هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال الكاتب جوناثان كوك إن الفلسطينيين يواجهون اليوم "الأوباش" في داخل الأراضي المحتلة عام 1948 بمزيج من عنف الشرطة وهجمات الفاشيين اليهود.
وفي مقاله على موقع "ميدل إيست آي"، قال كوك إن "هؤلاء الفلسطينيين الذين يعدون 1.8 مليون نسمة -وهم مواطنون إسرائيليون من حيث الاسم لا أكثر- قضوا الأسبوع الماضي وهم يعبرون عن إحباطهم وسخطهم بعد عقود من القهر الإسرائيلي الموجه ضد مجتمعاتهم داخل إسرائيل، وكذلك ضد الفلسطينيين الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الأكثر جلاء".
وأشار إلى أنه في ظل الاستياء والغضب المتراكم منذ سنين "وصل الآن نقطة الغليان. ونظرا لأن "المدن المختلطة" من الأماكن القليلة في إسرائيل التي يعيش اليهود والعرب فيها بالقرب من بعضهم البعض نسبا -وذلك أن معظم المجتمعات الأخرى تم عزل بعضها عن البعض الآخر بحزم من قبل إسرائيل- فإن احتمال تفجر العنف بين التجمعات العربية واليهودية وارد جدا".
وتاليا المقال كاملا:
بينما تشتعل القدس وتقف غزة على حافة عدوان إسرائيلي كبير آخر، يسهل أن يسهو المرء عن رؤية العنف العرقي المتصاعد بشكل سريع داخل إسرائيل، حيث يشكل الفلسطينيون خمس السكان.
هؤلاء الفلسطينيون الذين يعدون 1.8 مليون نسمة – والذين هم مواطنون إسرائيليون من حيث الاسم لا أكثر – قضوا الأسبوع الماضي وهم يعبرون عن إحباطهم وسخطهم بعد عقود من القهر الإسرائيلي الموجه ضد مجتمعاتهم داخل إسرائيل وكذلك ضد الفلسطينيين الذين يعيشون تحت نير الاحتلال الأكثر جلاء.
قوبلت الاحتجاجات، التي اجتاحت المجتمعات الفلسطينية داخل إسرائيل، برد فعل وحشي – عبارة عن مزيج من العنف الرسمي الذي تمارسه الشرطة الإسرائيلية والعنف الذي تمارسه عصابات اليهود المنتمين إلى تيار اليمين المتطرف.
وراح السياسيون الإسرائيليون يحذرون بصخب من "مذابح يرتكبها العرب" ضد السكان اليهود، ولكن مع تنامي نفوذ التيار اليميني الفاشي في إسرائيل – والذي يتكون إلى حد كبير من مستوطنين مسلحين على ارتباط بوحدات عسكرية – فإن الخطر الأكبر المحدق هو المذابح التي قد ترتكب ضد الأقلية الفلسطينية.
كان المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل في القلب من موجة الاحتجاجات في القدس الشرقية المحتلة التي بدأت قبل شهر مضى في مطلع شهر رمضان. فبفضل بطاقات الهوية الإسرائيلية التي يحملونها وحرية الحركة النسبية التي يتمتعون بها، سافر كثيرون منهم إلى القدس الشرقية في قوافل منظمة من الحافلات. كما زادوا أعداد المتظاهرين في حي الشيخ جراح، حيث تواجه الكثير من العائلات الفلسطينية الطرد من منازلها على أيدي المستوطنين اليهود، بدعم من دولة إسرائيل. إضافة إلى ذلك شاركوا أيضا في الدفاع عن المسجد الأقصى.
ولكن في الأسبوع الماضي، وبينما أغرقت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع تظهر الشرطة وهي تقتحم الأقصى والمتطرفين اليهود وهم يهتفون بجوار المسجد، اندلعت الاحتجاجات داخل إسرائيل أيضاً. ونظمت المظاهرات الليلية في البلدات الفلسطينية الأكبر، بما في ذلك الناصرة وكفر كنة وكفر مندا وأم الفحم وشفا عمرو والسبع. فردت الشرطة بالأسلوب المعهود، بإطلاق قنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع على الجموع لتفريقهم، وألقي القبض على أعداد كبيرة من الناس.
