قالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في
اليمن إن محافظة
مأرب استقبلت أكثر من مليوني نازح منذ أيلول/ سبتمبر 2014، لافتة إلى أن النازحين في مأرب يشكلون 60 في المئة من إجمالي عدد النازحين في البلاد، وهو رقم قابل للزيادة والاتساع.
هذا الرقم الكبير من النازحين في محافظة مأرب شرق اليمن التي تشهد حربا متواصلة بين الجيش الوطني والقبائل من جهة والحوثيين من جهة أخرى، بات مهددا بفعل هذه الحرب والقصف المتواصل بالصواريخ على المدينة، ويمكن أن يشكل ذلك مأساة إنسانية كبيرة في حال استمرار الحرب أو تمكن الحوثيون من دخول مأرب.
وفي وقت سابق، قال المبعوث الأمريكي لليمن تيموثي ليندركينغ إن بلاده لديها قنوات خلفية للتواصل مع الحركة الحوثية، لكنه لم يشر إلى أنه باستطاعة بلده إيقاف الهجوم على مأرب من خلال ممارسة الضغط على
الحوثيين، وذلك نزولا عند الوضع الإنساني الذي يمكن أن تخلفه الحرب. كما عمدت إدارته في وقت سابق إلى استبعاد الحوثين من قائمة الإرهاب الأمريكية بسبب الوضع الإنساني.
وهنا يبدو أن الإدارة الأمريكية تكيل بمكيالين في الأزمة اليمنية، ما يجعل كثيرين يتساءلون عن الطريقة التي ستمكنها من وضع نهاية للحرب في البلاد التي تدخل عامها السابع إذا كانت لا تتخذ مسافة واحدة من جميع الأطراف.
ومنذ تسلمت إدارة بايدن مقاليد الأمور في البيت الأبيض، سعت إلى وقف الدعم الحربي عن التحالف العربي ونزع التأييد للمملكة العربية
السعودية في الحرب اليمنية، ومنع بيع الأسلحة لها في خطوة كان اعتبرها كثيرون في اليمن مقدمة لإيجاد حلول للأزمة في اليمن.
لكن استبعاد الحوثيين من قوائم الإرهاب وعجز أمريكا عن وقف الحرب، لا سيما الهجوم على مأرب، فسره البعض بأنه ضوء أخضر من أمريكا ودول أوروبية للحوثيين لتحقيق نصر عسكري في مأرب، يمكن أن يساعدهم كثيرا في المفاوضات السياسية القادمة، وذلك لما تحتله مأرب من مكانة استراتيجية كبيرة، عدا عن كونها المعقل الأخير للسلطة الشرعية في شمال اليمن.
هناك شعور يتنامى في اليمن بأن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تسلك طريق إدارة أوباما في اليمن والمنطقة، وهو سلوك يحابي إيران على حساب قضايا المنطقة وشعوبها الرافضة للمد الفارسي الإيراني. وهذا بكل تأكيد سوف يؤدي إلى فشل إدارة بايدن في إيجاد حل للأزمة اليمنية، إذا لم يؤد ذلك إلى مفاقمتها واتساع رقعة الحرب.
لقد فشل التحالف العربي خلال ست سنوات في تحقيق نصر عسكري محقق على الحوثيين؛ يكسر شوكتهم ويدفعهم لطاولة المفاوضات السياسية أو هزيمتهم العسكرية وإخراجهم من المشهد. وهذا في تصوري عقّد الأزمة كثيرا في اليمن، وجعل الحوثيين أكثر قوة مما مضى، وحوّلهم من موقع الدفاع إلى الهجوم في جميع الجبهات، فضلا عن هجماتهم المستمرة على المدن السعودية بالصواريخ والمسيرات. وما كان ذلك ليحدث لولا أن التحالف العربي بقي على مساره وأهدافه التي وردت يوم إعلان عاصفة الحزم في آذار/ مارس 2015.
لقد خرج التحالف عن مساره وانكشفت أطماعه في اليمن حينما تمكن من إضعاف السلطة الشرعية اليمنية، وذهب للبحث عن مكاسب ونفوذ في الموانئ والجزر والممرات البحرية والمحافظات الساحلية في الجنوب، الأمر الذي راكم شعورا من السخط والغضب في الشارع اليمني تجاه هذا السلوك الذي أدخل اليمنيين في مواجهة معه بصور مختلفة. ولو أن التحالف سعى لتقوية السلطة الشرعية وإعادتها للبلاد، وحشد كل الطاقات لمواجهة الحوثين، لكان حقق انتصارات كبيرة وأصبح هو المسيطر على قرار الحرب والسلم في البلاد.
لكن ذلك لم يحدث للأسف، الأمر الذي جعل التحالف جزءا من المأساة في اليمن كما هو الحال بإيران.
كيف ستنتهي الحرب في اليمن؟ هذا السؤال بات يشغل بال الكثيرين، وكلما استمرت الحرب كلما زادت معاناة اليمنيين جنوبا وشمالا، لأن الحرب تلقي بأوزارها على الجميع. ويبدو أن الطريقة الأمريكية غير واضحة حتى الآن، فهي قالت إنها ستنهي الحرب عبر الدبلوماسية، وإلى الآن تبدو تحركات مبعوثها لدى اليمن غير مبشرة بتحقيق انتصارات أو اختراقات في جدار الأزمة إذا لم تسنده إرادة قوية لوقف الحرب أولا وإعلان المفاوضات السياسية.
أما موقف التحالف والسلطة الشرعية اليمنية فهو ضعيف جدا، كونه عجز عن تحقيق انتصارات كبيرة في المعركة وتسبب في إطالة أمد الحرب واتساع الأزمة الإنسانية.
لذلك ليست هناك مراهنات كبيرة عليه في قدرته على إيقاف الحرب بعكس الحوثيين الذين يبدون في موقف أقوى، ويتحكمون بمصير الحرب وليس في نيتهم ايقافها، فهم سيقاتلون حتى الرمق الأخير لتحقيق أهدافهم لإسقاط مأرب وما بعد مأرب.
لكن القبائل والجيش الوطني ومقاتلين قدموا من الجنوب؛ يسجلون صورة رائعة للتضحية في مأرب لمنع الحوثيين من تحقيق أي تقدم أو انتصار، وقد ينجحون في ذلك لمنع الحوثي من تحقيق نصر عسكري وسياسي. لكن السؤال: كيف ستتوقف الحرب في اليمن؟ سيظل عالقا من دون إجابة.