قال كاتب إسرائيلي إن "قرار محكمة الجنايات الدولية
في لاهاي، الذي منحها صلاحية التحقيق في الدعاوى المتعلقة بالصراع الإسرائيلي
الفلسطيني،
يثير مجموعة متنوعة من المشاعر والأفكار المتضاربة، ويبرز التفكير بمنع الضباط الإسرائيليين
من مغادرة إسرائيل، أو سجنهم وحبسهم، مخاوف حقيقية، لكني في الوقت ذاته أخشى بشدة أن
يدفع العسكريون في الماضي والحاضر ثمن غطرسة المستوى السياسي، وقيمه المشوهة وغبائه".
وأضاف نداف تامير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الضغط الإسرائيلية
"جي ستريت"، في مقاله بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21": "بصفتي شاركت في حرب لبنان الأولى 1982، فقد تذكرت الحماقة المأساوية لاجتياح
لبنان، والإقامة الطويلة وغير الضرورية في القطاع الأمني هناك".
وأكد تامير، عضو مجلس إدارة معهد ميتافيم للدراسات الإقليمية،
واللجنة التوجيهية لمبادرة جنيف، وهو مستشار سابق للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس: "أتذكر أيضاً كيف أن حرب يوم الغفران 1973، لم تكن ضرورية، بل مأساوية، وحجم المعاناة
التي كان سيتجنبها الإسرائيليون، لو تسلم قادتهم اليد الممدودة للرئيس المصري أنور
السادات قبل الحرب، كما استقبلها مناحيم بيغن في نهايتها".
وأوضح أنه "من المهم تعزيز النظرة الجادة في قرار محكمة
لاهاي، لأننا لسنا أمام اتهامات هستيرية حول ما تسمى الدوافع المعادية للسامية التي
تم إلقاؤها على مصدري ذلك القرار القضائي الدولي، لأن إسرائيل مليئة بالقبور غير الضرورية،
والأرواح المشوهة الذين اعتقدوا بأنهم كانوا يحمون إسرائيل لكنهم أرسلوا في مهام عسكرية
لم تساهم في حمايتها، وفي كثير من الحالات كان العكس هو الصحيح".
وأشار إلى أنه "ليس من المستغرب أن يصبح معظم كبار جنرالات
الجيش الإسرائيلي وكبار قادة الموساد وجهاز الأمن العام مؤيدين لاستخدام الأدوات الدبلوماسية
بعد تقاعدهم من الخدمة العسكرية، وباتوا يفهمون الأضرار التي تسببها السياسة الحالية
لإسرائيل".
وأوضح أنه "لهذا السبب فإنني أتطلع إلى التطورات القضائية
والقانونية الدولية الأخيرة التي تشكل جرس إنذار لإسرائيل، بضرورة إنهاء القمع الذي
تجد نفسها فيه، ولذلك فقد صُدمت مرارًا وتكرارًا بسبب لامبالاة الجمهور الإسرائيلي
بواقع
الاحتلال للفلسطينيين، سواء من الناحية الأخلاقية، أو من حيث تداعياته الاستراتيجية
على مستقبل الصهيونية".
وأكد أنه "في الآونة الأخيرة، ساء الوضع على الأرض بسبب
رد الفعل العنيف من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وبسبب محاولته فرض
الحقائق على الأرض قبل أن تكمل إدارة الرئيس الجديد جو بايدن مرحلة التعيين، وتدخل
في العمل بدوام كامل".
وقال: "إننا عشنا في الأيام الأخيرة من عهد ترامب
ارتفاعا مقلقا في توتر المنطقة وفي الإجراءات المصممة لمنع إمكانية التوصل إلى تسوية
مع الفلسطينيين، وكذلك عنف المستوطنين ضدهم تحت إشراف عناصر عسكرية إسرائيلية، ونادراً
ما يتم نقل هذه الأحداث في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولا تهم غالبية الجمهور الإسرائيلي
ذاته".
وأوضح أن "إسرائيل يحق لها أن تخشى نجاح دعوى في المحكمة
الجنائية الدولية إلى اتخاذ خطوات ملموسة ضد ضباطها وجنودها، على أمل أن تؤدي مثل هذه
التطورات إلى أن توقظنا، وتثير قلق الجمهور الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية المستقبلية
لتغيير الاتجاه قبل فوات الأوان، مع أني أفضل أن يأتي ذكر الطبيعة الإشكالية الأخلاقية
والاستراتيجية للاحتلال من ساحة أقل إشكالية، بغض النظر عن قرار
المحكمة الدولية".
وأكد أنه "نظرًا لهذا الوضع الجديد، فمن المهم تعزيز
النظرة الجادة في قرار المحكمة الجنائية الدولية، دون أي دعوة لمقاطعتها، وندعو الجيش
الإسرائيلي للتحقيق في أي انحراف لممارسات جنوده ضد الفلسطينيين بشكل كامل وشفاف، والتأكد
من عدم وقوع أعمال مروعة تحت رعايته على الأراضي الفلسطينية كما حدث مؤخرًا، وأهم شيء
إثارة الموضوع علنًا، ومحاولة الترويج لتغيير جذري في مستوانا السياسي تجاه الفلسطينيين".
وختم بالقول إن "المشروع الصهيوني ظهر ساذجاً في بداية
مساره، وهناك حاجة إلى سذاجة حازمة لمنع قادته من الاستمرار في قيادته في الاتجاه الحالي،
لأنه طريق مسدود لمستقبل الإسرائيليين".