ملفات وتقارير

لماذا لا يعود رئيس اليمن إلى بلاده بعد 6 سنوات من الحرب؟

قال مراقبون إن بقاء الرئيس هادي في السعودية يشبه الأسر أو الخضوع للإقامة الجبرية- جيتي
قال مراقبون إن بقاء الرئيس هادي في السعودية يشبه الأسر أو الخضوع للإقامة الجبرية- جيتي

مضت ست سنوات على الحرب الدامية في اليمن، فيما لايزال الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي تولى الحكم في 2012، مقيما في المنفى داخل السعودية، وهو ما يثير أسئلة عدة داخل الأوساط اليمنية حول مصيره وأسباب بقائه ومخاطر ذلك على سلطاته التي تتلاشى كل يوم، بحسب مراقبين.


وتعود آخر زيارة له إلى مدينة عدن، العاصمة اليمنية المؤقتة، إلى حزيران/ يونيو 2018، ولم يقم هادي بأي زيارة إلى اليمن، بعدها، بل ترهلت سلطاته، وتحول بالنسبة إلى كثيرين، إلى مجرد "رئيس صوري".


وعلى الرغم من الأحداث الدامية التي شهدتها عدن ومحافظات أخرى من انقلاب قام به المجلس الانتقالي بدعم من دولة الإمارات، وخروجها عن سيطرة قواته، فقد انحصر دور هادي، في الإعلام، باستقبال سفراء في مقر إقامته بالرياض، والاتصال بالمسؤولين، وتقديم التعازي في الوفيات، بحسب ما تظهر أخبار توردها وكالة الأنباء "سبأ" المتحدثة باسم حكومته.


خارج الجهوزية


وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي أن "الرئيس هادي خارج نطاق الجهوزية الرئاسية".


وقال في حديث خاص لـ"عربي21": "لقد استنفد ما في جعبته من تنازلات لصالح أجندات يمكن وصفها بالعدائية، وتستهدف اليمن دولة ووحدة وجمهورية ومشروعا وطنيا".


وتابع التميمي: "لم تكن الإمارات وحدها هي التي تعيق عودته... لقد تحملت، أي حكومة أبوظبي، الجزء الأكبر من المسؤولية وتركت تشكيلات مسلحة مهيمنة في عدن تستطيع من خلالها أن تعطل أية محاولة لإعادة تماسك الشرعية والحكومة وإعمال حقهما الدستوري في حكم البلاد".


وبحسب الكاتب اليمني فإن القوات السعودية تهيمن بما يكفي في عدن، بالإضافة إلى أن المملكة لديها أوراق عديدة تستطيع استخدامها لفرض القانون بعدن، وإنهاء الوضع "الشاذ" الذي تعيشه العاصمة السياسية المؤقتة للبلاد.


واستدرك قائلا: "لكنها لا تريد ذلك"، مشيرا إلى أن هناك تخادما، ولا يمكن تجاهله بين الأجندتين الإماراتية والسعودية، في ما يتعلق بالعبث بالتركة اليمنية والاستئثار بها، ما يستدعي إضعاف الشرعية وتهميشها.

 

اقرأ أيضا: بعد 6 سنوات.. هل حققت "عاصفة الحزم" أهدافها؟ (إنفوغراف)


التميمي أوضح أن الرئيس هادي قد أظهر قابلية لتنفيذ مخططات البلدين، مستخدما قياسا خاطئا لتقدير المصالح.


وأردف: "إذا بقيت مكانته كرئيس ولو شكليا للبلاد فهذا هو المعيار لقياس مدى الخطورة التي تتعرض لها البلاد"، مؤكدا أن "الخطوط الحمر رسمت حول صلاحيته الرمزية التي تفقد كل يوم وزنها وتأثيرها".