نقطة الغليان
إلا أن بعض المواجهات الأكثر عنفا كانت تجري في مكان آخر، في مجتمعات تصفها إسرائيل تضليلا بـ "المدن المختلطة". وكانت إسرائيل تقليديا تقدم هذه المدن -وهي اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا- باعتبارها نماذج "للتعايش اليهودي العربي". أما الواقع فهو شيء مختلف تماما.
في كل واحدة من هذه المدن يعيش المواطنون الفلسطينيون على هوامش مدينة فلسطينية سابقة كانت قد تعرضت للتطهير العرقي عند إقامة إسرائيل في عام 1948، وتتعرض منذ ذلك الحين للتهويد بكثافة.
لا مفر من أن يواجه السكان الفلسطينيون يوميا العنصرية التي يعاملهم بها جيرانهم من اليهود، كما يواجهون تمييزا مؤسساتيا صارخا من خلال إجراءات وقواعد التخطيط التي صممت لحملهم على المغادرة وفي نفس الوقت مساعدة اليهود -الذين في العادة ما يكونون أعضاء في حركة استيطانية أو طلابا ينتمون إلى التيارات الدينية المتطرفة- على الاستيلاء على أماكنهم. ويجري كل ذلك بينما تفرض عليهم قيود أمنية صارمة لحماية حقوق المقيمين اليهود على حسابهم.
ظل الاستياء والغضب يتراكم بالتدريج لسنين، ويبدو أنه وصل الآن نقطة الغليان. ونظرا لأن "المدن المختلطة" من الأماكن القليلة في إسرائيل التي يعيش اليهود والعرب فيها بالقرب من بعضهم البعض نسبيا -وذلك أن معظم المجتمعات الأخرى تم عزل بعضها عن البعض الآخر بحزم من قبل إسرائيل- فإن احتمال تفجر العنف بين التجمعات العربية واليهودية وارد جدا.
ثمة مخاطرة في أن يتم في بعض مناطق إسرائيل سحق ما يراه البعض جذور انتفاضة فلسطينية جديدة، لأنه كلما زادت احتجاجات الأقلية الفلسطينية ضد التمييز البنيوي الذي تواجهه، كلما زادت مخاطر تأجيج مزيد من الحمية ضدها لدى التيار اليهودي اليميني المتطرف.
يشعر هؤلاء الفاشيون اليهود بالنشوة بعد أن فازت أحزابهم بستة مقاعد برلمانية في انتخابات إسرائيل التي نظمت في شهر مارس/ آذار. وينظر إليهم على أنهم جزء لا يتجزأ من أي حكومة ائتلافية قد يشكلها رئيس وزراء حكومة تسيير الأعمال بنيامين نتنياهو.
إخراج الفلسطينيين
لم يلبث اليمين الاستيطاني يسعى منذ سنوات إلى دفع العائلات الفلسطينيين المتبقية نحو الخروج من "المدن المختلطة"، وخاصة تلك التي في وسط البلاد والقريبة من تل أبيب. ولقد حصل هؤلاء المستوطنون على مساعدة من الدولة لإقامة مدارس دينية متطرفة في وسط الأحياء الفلسطينية.
والآن، وتحت ستار الاحتجاجات، يجد اليمين المتطرف فرصته للتصعيد، ولقد زعم نائبهم الجديد في الكنيست، إيتامار بن غفير، في شطحة من خيال إن الشرطة يحال بينها وبين التعامل بحزم كاف مع الاحتجاجات. والرسالة المشفرة من ذلك مفادها أن اليمين المتطرف يحتاج لأن يقوم بنفسه بفرض سيادة القانون.
والأكثر غرابة من ذلك أن ما زعمه بن غفير ردده وزير الشرطة في الحكومة، عمير أوهانا، الذي طالب "المواطنين الذين يحملون السلاح" بالعمل نيابة عن السلطات من خلال "القضاء مباشرة على التهديدات والخطر." كما أغرقت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوات من النشطاء لتسليح أنفسهم ومهاجمة المجتمعات الفلسطينية داخل إسرائيل.
