في خطوة مفاجئة، أعلن "تيار المرحلة" الذي ارتبط اسمه برئيس
الوزراء
العراقي مصطفى
الكاظمي، كونه يدار من مستشاريه المقربين، عن الانسحاب رسميا من
سباق
الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
يأتي انسحاب "تيار المرحلة" قبل ثلاثة أيام فقط من انتهاء
مهلة تسجيل التحالفات السياسية وأسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية، الأمر الذي
أثار تساؤلات عديدة عن أسباب القرار المفاجئ، ومستقبل الكاظمي السياسي في مرحلة ما
بعد الانتخابات البرلمانية.
"غربلة طبيعية"
من جهته، فسر المحلل السياسي العراقي الدكتور أسامة السعيدي، في حديث
لـ"عربي21"، انسحاب "تيار المرحلة" بأنه يأتي ضمن حراك طبيعي يسبق
مرحلة الانتخابات، وبالتالي فإن خروج ودخول قوائم جديدة وارد جدا.
وقال السعيدي إن "هناك قوائم تسمى (تشرينية) ظهرت بعد
مرحلة مظاهرات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، قد تكون تمر في حالة من الارتباك ما بين الأسماء
المقدمة والترشيحات، وهذا الأمر ينطبق على تيار المرحلة".
وأعرب الخبير العراقي عن توقعه بأن "ما يجري من انسحابات هي حالة
من الغربلة تجري داخل هذه الأحزاب الجديدة إلى حين الاستقرار على تسميات ومرشحين محددين،
لذلك فإن هذه مسألة طبيعية خلال فترة ما قبل مرحلة الانتخابات".
وحول مستقبل الكاظمي السياسي، رأى السعيدي أن "التجربة السياسية
في العراق، تؤكد أن العمر الافتراضي السياسي لرئيس الوزراء لا يستمر لأكثر من 4 إلى
8 سنوات، أي دورة أو دورتين، لذلك لا أعتقد أن الكاظمي يستمر في دورة جديدة بعد الانتخابات
تحت أي ظرف من الظروف".
وبخصوص حديث وسائل الإعلام عن تحالف انتخابي محتمل يجمع الكاظمي مع
رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي والمرشح السابق لرئاسة الحكومة عدنان الزرفي، قال
السعيدي: "ربما يفرز هذا التحالف شخصية جديدة تبدأ بمرحلة جديدة، لأن جميع هذه
الشخصيات قريبة من بعض في النهج، لكن لا أعتقد أن خيار الكاظمي سيتكرر في رئاسة الحكومة".
مناورة سياسية
في المقابل، قال المحلل السياسي سرمد البياتي لـ"عربي21"
إن "السبب الرئيس لانسحاب تيار المرحلة هو أن الكاظمي ذكر في أكثر من مناسبة عدم
دعمه لأي تيار وحزب سياسي، واليوم يعود إلى ذات المبدأ بأنه أتى إلى المنصب حتى يجري
الانتخابات".
ولفت البياتي إلى أن "تيار المرحلة تشكل من الشخصيات التي تعمل
بشكل أو بآخر مع الكاظمي، بل إنه مرتبط برئيس الحكومة، لأن أغلب الأسماء تعمل بصفة
مستشار رئيس الوزراء".
واستبعد المحلل السياسي أن "يكون عمر الكاظمي السياسي قد انتهى،
لأن هناك قائمة انتخابية تحمل اسما جديدا قريبة من الأخير ستظهر في المدة القريبة المقبلة،
وربما سيكون له تحالف مع العبادي، وهذه المعلومة مؤكدة".
ورأى البياتي أن "الشخصيات المقربة من الكاظمي ذاتها ستكون منضوية
تحت تحالف النصر بقيادة حيدر العبادي في المرحلة المقبلة، وبذلك لن يكون الكاظمي بعيدا
عن التحالف مع العبادي والزرفي".
