟
الجواب على ذلك أن الجماعة لا تزال موجودة رغم كل ما تعرضت له، والجماعة لها تواجد في الداخل والخارج.. قد يكون تأثيرها محل نقاش من حيث الفاعلية، وهذا يرجع لآلية الإدارة وفعاليتها، لكن في النهاية لا يمكن أن نعتبر الجماعة قد انتهت. بل إنني أزعم أنه لو أتيحت انتخابات حرة ونزيهة وترشحت فيها الجماعة فستكون المفاجأة أن الجماعة لا تزال مؤثرة وفاعلة، حتى بعد كل ما تعرضت له.
لذلك أقول إنه على المعسكر المضاد للثورة أن يصارح نفسه بأن ما يتخذه من سياسة لم تؤت ثمارها.. ولا بد من التفكير بطريقة مختلفة.
وفي المقابل، أتحدث إلى معسكر الثورة وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين. لقد مرت عشر سنوات وكان سقف المطالب واضحا وعادلا.
ولكن السؤال الآن هل تحقق منها شيء؟
أقول إن المطالب العادلة قد تحتاج إلى ظروف معينة ووقت وحكمة، وقد يستدعي ذلك الذهاب إلى الحلول العاقلة فترة من الزمن الى أن تتهيأ الظروف للحلول العادلة.. والحلول العاقلة تستدعي التعامل مع الواقع بحكمة والبحث عن المتاح وتحقيق مكاسب مرحلية، حتى لو كانت أقل من المطلوب.. وتجارب التاريخ تحمل الكثير من ذلك.
لقد آن للجميع أن يعترفوا بأن المعادلة الصفرية وقضاء طرف على الآخر هي خيار خاطئ.
إن إنهاء الانقسام المجتمعي، وإخراج المعتقلين، ورفع القيود، ورد المظالم، والتعايش، والمشاركة المجتمعية والسياسية بالتعاون مع الجميع.. كل ذلك هو الهدف الذي علينا جميعا أن نعمل من أجل الوصول إليه.
علينا جميعا أن نفكر بطريقة مختلفة، فالمتخاصمون حولنا يتصالحون، والمتغيرات السياسية وتعديل المواقف والسيولة الجيوسياسية تستدعي منا أن نعيد تموضعنا.
وإذا كان كل طرف يرفض التعامل مع الطرف الآخر ويتخذ طريق التصعيد، فإن اللجوء إلى الطريق الثالث قد يكون هو الحل الأنسب حتى لو لم يكن الأفضل.
هذا الطريق الثالث هو طريق التحاور للوصول إلى حلول وإيجاد آلية للتعايش يتم التوافق عليها.
إنني أتوجه إلى الحكماء من الأطراف.. أعيدوا التفكير في ما وصلنا إليه.. وعلينا جميعا أن نجيب على السؤال المطروح: هل حان وقت المصارحة وتعديل المسار؟