ويوم الأربعاء كانت نتائج التحريض واضحة لا لبس فيها، حيث قامت عصابات يهودية، كثير من أعضائها ملثمون، بتكسير ونهب الدكاكين ومحلات بيع الأطعمة العربية في جنوب تل أبيب، وفي تلك الأثناء صور طاقم إحدى القنوات التلفزيونية الإسرائيلية مئات من الأفراد المتجمعين وهم يتفرجون بينما كان سائق يسحب من سيارته ويتعرض للضرب المبرح. وعلى الرغم من أن التخريب استمر لمعظم ساعات الليل إلا أن الشرطة لم تشاهد في المكان طوال ذلك الوقت.
سارع سكان المدن المختلطة من الفلسطينيين إلى تنظيم دوريات للدفاع عن أحيائهم، ولكن نظرا لأن كثيراً من أعضاء الجماعات اليهودية اليمينية المتطرفة لديهم تراخيص بحمل الأسلحة النارية، لا تتوفر في واقع الأمر لدى المجتمعات الفلسطينية كثير من السبل لحماية أنفسهم بشكل فعال.
وردت أسوأ المشاهد من مدينة اللد، حيث يعيش الفلسطينيون المحليون في أحياء أشبه ما تكون بالغيتوات في وسط ما غدا الآن مدينة يهودية مجاورة لمدينة تل أبيب.
قبضة حديدية
تمخضت المواجهات يوم الاثنين عن إطلاق أحد السكان اليهود النار على الفلسطيني موسى حسونة، وهو أب لثلاثة أطفال، فأرداه قتيلا. في اليوم التالي تحولت جنازته إلى موجة عارمة من الاحتجاجات بعد أن حاولت الشرطة إغلاق الطريق في وجه المعزين، فتعرضت سيارات للحرق وكذلك الرموز التي تدل على استيلاء اليهود على وسط اللد، بما في ذلك أحد المعابد اليهودية.
أثناء زيارة قام بها إلى المدينة، أدان نتنياهو الأحداث معتبراً إياها "أعمالاً فوضوية" وحذر من أن إسرائيل ستستخدم "يدا من حديد إذا لزم الأمر".
ومساء الأربعاء فرض حظر التجول على المدينة، وأعلنت حالة الطوارئ، ونقلت صلاحيات مجلس المدينة إلى الشرطة، وقال نتنياهو إنه يعمل على تجاوز العقبات القانونية التي تحول دون منح الشرطة صلاحيات أوسع.
وتكرارا لما عبر عنه نتنياهو والأحزاب اليهودية الفاشية، قال مفوض الشرطة ياكوف شابتاي إن السبب وراء انفجار الشغب الفلسطيني هو "اللين الشديد" الذي تتعامل به الشرطة معهم.
شهدت الأيام القليلة الماضية اعتداءات عنيفة انتقامية ضد المواطنين اليهود والفلسطينيين بما في ذلك الضرب والطعن وإطلاق النار، مما أدى إلى إصابة العشرات بجروح. إلا أن الادعاءات بأن حرباً أهلية توشك أن تندلع في أماكن مثل اللد، كما وصف عمدة المدينة اليهودي الوضع هذا الأسبوع، تنم عن توصيف خاطئ ومضلل للديناميكيات التي تجري ولميزان القوة على الأرض.
فحتى لو كانوا يرغبون في ذلك، لا يوجد لدى الفلسطينيين في هذه المدن أي أمل في التمكن من التصدي لقوات الأمن الإسرائيلية والمليشيات اليهودية المدججة بالسلاح.
تفجر الغضب
ما تقوم به الدولة في اللد وفي غيرها من المجتمعات – من خلال الشرطة ومن خلال حلفائها المستوطنين الذين يعملون عنها بالوكالة – هو تعليم الجيل الجديد من الفلسطينيين درسا في التربية المدنية للدولة اليهودية، ومفاده أنكم لسوف تدفعون ثمنا باهظا ومؤلما جدا مقابل المطالبة بحقوق نتظاهر أمام العالم بأنكم تتمتعون بها.