ووفقا للتميمي: "لقد صادرت السعودية قرار السلم والحرب من الرئيس وما كان لذلك أن يتم إلا بوجود الرئيس في الرياض فاقدا للحياة والتأثير"، مؤكدا أن الرئيس هادي انتهج تكتيكا سيئا اعتقد معه أن ما يجري لا يزال يدور ضمن نفوذ القوى الشمالية المتصارعة، رغم أن الخطر هو الذي يمثله الانفصاليون على وجود الرئيس.


ومضى قائلا: "إلا إذا كان في حالة تخادم معهم"، لافتا إلى أن عدن تحت السيطرة العسكرية للقوات الخاضعة للإمارات، ولا وجود لحماية تحفظ كرامة الرئيس، معتبرا أن ذلك نتيجة طبيعية للتفريط الذي غلب على سياساته الكارثية طيلة السنوات الماضية.


اختطاف هادي


من جانبه، يقول رئيس تجمع القوى المدنية في محافظات جنوب اليمن، عبدالكريم السعدي، إن الرئيس اليمني، ما زال بعد ست سنوات حرب في العاصمة السعودية الرياض، وهذا الأمر لا يخفى على أحد.


وأكد في حدث خاص لـ"عربي21" أن الرئيس لا يمكن له العودة إلى بقعة جغرافية تسيطر عليها العصابات المسلحة والمليشيات التي تستلم توجيهاتها وخططها من الإمارات.


وتابع السعدي: "الإمارات لم تنسحب فعليا من اليمن، وما زالت أدواتها ومرتزقتها وأسلحتها تعيث في اليمن فسادا وإرهابا وتخريبا".


وبحسب السياسي اليمني فإنه لو كان هناك شعب حي وقوى وطنية تدين بالولاء للوطن أولا، وتقف خلف الرئيس هادي لما بقي دقيقة واحدة في الخارج حتى وإن كان مختطفا أو تحت الإقامة الجبرية، مؤكدا أن "هذه هي الحقيقة التي يجب مواجهتها".


وشدد على أن هذه هي الحقيقة التي يجب مواجهتها، مستدلا بما حدث لرئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري.

 

اقرأ أيضا: بايلاين تايمز: 6 سنوات من الحرب في اليمن أضرت بالسعودية


وقال: "الحريري تم ارتهانه في الرياض، ولكن القوى اللبنانية رغم صراعاتها اتحدت ولم تقبل الإهانة ووقفت صفا واحدا، وأرغمت حليفتها فرنسا على التدخل وإنهاء حالة الاختطاف، وأثبت الشعب اللبناني رغم كل ما يعانيه من اختراقات وانقسامات وتبعيات أن لبنان كان وما زال الأول في اهتماماته".


وأشار رئيس تجمع القوى المدنية جنوب اليمن إلى أن الرياض، لا تستطيع فرض واقع على شعب حر، ولبنان مثالا، وأنه لو شعر عبدربه أن هناك شعبا سيقف إلى جانبه، وأن هناك قوى وطنية ستقف خلفه ومع الوطن لأعلن التمرد على كل القيود.


ولكنه، أي الرئيس هادي، يشعر أن اليمن أصبح عبارة عن كنتونات وحاميات تتبع الإمارات والسعودية وإيران وغيرها من الدويلات، بحسب السعدي.


وأردف قائلا: "فلنكن واقعيين ونضع أنفسنا مكان هادي، متسائلا في الوقت نفسه: هل سيقبل أحدنا العودة في ظل الظروف الحالية التي يشهدها الوطن؟".


وأوضح السعدي أن هادي سيظل مختطفا من قبل الرياض حتى يعود شعب اليمن من رحلة البحث عن الكفلاء الإقليميين، وحتى يتطهر اليمن من مرتزقة دول الإقليم، ويستعيد حريته ويرفض الإهانة التي توجه له من دول لا تملك إلا الأموال والمرتزقة.


