هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا، سلطت فيه
الضوء على محاولات النظام المصري الحالي طمس آثار ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس
السابق حسني مبارك قبل 10 سنوات.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"،
إن ثوار ميدان التحرير نصبوا سنة 2012 مسلة خشبية كبيرة نُقشت عليها أسماء شهداء الثورة،
لكن نظام السيسي عمل على طمس كل ما يتعلق بالثورة في الميدان الذي شهد أبرز محطاتها.
في صيف سنة 2019، بدأت السلطات بتجديد الميدان، في محاولة
لتحويله إلى ما يشبه المتحف. وتحيط حاليا بالمسلة أربعة تماثيل لأبي الهول تم جلبها
من معبد الكرنك، إلى جانب أشجار النخيل والنباتات، مع حضور أمني مكثف.
محاولات لطمس معالم الثورة
في هذا السياق، يقول أستاذ الهندسة المعمارية والتصميم والتاريخ
الحضري بجامعة كاليفورنيا بيركلي نزار الصياد: "هناك محاولة متعمدة لمحو تاريخ
الثورة بهذا النصب الذي يبدو أنه محايد". ويضيف الأكاديمي المصري: "يهدف
هذا النصب إلى محو ذكرى ثورة 25 يناير، وبطريقة ما محو تاريخ مصر الأقدم".
وتنقل الصحيفة عن فنان تشكيلي، فضل عدم ذكر اسمه، أن
" الصورة الحالية لميدان التحرير هي محاولة لتسليط الضوء على ماض بعيد جدا؛ حتى
لا نفكر في الحاضر".
وحسب الصحيفة، فإن ما يحدث في ميدان التحرير ليس حالة معزولة،
حيث دخلت مصر منذ سقوط مبارك في خضم صراع لإعادة كتابة تاريخ السنوات الستين الماضية.
ومن بين المناورات الرمزية للنظام الحالي، تجريد ذكرى ثورة
يناير من معانيها العميقة عبر الاحتفال بعيد الشرطة، الذي يتزامن مع يوم الثورة في
25 كانون الثاني/ يناير. وقد اختارت المعارضة ذلك التاريخ سنة 2011 للتنديد بممارسات
الشرطة في عصر مبارك.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه السنة الماضية إن
الشرطة والثورة يشتركان في "المطلب النبيل لتحقيق حياة كريمة للمصريين".
كما سلط السيسي الضوء على أهمية جعل مصر "واحة استقرار"، على عكس موجات عدم
الاستقرار والمؤامرات الأجنبية التي تنسبها السلطات إلى الثورة.
وكان السيسي قد تولى حكم البلاد إثر مظاهرات 30 حزيران/ يونيو
2013، بعد الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، الدكتور محمد مرسي، وهو ما اعتُبر على نطاق واسع انقلابا على الشرعية.
ثورة يناير في الكتب المدرسية
وفقا لبعض الدراسات، لم تشهد الكتب الدراسية في مصر أي تغييرات
جذرية منذ سنة 2011، في المقابل تركز التغيير على محو الإشارات المتعلقة بمبارك وعائلته.
ويخصص كتاب التاريخ للمرحلة الثانوية، وهو الوحيد الذي يتضمن تاريخ مصر الحديث 3 صفحات
للأحداث التي أعقبت ثورة يناير، ولا توجد صور لأحداث 2011 و2013.
وحسب الكتاب، فإن أسباب ثورة 2011 هي تزوير الانتخابات من
قبل الحزب الحاكم، والوضع الاقتصادي المتردي، وقانون الطوارئ. ويشير الكتاب إلى أن أهداف
الثورة تحققت بسقوط مبارك.
من جانب آخر، يظهر الكتاب الجيش المصري كمدافع عن الثورة
وليس كعدو لها. ولا يُفصِّل الكتاب كيفية الإطاحة بالرئيس مرسي من السلطة. في المقابل،
يظهر السيسي على أنه أحد أعمدة الاستقرار في البلاد والرئيس الفائز في انتخابات
2014.
محاولات التوثيق على الإنترنت
ومن المثير للاهتمام، حسب الصحيفة، أن النظام المصري يتدخل
أيضا في الفضاء العام؛ ففي سنة 2011، بدأت إعادة تسمية العديد من الأماكن العامة التي
تحمل اسم مبارك، لكن مع تجنب أي إشارات واضحة لثورة يناير في الشوارع والميادين والمتاحف
والمدارس والأماكن الأخرى.
ولا تحمل مشاريع البنى التحتية الجديدة التي أطلقها النظام
الحالي اسم السيسي، لكنها ترمز لشعارات تمجد النظام والجيش، وفقا للصحيفة.
ورغم الرقابة الصارمة، تعتبر الإنترنت المجال الوحيد لإبقاء
ذكرى ثورة يناير راسخة في الأذهان، حسب الصحيفة الإسبانية، حيث ظهرت على الشبكة مبادرات
عديدة للحفاظ على الوثائق والصور والفيديوهات والكتابات والأفلام التي تقدم "آلاف
القصص عن المظاهرات التي حركتها مئات وجهات النظر".
وتنقل الصحيفة عن جودي بارسالو، أستاذة العلوم السياسية الأمريكية،
التي أجرت أبحاثا حول العدالة الانتقالية في مصر بعد ثورة 2011، قولها إن مرور الوقت
سيكون عاملا رئيسيا.
وتضيف بارسالو في هذا السياق: "الذاكرة تتآكل، إنه أمر
طبيعي؛ لذلك كلما مر الوقت، كان من الأسهل على الحكومة محاولة محو الذاكرة. لكن بالنسبة
لأولئك الفضوليين، وهذا هو الجزء الإيجابي من الإنترنت، سيكون هناك ملايين الأشخاص
الذين ينشرون ويخزّنون ويقدمون الوثائق التي تم جمعها خلال الثورة للحفاظ على الذاكرة
الجماعية، وهذا من الصعب جدا محوه".
اقرأ أيضا: كيف تحولت ثورة 25 يناير بمصر لكابوس بعد عقد من اندلاعها؟