من المؤكد أن نتنياهو فيما يبدو ليس لديه التزام حقيقي بتهدئة الوضع، وخاصة عندما يفضي العنف بين المواطنين اليهود والفلسطينيين إلى تغييب محاكمته بتهم الفساد من عناوين الصحف. كما يغذي ذلك سردية اليمين المتطرف والتي قد تخدمه بشكل جيد، إذا كانت إسرائيل، كما هو متوقع، متجهة نحو إجراء انتخابات أخرى خلال بضعة شهور من الآن.
ولكن هناك من المسؤولين الإسرائيليين الآخرين أيضا من يشارك في صب الزيت على النار – بمن فيهم رئيس الدولة روفين ريفلين، والذي من المفروض فيه، على النقيض من نتنياهو، أن يكون شخصية مجمعة، حيث أدان المواطنين الفلسطينيين ووصمهم بأنهم "أوباش عرب متعطشون للدماء". بل ذهب إلى أكثر من ذلك حين قلب الأمور رأسا على عقب واتهمهم بتنظيم مذبحة ضد اليهود في اللد.
ما فتئت إسرائيل لعقود تسعى إلى تسويق فكرة بعيدة المنال إلى الجماهير الغربية مفادها أن مواطنيها الفلسطينيين -الذين أعادت توصيفهم مستخدمة عبارة "عرب إسرائيل"- يعيشون في سعادة ومساواة مع اليهود داخل "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط."
قامت إسرائيل بعناية فائقة بإخفاء الحقيقة التاريخية بشأن هذه الأقلية الفلسطينية – والتي ظلت متمسكة بأرضها أثناء عمليات التطهير العرقي الجماعي التي نفذتها إسرائيل عند قيامها في عام 1948 – وكيف أن هؤلاء الفلسطينيين ما لبثوا يعيشون في حالة من التمييز المنتظم ضدهم من قبل الدولة اليهودية منذ نشأتها.
ومن تداعيات ذلك أن إسرائيل تجد باستمرار صعوبة بالغة في تفسير الغضب الذي يتفجر من حين لآخر في أوساط المجتمعات العربية داخل إسرائيل.
التعامل معهم باعتبارهم العدو
منذ أن تم تخفيف قبضة الحكومة العسكرية في أواخر الستينيات، نظمت الأقلية الفلسطينية الاحتجاجات بشكل مستمر. إلا أن المظاهرات الكبرى التي تجتاح شوارع المدن لا تنطلق إلا مرة في كل جيل – وتتعرض في العادة لقمع وحشي من قبل القوات الإسرائيلية.
ثم بعد الإدماء الشديد تحت وطأة الضربات التي توجه لهم، يضطر المواطنون الفلسطينيون إلى الانسحاب تارة أخرى إلى الهدوء التعس والمؤقت.
وهذا ما حدث في سبعينيات القرن الماضي في يوم الأرض، عندما أعلنت المجتمعات الفلسطينية عن أول إضراب عام لها لمدة يوم واحد احتجاجا على سرقة الدولة لأراضيهم الزراعية من أجل إقامة مجتمعات يهودية خالصة عليها. أثار الإضراب غضب المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس وزراء إسرائيل حينها إسحق رابين، حتى أنهم أرسلوا بالدبابات، وقتل نتيجة لذلك ستة من المواطنين الفلسطينيين.
عادت الاحتجاجات في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2000، في بداية الانتفاضة الثانية، عندما خرجت الأقلية الفلسطينية إلى الشوارع تضامناً مع الفلسطينيين القابعين تحت نير الاحتلال والذين قتل منهم عدد كبير في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية وفي قطاع غزة.
وخلال أيام قتل بالرصاص ثلاثة عشر متظاهرا، وأصيب مئات آخرون بجروح بليغة، حيث استخدمت الشرطة الرصاص الحي والرصاص الحديدي المكسي بالمطاط لفرض السيطرة على جمهور المتظاهرين.
خلص تحقيق قضائي لاحق، أو تحقيق قامت به هيئة مختصة، إلى أن الشرطة كانت تعتبر الأقلية الفلسطينية "عدوا".
