هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة
"الغارديان" مقالا للناشط الحقوقي الإسرائيلي مايكل سفارد، أشار فيه إلى
تبني التقدميين في إسرائيل أخيرا لفكرة دولة التمييز العنصري في إسرائيل؛ عمليات
طمس الجرائم ضد الفلسطينيين، وتصوير الإسرائيليين بشكل دائم على أنهم ضحايا.
وأضاف في المقال الذي
ترجمته "عربي21"، أن الفصل الأخير من النزاع، والذي توزع على عدة مناطق
ومرة واحدة، جلب معه في غزة دمار البيوت والممتلكات وخسارة الأرواح، في وقت تم فيه
استهداف البلدات في إسرائيل بسبب الصواريخ التي أطلقت من غزة. وفي القدس، حاول
المستوطنون إجبار الفلسطينيين على الخروج من بيوتهم بالقوة، واشتبك المصلون مع
القوات الإسرائيلية في المسجد الأقصى.
وأشارت الصحيفة إلى
تفاقم التوتر بين الفلسطينيين في الداخل واليهود، بسبب التشريد والإهمال والتمييز،
وترافق ذلك مع صور تدنيس المسجد الأقصى، وقام اليمين المتطرف بنشر رسائل كراهية
وعنف متطرف، ليس ضد الفلسطينيين في غزة، ولكن ضد من يعيشون معهم في داخل إسرائيل.
وكانت نتيجة كل هذا شغبا وعنفا مروعا، بما في ذلك عمليات سحل قام بها الطرفان.
ومرة أخرى، اندلعت النيران
في كل البلاد، من غزة إلى الضفة الغربية وعكا ويافا واللد.
وقال إن التعامل مع
العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية في كل هذه الأماكن ومرة واحدة ليس أمرا اعتاده
المحللون، ولم يتعلموا كيفية تحليله.
فقد تلقى الكاتب
تعليمه السياسي في ثمانيات القرن الماضي بالقدس، حيث اعتاد التقدميون على التعامل
مع النزاع من خلال عنصريين أساسيين، ففي البداية كانت هناك إسرائيل داخل الخط
الأخضر، الحدود التي رسمت بعد عام 1949.
واعتقدوا أن هذه هي
الديمقراطية، ولم تكن تامة، بل بحاجة إلى تحسينات، لكنها تظل ديمقراطية. وفيها
أقلية عربية تشكل نسبة خمس السكان، وعانت من تهميش مؤسساتي، لكنه يرى أن كل
الديمقراطيات فيها أقليات مهمشة.
أما العنصر الثاني من
النزاع، فقد كان المناطق الفلسطينية المحتلة، التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967، ولم تكن ديمقراطية، حيث تعامل التقدميون مع الوضع على أنه احتلال مؤقت، وكانوا
يقاتلون من أجل إنهائه، وفي تلك الفترة لم يكن هناك الكثير من المراقبين يعتقدون
أن وضع الاحتلال دائم.
ومن هنا، فكلا العنصرين قدم توضيحا عما يجري بين نهر الأردن والبحر المتوسط: منطقة ديمقراطية وأخرى محتلة. ومن خلال هذا المعيار، حاول الباحثون والمراقبون تحليل وفهم الوضع الذي يعيشون فيه.
ومع مرور الوقت، أصبح
هذا الفهم الواضح مشوشا ومحدودا، وتسربت هذه إلى الناشطين الإسرائيليين، الذين
راقبوا واقع الاستعمار الإسرائيلي الضخم للأراضي المحتلة، بـ250 مستوطنة وعمليات
سرقة أراض واسعة، وشبكات من البنى التحتية تم تطبيق نظامين قانونين فيها، بشكل أكد أن هذا الوضع ليس مؤقتا، بل دائم.
وزاد هذا الفهم من
خلال محاولات إسرائيل قمع أي تطور فلسطيني، وتحويل المصادر لصالح المستوطنين اليهود
على حساب المواطنين الفلسطينيين. ولم يعد بالإمكان شرح هذه الممارسات من خلال
منظور القانون الدولي، الذي يمنع نقل المدنيين من قوة محتلة إلى منطقة محتلة، فهي
عمليات تفقد الرؤية حول الاحتلال، وتقوم على تأكيد تفوق اليهودي وإخضاع الفلسطيني.
