ملفات وتقارير

ما دلالة إعلان السيسي عن "جمهورية جديدة" نهاية العام؟

قال السيسي إن الافتتاح سيشمل مشروعات أخرى من أسوان جنوبا حتى العلمين شمالا- صفحته الرسمية
قال السيسي إن الافتتاح سيشمل مشروعات أخرى من أسوان جنوبا حتى العلمين شمالا- صفحته الرسمية
قال قائد الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء إن افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة يمثل ميلاد دولة جديدة وإعلان جمهورية جديدة، نهاية 2021، ما يدفع للتساؤل حول دلالات حديثة.

السيسى، وخلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، خاطب فئات المجتمع، مفكرين ومثقفين وفنانين، للاستعداد لهذا الافتتاح الذي سيشمل مشروعات أخرى من أسوان جنوبا حتى العلمين شمالا، والمنصورة الجديدة والعاصمة الجديدة، أيضا.


 




ومن المقرر حسب إعلان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الثلاثاء، أن يتم افتتاح العاصمة الإدارية نهاية 2021، بعد أن يتم تجريب المباني والمقرات الحكومية في آب/ أغسطس المقبل.

وعقد مدبولي اجتماعا وزاريا، مع رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء إيهاب الفار، لمتابعة تنفيذ مشروعات العاصمة ومشروعي القطار المكهرب والمونوريل، للنقل الجماعي لخدمة خطوة الانتقال.

وفي نفس السياق وقع وزير الاتصالات عمرو طلعت، ورئيس الهيئة العربية للتصنيع الفريق عبدالمنعم التراس، اتفاقية أعمال بين الهيئة وشركة فايبر مصر سيستمز، لتنفيذ منظومة التطبيقات الذكية لإدارة وتشغيل مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية.

 

"نهاية يوتوبيا"

 

وحول دلالات حديث السيسي عن "الجمهورية الجديدة"، قال الخبير المصري بمجال الإدارة والتخطيط، الدكتور هاني سليمان: "قناة السويس الجديدة، مصر الجديدة، الدولة الجديدة، الجمهورية الجديدة، العاصمة الجديدة، العلمين الجديدة، المنصورة الجديدة.. هذه بعض مفردات يستخدمها السيسي، لتوحي بإنجازات عملاقة وتحول مذهل قام ويقوم به".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح سليمان، أن "السيسي بدأ حكمه بخطاب لكل المصريين، من نوعية (أنتم مش عارفين إنكم نور عنينا ولا إيه؟)، وبمشروعات شعبوية ساذجة مثل عربات الخضار للشباب واللبمات الكهربائية الموفرة".

وتابع: "ثم المشروعات الضخمة؛ مثل تفريعة القناة والتي سماها (قناة السويس الجديدة)، وزعم أنها  ستدر 100 مليار دولار سنويا، ومثل المؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد سنويا وسيدر المليارات، ومثل جهاز تشخيص وعلاج فيروسي (سي) و(الإيدز)، ومثل الدولة الجديدة التي سيتسلمها الشعب في 30 حزيران/ يونيو 2020".

وأكد أن "المشروعات الوهمية سرعان ما تبخرت بالهواء، وظهر للمصريين عدم جديتها، فتحول خطاب السيسي للشعب إلى نوعية جديدة من الإنجازات، تمثلت بالطرق والكباري التي زرعها بالعاصمة القديمة، معتبرا أنها إنجاز ضخم للشعب يسهل حركته ومعيشته".

الخبير المصري في الإدارة، بين أن تلك الكباري "أنشئت لا لسبب إلا لتسهيل الوصول لعاصمته الجديدة الفاخرة، والتي سيسكنها وحاشيته وحكومته ووزراؤه بعيدا عن العاصمة القديمة المزدحمة والمليئة بالعشوائيات والأحياء الفقيرة، والتي تئن من انهيار بنية تحتية لا تصمد أمام أمطار يومين أو ثلاثة في العام".

وألمح إلى أنه "بدلا من استثمار المليارات التي يقترضها من الداخل والخارج لإصلاح وضع العاصمة القديمة، والمدن، والقرى التي يعاني 75 بالمئة منها من عدم وجود شبكة صرف صحي، فقد استخدم تلك المليارات لإقامة عاصمته الجديدة ومنتجعاته السياحية الفاخرة وقصوره الرئاسية الجديدة".

