هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أعاد القاضي الشرعي العسكري، وعضو مجلس شورى "هيئة تحرير الشام"، يحيى بن طاهر، المعروف بـ"أبي الفتح الفرغلي"، نشر ما وصفها بثوابت تنظيمه الشرعية، على قناته في "تلغرام"، مشددا على التزام القيادات والجنود والشرعيين بمضمونها، مثيرا بذلك جملة من التساؤلات، حول دلالات نشر الرسالة المتعلقة بشكل الحكم في هذا التوقيت.
وقال الفرغلي، إن ثوابت "تحرير الشام" هي "تحكيم شرع الله، وإعلاء كلمته، وحماية أهل السنة والجماعة بما نستطيعه في إطار ما يسمح به الشرع الحنيف، واتباع وسيلة الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله، وتحكيم شرعه، وعدم رهن جهادنا وقرارنا لغيرنا سواء كان داعما أو غيره".
وأضاف أن من الثوابت "عدم إعطاء الدنية في الدين، مثل الموافقة على الحكم الديمقراطي أو العلماني، وعدم القبول أو المساومة في تسليم أحد من المسلمين أو المجاهدين لكافر كائنا من كان".
وتباينت قراءة المراقبين حول دلالات حديث الفرغلي، ففي حين وضع بعضهم حديثه في إطار الخلافات بين التيارات داخل "تحرير الشام"، اعتبر الباحث في مركز "جسور للدراسات" عباس شريفة، أن ما جاء به الفرغلي يأتي رداً على الحملات التي يتعرض لها تنظيم "تحرير الشام" من قبل التنظيمات الجهادية بمحاباة الغرب.
دفاعا عن نهج "الجولاني"
وقال شريفة لـ"عربي21"، إن الفرغلي يدافع من خلال هذه الرسالة، عن "تحرير الشام" وزعيمها أبي محمد الجولاني، وخصوصا بعد أن تزايدت الاتهامات للجولاني بمحاباة الغرب بعد ظهوره بحلة جديدة (مرتديا بدلة رسمية) برفقة الصحفي الأمريكي مارتن سميث، مطلع شباط/فبراير الماضي.
وأوضح شريفة، وهو باحث متخصص في الفكر الإسلامي وشؤون الجماعات الإسلامية، أن الفرغلي أراد الرد على هذه الحملات الإعلامية ضد "تحرير الشام" التي يقودها تنظيم "حراس الدين"، من خلال القول بأن تنظيمه لا زال متمسكا بثوابته، ولن يتنازل عنها.
رسائل داخلية
كذلك، وفقا للباحث، يرد الفرغلي أنه يبعث برسائل داخلية إلى عناصر "تحرير الشام" التي بدأت تتخوف من تخلي قيادة التنظيم عن الثوابت الشرعية.
وأشار شريفة إلى تخوف "تحرير الشام" من تأثير الخطاب الديني الذي يوجهه تنظيم "حراس الدين" على عناصره.
ويتفق الكاتب والباحث السوري أحمد أبازيد، مع شريفة، ويقول: "في الآونة الأخيرة، تراكمت الاتهامات للهيئة بالانحراف عن الثوابت الشرعية للجماعات الجهادية، ويبدو أن رسالة الفرغلي هي محاولة لنفي كل تلك الاتهامات، وكذلك للرد على التململ في صفوف "تحرير الشام" الداخلية".
اقرأ أيضا : FT: هل تقنع "بدلة" الجولاني تركيا والمجتمع الدولي باعتداله؟
وأشار أبازيد خلال حديثه لـ"عربي21"، إلى قيام "تحرير الشام" بحملة اعتقالات ضد قيادات "حراس الدين" مؤخراً، وقال: "هنا جاءت رسالة الفرغلي، للتوجيه الإعلامي، وهي لا تعبر عن السياسة الحقيقية لدى "تحرير الشام"، لأن الفرغلي لا يمثل صوتاً مهما في الأخيرة".
خلافات بين تيارات داخلية
أما الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، فاعتبر أن حديث الفرغلي يعبر عن خلافات واضحة بين تيارات داخل "تحرير الشام"، تيار يقوده "الجولاني" يهدف إلى إخراج التنظيم من قوائم الإرهاب، من خلال التماهي مع المطالب الغربية، وتيار آخر يعبر عنه الفرغلي، وجمهوره من "المتشددين"، على حد وصفه.
وقال السعيد لـ"عربي21"، إن الخلافات داخل "تحرير الشام" وصلت إلى حد متقدم، وخصوصا بعد ظهور الجولاني بزي رسمي، لا يُعبر عن فكر التنظيم، ويبدو أن الفرغلي يحاول الاستفادة من كل ذلك باللعب على وتر الثوابت الشرعية.
وكانت الولايات المتحدة، قد صنّفت في تقرير صادر عنها أواخر العام 2020، حول "الحريات الدينية" في العالم، هيئة تحرير الشام بأنها ضمن كيانات ذات "مصدر قلق خاص"، لتعلن "تحرير الشام" عن رفضها لهذا التصنيف.