وفي نفس الوقت، لم تعد
المفاهيم السياسية التي حاول التقدميون قمعها على حساب الأخلاقيات التي نشأوا
عليها، وأجبرتهم على الاعتراف بأن إسرائيل دولة ديمقراطية يخفي وراءه عددا من
ملامح شخصية حكومتها، التي كانت موجودة دائما، لكنها أفصحت عن نفسها خلال العقد
الماضي، مثل التحريض الدائم ضد الفلسطينيين، الذي وصل في ظل بنيامين نتنياهو إلى
درجات غير مسبوقة، بما في ذلك انتهاك حقوقهم عبر الشيطنة ونزع الشرعية عنهم.
بالإضافة إلى قانون
الدولة الواحدة المميز، والذي قوى من الوضعية المتدنية للعرب، وأسس للانحراف نحو
الديكتاتورية البوتينية، وكل ما تحمله من ملاحقة لكل نقاد الحكومة، فهل هذا يعطي
صورة عن ديمقراطية؟
وفي تموز/ يوليو 2020، أصدرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "ييش دين" تقريرا، والتي تقوم على مدى 16
عاما بتوثيق الانتهاكات التي يقوم بها المستوطنون وقوى الأمن لحقوق الإنسان
الفلسطينية، وهو الذي ألفه الكاتب، وتوصل فيه إلى أن الضفة الغربية تحكم عبر نظام
التسيد والقمع الذي يمارسه اليهود على الفلسطينيين، في وقت تقوم فيه الحكومة
بأعمال تهدف لاستمرار هذا الوضع. وبعبارات أخرى توصل التقرير إلى أن إسرائيل ترتكب
جرائم أبارتيد في الضفة الغربية، والتي تعدّ جرائم ضد الإنسانية حسب القانون
الدولي.
وفي كانون
الثاني/ يناير، أصدرت منظمة حقوق الإنسان بيتسيلم ورقة، حددت فيها موقفا أكدت فيه أن
السياسة في المنطقة ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط، بما فيها إسرائيل، تهدف إلى
الحفاظ وتقديم التفوق اليهودي. وهذا هو الواقع الذي يحدد المبادئ الحكومية لتقديم
المصالح اليهودية والقوة والرفاه، من خلال تفضيلهم بالمصادر والحقوق القانونية.
وبالنسبة لبيتسيلم، هناك نظام واحد لا غيره، وهو نظام التمييز العنصري.
وفي نهاية نيسان/ أبريل، نشرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرا معمقا، دعمت فيها المزاعم بأن السلطات
الإسرائيلية تقوم وبشكل منظم بتفضيل اليهود في إسرائيل، والتمييز ضد الفلسطينيين في
كل إسرائيل، مع أن المنظمة قالت إن سياسات إسرائيل العنصرية في المناطق المحتلة
ترفق بأعمال غير إنسانية، تصل لحد جريمة الفصل العنصري. ورغم وجود بعض الخلافات
والتفاصيل بين التقارير هذه، إلا أن الفكرة الجامعة هي أن إسرائيل تقوم بتعزيز
التفوق اليهودي.
وبات هذا المصطلح الذي
ظل استخدامه منحصرا لدى الجماعات الاستيطانية المتطرفة يستخدم اليوم لوصف سياسات
الحكومة الإسرائيلية.
وقال كاتب المقال:
"كان الحديث عن التزام إسرائيل بالديمقراطية الليبرالية، مع أنها لم تصل إلى
مستوياتها، أما الاحتلال فهو مؤقت. "أما الآن، فالأدلة تتراكم أمام عيني، ولم أعد
قادرا على تجاهل الأبارتيد الصارخ في الضفة الغربية، والاتهامات المتعلقة حول
محاولة تأكيد التفوق اليهودي داخل إسرائيل أيضا".
فالصور المتوفرة عن الصراع
في الهواتف النقالة لا تقدم سياقا، فهي تصور مجرمين وضحايا، هذا كل ما في الأمر،
وتظهر وتغيب على تيك توك. ومن الصعب استخراج أطروحة سياسية منها، ففي الإعلام الإسرائيلي
لليهود تاريخ، أما الفلسطينيون فلديهم سيرة.
وأضاف: "لهذا، فحرق معبد يهودي، والأعمال المقيتة للغوغاء للفلسطينيين في اللد، تستحضر الصدمة
الوطنية مثل كريستالانخت أو مذبحة 1929، التي قتل فيها اليهود بالخليل، ولكن عندما
يكون الضحايا فلسطينيين، فمن النادر أن تظهر أسماؤهم في الصحف".