ويعتقد سليمان، أنه "لهذا لم يكن غريبا أن يدعو السيسي المفكرين والمثقفين والفنانين من أتباعه المؤيدين له والمدافعين عن سياساته إلى التجهيز لافتتاح العاصمة الجديدة، فهي عاصمة هؤلاء فقط وليست عاصمة المصريين، وهم من سيحتفلون بها معه، وهم من سيسكنونها ويتمتعون بها، بعيدا عن الشعب الحقيقي".

وأشار إلى أنه يتحدث عن مصر جديدة، "والشعب يعيش ثلثه تقريبا تحت خط الفقر، وعندما ينادي بالإصلاح والتعليم والصحة والتشغيل، يرد عليه السيسي ساخرا: (أخبار تحديد النسل إيه؟)، ليلقي بمسؤولية التخلف والتأخر على الشعب، ويتفرغ هو وحاشيته للعيش في جمهوريتهم الجديدة وعاصمتهم الفاخرة".

الخبير المصري ختم حديثه بالقول: "ألا يذكرنا هذا برواية (يوتوبيا) للراحل أحمد خالد توفيق؟ وهل تكون نهاية يوتوبيا السيسي، هي نفس نهاية يوتوبيا توفيق؟".

 

اقرأ أيضا: جمهورية السيسي الجديدة!

"دولة العسكر"


وفي رؤيته قال الناشط والباحث السياسي المصري عباس قباري، إن "التحركات المكوكية لإنشاء العاصمة الإدارية رغم ما تعانيه مصر من (فقر وعوز) كما يردد دوما قائد الانقلاب، بالفعل إيذان بدولة جديدة؛ لكنها دولة خاصة تمثل مشروع الدولة العسكرية الكاملة التي تحكم و(تمتلك)".

قباري، أضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "العاصمة الإدارية مشروع اسمه حسب قرار إنشائها بالجريدة الرسمية (العاصمة الإدارية وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني)، والشارع الرئيسي الواصل بينها وبين العاصمة القديمة القاهرة اسمه شارع الشيخ محمد بن زايد".

ولفت أيضا، إلى أن "أرض العاصمة الجديدة، مملوكة للقوات المسلحة، وساهمت بها كحصة بشركة مساهمة باسم العاصمة؛ وانتقال وزارات ودواوين الدولة للعاصمة مشروط  باستيلاء شركة العاصمة على مقرات الوزارات بالقاهرة والمحافظات في بيزنس كبير بين القوات المسلحة، ودول في الإقليم تمتلك حصصا في (عاصمتنا الجديدة)".

وأشار إلى أن "ذلك البيزنس لا تستفيد منه الدولة إلا بالحي الحكومي الذي يمثل واحدا على 300، فمساحته 550 فدانا من 185 ألف فدان هي مساحة العاصمة الكلية، أما الباقي فهو استثمار مفتوح تديره شركة العاصمة ولا يدخل في موازنة الدولة في أي باب".

الناشط والباحث المصري قال إن "العاصمة الإدارية تأتي على غرار المنطقة الخضراء التي ينشئها المحتل للحفاظ على رجاله المسيطرين على مقاليد الحكم".

وختم حديثه بالقول: "بالفعل هي دولة جديدة يقيمها العسكر على أنقاض دولة قديمة اسمها مصر، سيكون المواطنون فيها مجرد رعايا تدار شؤونهم من عاصمة محصنة عالية الأسوار لن يستطيعوا المرور من أمامها، فضلا عن دخولها لقضاء مصالحهم".

"ليس في محله اقتصاديا"


وحول ما تعنيه كلمة جمهورية جديدة، اقتصاديا، قال الخبير الاقتصادي المصري عبدالحافظ الصاوي، إن "الجمهورية الجديدة في إطار المعنى الاقتصادي أن تكون دولة منتجة للتكنولوجيا بالفعل، وأن تكون صادراتها من تلك المنتجات تضاهي على الأقل بعض الدول الصاعدة مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية".

الباحث الاقتصادي، أضاف في حديثه لـ"عربي21": "ولكن أن تظل صادرات مصر عند حاجز الـ120 مليار دولار، منها 45 بالمئة صادرات نفطية، فإننا بلا شك أننا لسنا أمام جمهورية جديدة".

وأوضح أنه "نكون جمهورية جديدة حينما يرتفع مؤشر مصر بالتنمية البشرية، حتى يكون هناك انعكاس إيجابي حقيقي على مؤشر دخل الفرد، بحيث ترتقي مصر للشريحة العليا من الدول المتوسطة أو بداية الدول المتقدمة".

