قالت صحيفة "
فايننشال تايمز" إن ساكن
البيت الأبيض الجديد ترك أثره على المنطقة الملتهبة والتي تعتبرها الولايات
المتحدة المزود الرئيسي لـ "الحرب الدائمة"، وذلك بعدما خرج منه مشعل
الحرائق الجيوسياسية دونالد ترامب.
وأوضحت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" أن فريقا بقيادة
روبرت مالي، المبعوث الخاص إلى
إيران، يحاول إحياء المعاهدة النووية، التي وقعت
عليها إدارة باراك أوباما مع 5 قوى عالمية أخرى وانسحب منها ترامب عام 2018.
وأثارت المحادثات غير المباشرة في فيينا والتي
يتنقل فيها بقية الموقعين على الاتفاقية بين الأمريكيين والإيرانيين، الآمال وإن
كانت قصيرة المدى.
وأضافت الصحيفة: "وفي الوقت نفسه، وكما
كشفت فايننشال تايمز عن اجتماع سري بين
السعودية وإيران في بغداد والبحث عن طرق
لرأب الصدع بين الدولتين. وربما كانت هذه المحادثات استكشافية، لكنها تتواصل بين
طرفي النزاع السني والشيعي الذي يقف على الجوانب المتضادة في حروب الوكالة".
وقالت إنه لو أخذت هذه التحركات مجموعة فستبدو
وكأنها رقصة وتقارب بدون أن يكون هناك مصمم رقصات ماهر. لكن هذا واضح من محاولات إسرائيل الصارخة
لتخريب دبلوماسية
بايدن النووية، فحملتها الجوية ضد أرصدة إيران في سوريا
والجماعات الوكيلة عنها في لبنان والعراق بالإضافة إلى عمليات الاغتيال للعلماء
الإيرانيين والتخريب للمنشآت النووية، هي ضمان بألا تتخلى إيران عن صيغتها الوكيلة
التي تقوم على مليشيات بصواريخ.
وخرجت "حرب الظل" الإسرائيلية لضوء
النهار الواضح هذا الشهر، بعملية التخريب التي استهدفت مفاعل نطنز، المنشأة
الرئيسية لتخصيب اليورانيوم. وجاء الهجوم في وقت وصلت فيه محادثات فيينا إلى مرحلة
إقناع إيران بالعودة والالتزام بمبادئ اتفاقية 2015 والتي قيدتها ووضعتها تحت تفتيش
ورقابة دوليَين وسمحت لها بتخصيب نسبة 3.67% من اليورانيوم.
وكرد على عقوبات ترامب زادت إيران النسبة إلى
20%. وردت على هجوم نطنز برفع النسبة إلى 60% وهي خطوة كبيرة نحو الوصول إلى نسبة
90% من اليورانيوم النقي الضروري للسلاح النووي.
وتقول طهران إن هذا الإجراء مهم لإظهار أنها
قادرة على الضرب من جديد، وكذا حصولها على الدورة النووية التي تراها رادعا ضد
السلاح النووي الإسرائيلي. ولكنها قالت إن نسبة 60% يمكن التراجع عنها.
وبشكل مثير فعمليات التخصيب في نطنز كانت تتم
تحت الأرض ولكنها تجري اليوم في العلن لاستفزاز بنيامين نتنياهو للقيام بمحاولة
أخيرة وتحدي راعيته الولايات المتحدة لكي تضبط تصرفاته.
ويتعامل بايدن مع نتنياهو بشك نابع من معرفة
طويلة. وبنفس الطريقة يتعامل بعدوانية مع ولي العهد السعودي والذي على خلاف
نتنياهو لا دعم كبيرا له في الكونغرس. وربما كان هذا السبب وراء بحثه عن مدخل بديل
عن النهج الصدامي الذي تتبناه إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى بالون اختبار ظهر في مقال
نشر في كانون الثاني/يناير بصحيفة "الغارديان" وناقش فيه كل من عبد
العزيز صغير وحسين موسويان المرتبطين بالجانبين السعودي والإيراني، أهمية التعاون
الذي يأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنية للبلدين. ويبدو أن هذه المحادثات الأخيرة
بدأت تقوم بالمهمة.
وقالت إن ولي العهد السعودي هدد في عام 2017
بنقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية، وبعد عامين غير نبرته. ففي أيلول/سبتمبر 2019
شنت إيران هجمات صاروخية وبالطائرات المسيرة على منشأة النفط في كل من إبقيق
وخريص، وبعمل هذا كشفت إيران عن مكامن الضعف السعودي.
ورأت الصحيفة أنه مع أن المملكة أنفقت مليارات على
منظومة باتريوت إلا أنها فشلت في اكتشاف الهجوم الذي جاء على موجتين كما قال مسؤول
عربي بارز. ولم ترد السعودية، كما كشف الهجوم على المنشآت النفطية أن أمريكا ليست درعا أمنيا يمكن الثقة به.
وتباهى ترامب بأنه جاهز لإطلاق النار ولكنه
استنتج سريعا أن السعودية هي التي تعرضت للهجوم وليس أمريكا. وتظل محاولات بايدن إعادة ضبط العلاقة مع إيران
صعبة، لكن تبقى محاولات السعودية للبحث عن تنافس جيوسياسي مع إيران وليس مواجهة
تساعده.