ووجه المتحدث ذاته، عتابا للرئيس هادي حول "قبوله بالاستسلام للفريق الفاسد الذي حوله والذي يطوقه ويقطع كل حبال التواصل بينه وبين الشعب، وكذلك تخليه عن الرجال أمثال أحمد الميسري (نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية السابق) وغيره من الذين تخلى عنهم إكراما لخاطفيه ومرتزقتهم.


وحول مطالب عودته، يرى القيادي في الحراك الجنوبي، أن مقومات العودة وشروطها يجب أن تتوفر عندنا أولا كشعب ثم عند هادي كرئيس، ومتى ما توفرت تلك الشروط والمقومات حينها فقط سنوجه اللوم إلى الرئيس هادي بل سنوجه له تهمة الخيانة العظمى بشرط أن نتطهر نحن من تلك الخيانة، وفق تعبيره.


وشدد على أن اختطاف هادي وفريقه وقراره، الشعب هو من صنع أسبابه...حينما تصارعنا فيما بيننا، واستقوى كل منا بالإقليم على الآخر، وانبطحت أغلب قوانا السياسية والاجتماعية أمام بوابات خيام عساكر التحالف، وأطلت نخبنا وأحزابنا ومكوناتنا الوقوف أمام نوافذ دوائر المال لدول التحالف، وارتمت في التبعية المطلقة خدمة لأهدافها الضيقة وأطماعها في الحكم وتخلت عن مبدأ الندية وسيادة الوطن وأراضيه، لغرض تسجيل الحضور السياسي لها ولأحزابها.


بلا إرادة وابتزاز


من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني، محمد الغابري، إن الرئيس هادي، بعد 6 سنوات من الحرب، لا يزال في الرياض التي وصل إليها قبل تلك السنوات الست.


وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21: "لا يوجد تفسير منطقي لبقاء الرئيس هناك، أو لماذا لا يزال مقيما هناك، على الرغم مما تم تداوله بشأن انسحاب الإمارات من البلاد".


وبحسب الغابري فإن ثمة فرضيات عدة حول عدم عودة الرئيس هادي إلى البلاد منها أنه "أشبه بالأسير" أو" يخضع لإقامة جبرية في الرياض".


ومن الفرضيات ما يشير إليه الغابري، أن هادي ليست لديه إرادة العودة، فيما لا يستبعد أن تمارس الرياض عليه ضغوطا، وقد تبتزه بالتخلي عن شرعيته، أو التمكين للحوثيين في جبهات القتال مع قوات الجيش التابع لحكومته.


لكنه استدرك قائلا: "لا يوجد تفسير غير ذلك، إذ لا يمكن أن يرضى أحد أن يكون على هذه الحالة غير الطبيعية".


ويعتقد الغابري أن ثمة أزمة عميقة سعودية تجاه اليمن، ففي الوقت الذي ظن فيه اليمنيون أن مهددا مشتركا قد جمع بينهما، أي الحوثيين، فإن المملكة لم تتخل عن العداء للجمهورية اليمنية ونظامها ووحدتها.


ووفقا للمتحدث ذاته فإن السلوك السعودي يفسر على أن الحوثيين خطر فعلي، لكن هزيمتهم، تعني انتصارا للجمهورية اليمنية وانتصارا للثورة التي اندلعت عام 2011 ـ ثورة 11 فبراير ضد صالح ـ  فيما الرياض لا تريد ذلك.


واعتبر أن إضعاف الشرعية ممثلة بالرئيس ونائبه "مجازفة ومخاطرة سعودية"، مؤكدا أن الحكومة السعودية تتعامل مع قضية استراتيجية على أنها مناورة وتكتيكية، وهو الخطأ نفسه الذي وقع فيه الرئيس السابق صالح.


ودخلت الحرب في اليمن، عامها السابع، إلا أن السعودية التي تقود التحالف العربي لدعم شرعية هادي، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، بل عمقت الأزمة في البلاد، بحسب تقارير محلية ودولية.

التعليقات (0)