 

الصاوي، أشار أيضا إلى ضرورة أن "يكون عندنا على مؤشر الصحة خدمات متقدمة من حيث عدد الأطباء والممرضين والأسرة والتعليم الطبي، وتقدم التعليم الذي نقبع في آخر مؤشراته بل وخارج التقييم".

وأضاف: "تكون مصر جديدة متقدمة حينما تنتهي من تقديم خدمات الصرف الصحي لجميع القرى المحرومة (68 بالمئة)"، جازما بأنه "يلزم أن تتحول مصر من دولة مدنية داخليا وخارجيا لدولة لديها استقرار مالي، يرتاح فيها معدل الادخار بشكل يلائم متطلبات الاستثمار".

وختم بالقول إن "تعبير جمهورية جديدة ليس في محله؛ فمصر ما زالت تصنف أنها دولة نامية أو متخلفة، وأمامها فترات وخطوات طويلة حتى تصل إلى إطار الدولة الجديدة من الناحية الاقتصادية".

 

اقرأ أيضا: بلومبيرغ: هل تسهم التجارة والمصالح بتقارب تركي مصري؟

 

"تداعيات الانتقال"

 

وفي تعليقه على الانتقال للعاصمة الإدارية وتداعياتها وآثارها على مصر، قال الخبير الاقتصادي الدكتور حسام الشاذلي: "مشروع العاصمة الإدارية يحمل الكثير من التساؤلات والتي تطرح بالمحافل الإقتصادية والسياسية الدولية؛ وبينها جدوى بناء عاصمة خارج القاهرة بتكلفة فلكية تتعدي الـ45 مليار دولار، بتمويل من القروض، بينما يعاني غالبية الشعب تحت خط الفقر". 

وأكد لـ"عربي21"، أنه "لا يمكن أن نعتبر الانتقال لتلك العاصمة بعد الانتهاء من بعض المباني الإدارية الحكومية كونه نهاية ناجحة للمشروع، فقد بات تاريخ الإختلاف مع شركات المقاولات الدولية وعلى رأسها الصينية علامة قد تهدد بتوقف كل شيء، إذا ما تعثرت الحكومة التي تسدد القروض بالقروض عن أداء التزاماتها والتي نرى التعثر أسلوب حياة لنظامها". 

رئيس جامعة كامبريدج المؤسسية، أضاف: "وهنا يجب علينا أن نعلم أن سياسة الجباية والمنظومة الاقتصادية البدائية التي تديرها دولة العسكر قد تنجح في إعطاء قبلة الحياة للمشروع وسداد الأقساط اللازمة لاستمراره لفترة".

وجزم بأنها "لن تنجح أبدا في توفير المصادر اللازمة لمشروع استهلاكي متوحش قد يأكل الأخضر واليابس في ما تبقى من المنظومة الاقتصادية المصرية المتهالكة، وقد يعجل بدخول البلاد في أتون أزمة اقتصادية طاحنة ومفاجئة".

وعن سؤال "هل أخطأ المحللون والمراقبون عندما راهنوا على فشل بناء العاصمة، والآن أصبحت واقعا؟"، قال الشاذلي: "لا شك أن غالبية المتخصصين قد اتفقوا على عدم وجود إجابة واضحة لجدوى ذلك المشروع؛ ولكنني لا يمكن أن أغمض العين عن كون المشروع الضخم له أبعاد سياسية واقتصادية تربط منظومة القروض بأوجه الصرف أمام المؤسسات الدولية وتعلل لها، وتفتح الباب لقروض تمويلية جديدة".

وأضاف أنها أيضا "توفر نوعا من الحماية للنظام الحاكم في مقابل أي انتفاضة شعبية متوقعة؛ حيث تأخذ جسده الإداري والأمني بعيدا عن الناس وتوفر له حماية عسكرية غير مسبوقة".

وأكد الخبير الاقتصادي المصري أن "تلك العاصمة الإدارية هي أداة إفقار جديدة يدفع الشعب الكادح ثمنها بلا حاجة لها وجدار عزل يقيم دولة داخل الدولة ومصر لفئة منتقاة من المصريين".

 

 

1
التعليقات (1)
قاطعوا فرنسا....
الخميس، 11-03-2021 12:53 م
اخر سنه 22 ستكون نهايتك يابلحه...بلاش تضييع وقت المصريين...لا تصاحب الاهبل ولا تخلي الاهبل يصاحبك