هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية ما يجري في مصارف لبنان بـ"سرقة القرن"، في إشارة إلى تجميد ملايين الدولارات في حسابات أصحابها، دون السماح لهم بالتصرف بأموالهم.
وسلطت الصحيفة، في تقرير، الضوء على لجوء مودعين لبنانين إلى القضاء لاستعادة أموالهم من المصارف، في وقت تجاوز فيه التضخم 100 بالمئة، وفقدت العملة الوطنية 90 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار.
وفق الصحيفة، فإن هنالك المئات من الملاحقات القضائية ضد المؤسسات اللبنانية المالية داخل البلاد، والعشرات منها في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
ومن أبرز الشكاوى تلك التي تقدم بها رجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة، الذي يملك 40 مليون دولار مجمدة في مصرف "سوسييته جنرال".
وكان القضاء اللبناني قد أمر بحجز احتياطي على بعض الأصول العقارية للمصرف ورئيسه التنفيذي.
تم الحجز احتياطيا على بعض أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامه في جبل لبنان، وهو ما يعتبر قرارا رمزيا بانتظار صدور الحكم في الدعوى التي تقدمت بها مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" ضد حاكم المصرف.
وكانت "رويترز" قد أفادت، نقلا عن 4 مصادر، بأن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا تدرس تقريرا رفعته إليها مؤسسة قانونية في لندن، يتهم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وشركاء له بغسل الأموال وممارسات فساد.
ويكشف التقرير -المؤلف من 76 صفحة واطلعت عليه رويترز- عن ما يقول إنها أصول وشركات وأدوات استثمارية في بريطانيا قيمتها مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية، ويزعم أن سلامة وأفرادا من أسرته وأشخاصا على صلة به استخدموها على مدى سنوات لتحويل أموال إلى خارج لبنان.
من جهته، قال سلامة -الذي يتولى منصب حاكم مصرف لبنان المركزي منذ عام 1993- في حديث لرويترز إنه قرأ نسخة من التقرير، ووصفه بأنه جزء من حملة تشويه، وقال إن المزاعم الواردة فيه خاطئة.
وقد باتت النخبة المالية والسياسية اللبنانية محط انتقادات واتهامات تتعلق بالفساد وسوء الإدارة وعرقلة جهود تمكين البلاد من نيل مساعدات دولية، ولا سيما منذ انفجار مرفأ بيروت قبل 8 أشهر، إذ ينزلق لبنان في أزمة تزداد عمقا.
ونقلت رويترز عن اثنين من المصادر أن مؤسسة "غرنيكا 37" (Guernica 37) القانونية في لندن رفعت التقرير المذكور إلى الشرطة البريطانية أواخر العام الماضي.
وأضاف المصدران أن التقرير -الذي أعد باسم مجموعة من شخصيات المجتمع المدني اللبناني في الخارج- أحيل بعد ذلك إلى الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (National Crime Agency).
اقرأ أيضا: مصرف لبنان المركزي يسمح للبنوك بالتداول في العملات
من جهته، قال متحدث باسم الوكالة: "نستطيع أن نؤكد أننا تلقينا هذا التقرير، لكننا لسنا في موقف يسمح لنا بتقديم المزيد من التعليق".
وأشار مصدران إلى أن وحدة التحقيقات المالية في الوكالة تجري ما يعرف بتحديد النطاق، وهو شكل من أشكال التحقيق الأوّلي لمعرفة ما إذا كانت هناك أسس كافية لبدء تحقيق رسمي.
اعلان
سلسلة تحقيقات
ويعد تقرير "غرنيكا 37" واحدا من تحقيقات عدة تجري حاليا أو يحضر لها في أوروبا بحق مسؤولين في القطاع المالي والطبقة السياسية في لبنان.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، قال مكتب النائب العام السويسري إنه طلب مساعدة قانونية من السلطات اللبنانية بشأن تحقيق في "عمليات غسل أموال واسعة"، واحتيال محتمل على صلة بمصرف لبنان المركزي.
من جهته، قال توبي كادمن، المؤسس المشارك لـ"غرنيكا 37"، إن تقرير مؤسسته هو واحد من بين عدد من الدعاوى القانونية التي أعدتها في ما يتعلق بلبنان، لتقديمها للسلطات البريطانية.
وأضاف: "نيّتنا أن نبحث ونحقق ونكشف كل الأعمدة الرئيسية للفساد المزعوم في البلاد".
ويقع النظام المصرفي اللبناني في قلب الأزمة المالية التي تفجرت في البلاد أواخر 2019. ومنعت البنوك أغلب التحويلات للخارج، وفرضت قيودا على صرف الودائع مع شح الدولار.
وتسبب الانهيار المالي في تداعي العملة المحلية ودفع البلاد لإعلان العجز عن سداد ديون سيادية، وأدى إلى انتشار الفقر على نطاق واسع.