تمييز مزدوج
ما يعرفه أبناء الجيل الجديد الذين خرجوا للاحتجاج هذا الأسبوع عن احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2000 لا يتجاوز حكايات رواها لهم آباؤهم وأمهاتهم. وها هم اليوم يتعرفون أولا بأول على مدى التغيير الذي طرأ بعد عقدين من الزمن على الأساليب العنصرية والقمعية التي تستخدمها الشرطة الإسرائيلية في التعامل مع مجتمعهم.
في واقع الأمر، لم تلبث الأسئلة حول دور الشرطة الإسرائيلية وعلاقتها بالمجتمعات العربية داخل إسرائيل تطرح أثناء النقاشات السياسية التي تدور بين المواطنين الفلسطينيين على مدى العامين الماضيين.
لطالما عانت الأقلية الفلسطينية من تمييز مزدوج ضدها تمارسه قوات الأمن الإسرائيلية. فمن ناحية لم تلبث الشرطة تتهرب من أداء دورها الشرطي المدني الاعتيادي في المجتمعات الفلسطينية داخل إسرائيل، ما سمح للعناصر الإجرامية بأن تنتعش وتتكاثر في الفراغ الذي أوجده الإهمال والتجاهل، لدرجة أن عمليات القتل وإطلاق النار بلغت ذروتها.
ومن ناحية أخرى، تسارع الشرطة إلى ممارسة القمع عندما يشارك المواطنون الفلسطينيون في نشاطات احتجاجية أو في المعارضة السياسية. وما الاعتقالات والعنف الذي مارسته الشرطة مؤخرا إلا جزءا من نمط بات معتادا.
لم تختف كثير من العوامل التي أخرجت الفلسطينيين إلى الشوارع في عام 2000. فلقد استمرت أساليب الشرطة العنيفة والقمعية. كما أن استمرار هدم البيوت وسياسات التخطيط العنصرية من شأنها أن تبقي المجتمعات الفلسطينية في حالة من الاكتظاظ المزمن والخانق. ومازال التحريض الذي يمارسه ضدهم السياسيون اليهود هو العرف. كما يستمر استبعاد الزعامات الفلسطينية في إسرائيل من المشاركة في الحكومة أو في أي من مؤسسات الدولة الرئيسية في إسرائيل.
طبقة دونية دائمة
إلا أن الأمور خلال السنوات الأخيرة ازدادت سوءا؛ فتمرير قانون الدولة القومية في عام 2018 يعني أن الوضع القانوني للأقلية بات أسوأ من الناحية الرسمية. فبموجب ذلك القانون تم إقصاء المواطنين الفلسطينيين إلى طبقة دونية دائمة – فهم في واقع الأمر ليسوا مواطنين على الإطلاق، وإنما أيدي عاملة طارئة غير مرحب بها في الدولة اليهودية.
إضافة إلى ذلك، يشتكي التيار الصاعد من اليهود اليمينيين المتطرفين من أن الأقلية الفلسطيني شكلت حجر عثرة في طريق ضمانه تحقيق أغلبية انتخابية خلال الجولات الانتخابية التي جرت في العامين الماضيين. فنجاح الأحزاب الفلسطينية من وجهة نظرهم يعتبر العقبة الكؤود في طريق نتنياهو من أجل الوصول إلى ائتلاف حكومي مستقر يتشكل من أحزاب اليمين القومي المتطرف.
ثم، ونظرا لإسقاط خيار حل الدولتين من قبل جميع الأحزاب اليهودية في إسرائيل، بات المواطنون الفلسطينيون في مواجهة طريق مسدود سياسيا ودبلوماسيا. ليس لديهم أمل في الخروج من تحت ظل نموذج أمني إسرائيلي ينظر إليهم باعتبارهم طابوراً خامساً أو حصان طروادة فلسطيني داخل الدولة اليهودية.
وهذا النموذج هو بالضبط ما يستخدم الآن ضدهم – ويبرر من خلاله عنف الشرطة والمستوطنين في أماكن مثل اللد ويافا وعكا.
ميدل إيست آي
14 مايو / أيار 2021