ملفات وتقارير

تحديات داخلية وخارجية تواجه رئيس إيران القادم.. ما هي؟

قال مراقبون إنه "بحال نجحت مفاوضات فيينا فإنها ستعزز وضع رئيس إيران القادم"- جيتي
قال مراقبون إنه "بحال نجحت مفاوضات فيينا فإنها ستعزز وضع رئيس إيران القادم"- جيتي

يستعد الإيرانيون الجمعة المقبل، لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس الحالي حسن روحاني، في ظل تنافس سبعة مرشحين على مقعد الرئاسة، بينهم مرشحون مقربون من المرشد الأعلى علي خامنئي، إلا أن نسبة المشاركة لن تتجاوز الـ40 بالمئة فقط من 59 مليون ناخب سيدلون بأصواتهم، بحسب ما أشارت إليه استطلاعات رأي رسمية.


وأمام نسبة المشاركة المتدنية المتوقعة، يرى مراقبون أن التحدي الكبير متعلق بالوضع الداخلي ورؤية الرئيس القادم التي سيعتمدها، وكيف سيعيد النظر في موضوع الاقتصاد؟ وكيف سيتم تطوير الإنتاج الذاتي وتقليل الاعتماد على النفط؟ حتى تفقد العقوبات معناها إذا استمرت.


وبهذا الصدد، يقول المختص بالشأن الإيراني طلال عتريسي، إنه "يمكن الاستنتاج من خلال المناظرات بين المرشحين السبعة خلال الأسابيع الماضية، أن أبرز التحديات التي ستواجه الرئيس المقبل، هي الأوضاع الداخلية (الاقتصادية والاجتماعية)".


وتابع عتريسي في حديثه لـ"عربي21": "إيران واجهت صعوبات كبيرة في السنوات الماضية، بسبب العقوبات المتراكمة ماليا ونفطيا واقتصاديا، وانعكس هذا الأمر سلبا على الوضع الداخلي الإيراني، إلى جانب جائحة كورونا التي أساءت الوضع الاقتصادي، وزادت في حجم البطالة كما حدث في دول أخرى بالعالم".

 

تحسين الوضع الداخلي


وتوقع أن تركز جهود الرئيس المقبل على تحسين الوضع الداخلي، مشيرا إلى أن "التحدي الخارجي لم يكن واضحا في المناظرات بين المرشحين، لكنه لا يبدو كبيرا مقارنة بالتحدي الداخلي".


وذكر أن "المفاوضات التي تجري في فيينا لا تزال إلى غاية الآن صعبة، رغم أن كل التصريحات تتحدث عن تقدم وإيجابيات سواء من طرف إيران أو أمريكا أو المندوب الروسي أو الصيني أو الأوروبي، لكن لا يبدو أن هذا الاتفاق سينجز قبل الانتخابات الإيرانية المقررة بعد بضعة أيام".


وأوضح أن "الرئيس المقبل سيواجه هذه المفاوضات، فإذا نجحت فإنه سيستفيد بشكل جيد وسيعزز وضعه، لأن عودة القوى الغربية للاتفاق، سيساهم في الإفراج عن الأموال الإيرانية المحتجزة، ما سينعكس إيجابيا على الوضع الداخلي، إلى جانب أن عودة القوى الغربية إلى الاتفاق النووي، سيفتح باب الاستثمارات في إيران، ما سينعكس إيجابيا أيضا"، وفق تقديره.

 

اقرأ أيضا: ملفات شائكة وصعبة بانتظار رئيس إيران المرتقب انتخابه


وأردف قائلا: "أعتقد أن الرئيس الإيراني المقبل سيرحب بعودة القوى الغربية إلى الاتفاق النووي، خاصة أن هذا الاتفاق اتخذ عام 2015 على أعلى مستويات القيادة في إيران"، مستبعدا في الوقت ذاته أن يغير أي رئيس من سياسات إيران تجاه القضايا الدولية.


وبيّن أن هوية الرئيس السياسية وانتماءه لتيار إصلاحي أو محافظ، يجعل مقاربته مختلفة دون أي تغيير جوهري، معتقدا أنه "سيبقي على مسافة العلاقة مع الولايات المتحدة، وسيعزز العلاقات مع روسيا، وسيحافظ على العلاقات الاستراتيجية مع الصين".


وذكر عتريسي أن "هذه ثوابت تقررها القيادة العليا بإيران ممثلة بمجلس الأمن القومي والمرشد الأعلى، وهم الذين يضعون أسس السياسة الخارجية، والرئيس وحكومته ينفذون هذه السياسات العليا"، مشددا على أن التحديات الداخلية أمام الرئيس المقبل كبيرة، ولها علاقة بالأوضاع الاقتصادية ومواجهة الفساد، والتعامل مع الهياكل البنيوية للاقتصاد.


وفي سياق متصل، نشرت وكالة "صوت أمريكا" الحكومية، تقريرا سلطت فيه الضوء على خمسة تحديات تواجه الرئيس الإيراني القادم.