وفي تصريحات صحفية، الثلاثاء، أكد القيادي في "تيار المرحلة"
عبد الرحمن الجبوري، انسحاب التيار من السباق الانتخابي، نافيا أن تكون الأسباب وراء
ذلك "أزمة مالية أو خلافات داخلية"، كما تداولت وسائل إعلام محلية.
وقال الجبوري إن "عملنا التنظيمي مستمر لكن ضيق الوقت وعدم توافقنا
على الائتلافات حال دون ذلك".
وقبل ذلك، كتب الجبوري على حسابه في "تويتر": "المرحلة
لم تجمد كتنظيم وعمل سياسي وأداة تغيير مجتمعي. نتطلع إلى دور قوي وفعال في دعم وإسناد
الشخصيات المستقلة والتيارات الوطنية المشاركة بالانتخابات".
تحذيرات الكاظمي
يأتي انسحاب "تيار المرحلة" بالتزامن مع تصريحات أطلقها رئيس
الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الثلاثاء، شدد فيها على أن الحكومة التي يقودها حاليا
هي "حكومة خدمات ولا تسعى للتنافس الانتخابي لتحقيق أهداف سياسية"، وأنها
"وضعت نصب عينيها خدمة المواطن أولا وأخيرا".
وقال الكاظمي خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، إن "على الوزراء
أن يتذكروا أنهم جاءوا لأسباب خدماتية لخدمة أبناء شعبنا، وليس لأهداف سياسية قبل التفكير
بالترشح للانتخابات، وعليهم عدم استغلال وزاراتهم للانتخابات". وأضاف: "لن
أسمح بأن تتحول المواقع الوزارية إلى ماكينات انتخابية، وأرفض رفضا قاطعا أي استغلال
لإمكانيات الدولة من المرشحين".
وفي السياق ذاته، كشف موقع "ناس" الإخباري الذي يديره مستشار
الكاظمي السياسي، مشرق عباس، أن رئيس الوزراء لن يشارك في الانتخابات النيابية المبكرة
المزمع إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وقال الموقع نقلا عن مصدر خاص (لم يكشف هويته) إن "الكاظمي لن
يشارك في الانتخابات المقبلة، ولن يشارك أي من أعضاء فريقه والمقربين منه تحت أي مسمى
أو عنوان أو حزب، ولن يدعموا أي حزب أو طرف أو جهة سياسية على حساب الأحزاب الأخرى".
وأشار إلى أن "قرار عدم المشاركة كان قد اتُخذ منذ بداية تولي
الكاظمي هذه المهمّة، وإن هذا التوضيح يأتي بعد تصاعد الشائعات والمعلومات المغلوطة
حول نيته أو فريقه المشاركة في الانتخابات".
من جانبه، علّق السياسي العراقي، قصي محبوبة، في تغريدة على "تويتر"
الاثنين، قائلا إنه "كان يتوقع منذ أشهر عدم اشتراك أحزاب وحركات سياسية أنشئت تحت جناح
الكاظمي"، لافتا إلى أن "سبب ذلك هو عدم رغبة الكاظمي في أن يكون طرفا في الصراع
السياسي الدموي الذي سيرافق الانتخابات".
وكانت مواقع محلية عراقية قد أفادت، الثلاثاء، بأن "قرار الكاظمي
بتجميد تيار المرحلة ومنعه من المشاركة في الانتخابات جاء بعد تصاعد الانتقادات له
بدعم قوائم انتخابية واتهامه بالعمل على تعزيز حضوره في الانتخابات القادمة".
وأشارت إلى أن "ضغوطا مارستها كتلتا الفتح بقيادة هادي العامري،
و’سائرون‘ بزعامة مقتدى الصدر، على الكاظمي دفعته لاتخاذ مثل هذا القرار المفاجئ".
لكن مواقع أخرى عزت أسباب الانسحاب إلى "وجود خلافات داخلية في التيار، إضافة
إلى عدم قناعة بعض المرشحين بسياسة التيار".