إصلاح الاقتصاد


ولفتت الوكالة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن رئيس إيران القادم سيتعين عليه معالجة هذه القضايا، وأولها "إصلاح الاقتصاد"، موضحة أن جميع المرشحين يتفقون على أن الأولوية القصوى هي إنعاش الاقتصاد الذي تضرر بشدة من العقوبات، والذي تفاقم لاحقا بسبب جائحة "كوفيد-19".


وأشار التقرير إلى الآمال الكبيرة التي كانت بعد الاتفاق النووي عام 2015، وما قد يؤدي إلى استثمارات أجنبية، مقابل تعهد طهران بعدم تصنيع أو حيازة أسلحة نووية، لكن هذه الآمال تبددت عندما انسحب ترامب من الاتفاق عام 2018، وأعاد فرض العقوبات، ما أدى إلى خسارة إيران المليارات من عائدات النفط المهمة، وتم إقصاؤها عن النظام المالي الدولي.


وأفاد التقرير بأن صندوق النقد الدولي أكد أن الناتج الإجمالي بإيران انخفض بأكثر من ستة بالمئة في كل من 2018 و2019، وعاد فقط إلى نمو متواضع العام الماضي، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة وانهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار.


تحسين العلاقات الخارجية


ونقل التقرير عن الخبير بمعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا كليمان ثيرم، أن الرئيس الجديد بإيران عليه إيجاد طريقة جديدة، لضمان حد أدنى من التحسن في الظروف المعيشية والاقتصادية للإيرانيين، من خلال إدارة مستوى العداء مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن".


ونوه ثيرم إلى أنه "إذا تم التوصل إلى حل وسط بشأن القضية النووية، فإنه لن يسمح على الأرجح للمستثمرين الغربيين بالعودة إلى السوق الإيرانية على المدى القصير"، مضيفا أنه "يبدو أن التطبيع الدبلوماسي بين طهران وواشنطن شرط لا غنى عنه".


واستدرك: "مع ذلك فإن خامنئي معادٍ لأي تقارب مع الولايات المتحدة (..)".


وأشار التقرير إلى أنه من المرجح أن تستمر التوترات مع الغرب في عهد الرئيس القادم لإيران، لكن عملية التطبيع الدبلوماسي مع السعودية، يجب أن تستمر، وفقا للعديد من الخبراء.


الخروج من الوباء


وتحدث التقرير عن التحدي الثالث أمام الرئيس القادم لإيران، وهو محاولة الخروج من وباء كورونا المستجد والآثار الكارثية للجائحة، منوها إلى أن طهران تأخرت في حملة التطعيم، ويرجع ذلك جزئيا إلى العقوبات الأمريكية.


وأردف قائلا: "يمكن أن يساعد في هذا الجهد تخفيف العقوبات، بالإضافة إلى احتمال إطلاق قصير المدى لواحد أو أكثر من اللقاحات المصممة إيرانيا".


استعادة ثقة الناس


وبحسب التقرير، فإن تحدي "استعادة ثقة الناس" أحد التحديات أمام الرئيس الإيراني القادم، للخروج من عزلة إيران وألمها الاقتصادي، إلى جانب تجنب الاحتجاجات الشعبية التي حدثت ضد حكومة روحاني.


وقال إن "أزمة الثقة بين الحكومة والإيرانيين اندلعت في أعقاب إسقاط طائرة ركاب أوكرانية في كانون الثاني/ يناير 2020، وسط توترات شديدة مع الولايات المتحدة، ما تسبب بأزمة عميقة وواسعة الانتشار".

 

اقرأ أيضا: الغارديان: خامنئي تلاعب بانتخابات إيران لتحقيق حلمه


وأشار إلى أن السلطات الإيرانية تخشى أن يكون إقبال الناخبين على الانتخابات ضعيفا، وذلك بعد امتناع قياسي في الانتخابات التشريعية الأخيرة في شباط/ فبراير 2020، والتي بلغت 57 بالمئة.


وحول وسائل تعزيز الثقة، أورد التقرير أن الرئيس القادم لإيران بإمكانه اتخاذ خطوات فورية، مثل رفع حجب بعض الشبكات الاجتماعية مثل "تليغرام" و"تويتر"، إضافة إلى التخلي عن التشدد في حجاب المرأة.


معالجة المشاكل البيئية


وختم التقرير تحدياته، بالقول إن أمام رئيس إيران قضايا تتعلق بالبيئة، وهي تلوح في الأفق بشكل كبير، في بلد يبلغ عدد سكانه 83 مليون نسمة، وهم مهددون بالتغير المناخي ونقص المياه والتصحر وتلوث الهواء في المناطق الحضرية.


وأوضح أن "الأزمة البيئية في إيران حقيقية، لكن حتى الآن لدينا انطباع بأن الحكومة غير قادرة على وضع سياسة شاملة، ولم تتم مناقشة القضايا البيئية في ثلاث مناظرات متلفزة للمرشحين قبل الانتخابات".

التعليقات (0)