مقابلات

إسلامي تونسي: مستعدون للوساطة بين السلطة وإخوان مصر

رفيق عبد السلام: تأييد محكمة النقض لأحكام الإعدام بحق قادة الإخوان يراكم أزمات مصر  (فيسبوك)
رفيق عبد السلام: تأييد محكمة النقض لأحكام الإعدام بحق قادة الإخوان يراكم أزمات مصر (فيسبوك)

انتقد مسؤول العلاقات الخارجية في حركة "النهضة" وزير الخارجية السابق الدكتور رفيق عبد السلام بشدة تأييد محكمة النقض المصرية، أول أمس الإثنين، حكم بإعدام 12 شخصا، بينهم قيادات في جماعة الإخوان، عقب إدانتهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ"اعتصام رابعة" شرقي القاهرة، واعتبر ذلك جزءا من استقواء السلطة بأجهزة الدولة ضد خصم سياسي.

ودعا عبد السلام في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، السلطات المصرية إلى وقف هذا النهج القائم على اعتماد الخيار الأمني في التعاطي مع خصم سياسي، لأنه خيار أثبت فشله بالتجربة، وأنه يراكم أزمة مصر الداخلية ولا يساعدها في مواجهة التحديات الوجودية التي تواجه المصريين.

ورفض القيادي في حركة النهضة، القول بأفول تيار الإسلام السياسي، ودعا إلى ترسيخ سنة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع باعتبارها الحكم بين المتنافسين السياسيين.

وأعلن عبد السلام استعداد حركة "النهضة" المبدئي للتوسط بين الإخوان والسلطة في مصر إسهاما في حقن الدماء وإنجاز التوافق والمصالحة.


وهذا نص الحوار:  

س ـ كيف تقرأ الأحكام النهائية الصادرة بحق معارضين ونشطاء معارضين في مصر؟


 ـ هذه تصفية حسابات بأدوات القوة والعنف في مواجهة منافس سياسي وقوة سياسية لم تتم إزاحتها بصناديق الاقتراع ولكن تمت إزاحتها بالعنف وعبر انقلاب عسكري.. وهذه الأحكام لا تنسجم مع التوجهات العامة والمناخات القائمة في المنطقة التي تتجه إلى التوافقات بين الدول الفاعلة، الدول العربية والقوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة لتهدئة الأوضاع وتجاوز حالة الاستقطاب والصراع التي مرت بها المنطقة في السنوات الماضية، والتي تضرر منها الجميع.. 

لكن للأسف يبدو أن النظام المصري يريد أن يعزز أوراقه التفاوضية من خلال التضحية برؤوس قيادات سياسية، والحقيقة أن هذا الأسلوب غير مقبول ومدان.. وهذه الطريقة مدانة بكل المعايير الحقوقية والسياسية.. كل المنظمات الحقوقية الدولية أو أغلبها على الأقل، ذكرت أن هذه محاكمة غير عادلة، وهذه تصفية حسابات مع خصم سياسي باستخدام أدوات الدولة من خلال قطع الرؤوس وسفك الدماء، بكل تأكيد هذه الخيارات غير مشروعة أخلاقيا وسياسيا وحقوقيا.

س ـ من موقعك كقيادي في الحركة الإسلامية التونسية، هل تشعر أن خيار الاستئصال الأمني ما زال فاعلا في مواجهة الإسلام السياسي؟


 ـ هذا الأسلوب تم تجريبه ولا نحتاج إلى جهد كبير للتدليل على خطئه، وتجربة مصر في حد ذاتها كفيلة بهذا، الإخوان مروا بمراحل كثيرة وتعرضوا إلى قمع وتصفيات منذ نشأتهم، مع الملك فاروق ومع عبد الناصر ومع مبارك، وقد ذهب كل هؤلاء وبقي الإخوان المسلمون كقوة سياسية.. 

قد نتفق أو نختلف مع الإخوان، لكنهم في نهاية المطاف قوة سياسية اجتماعية لا يمكن إدارة الصراع معها بأدوات العنف والتصفيات الجسدية.. الحل هو في الاحتكام إلى الإرادة الشعبية العامة والوصول إلى توافقات وإلى تفاهمات سياسية.. 

يعني هذا التوجه في مجال السياسة الخارجية المصرية الآن، الذي فرض نفسه على المصريين وبقية الأطراف الفاعلة في المنطقة، المفترض أن ينعكس في مجال السياسة الداخلية.. لا تستطيع مصر الآن أن تواجه التحدي الاستراتيجي الذي يتعلق بقوت وحياة المصريين المتصلة بمياه النيل في ظل عدم تماسك جبهتها الداخلية.. وإذا أمعنت السلطات المصرية في تعميق هذه الصراعات الداخلية فمعنى ذلك تفكيك الجبهة الداخلية وإضعاف مقومات المقاومة والمناعة في حماية مصالح مصر القومية.

س ـ نعود إلى الأحكام بمختلف أشكالها إعدامات ومؤبدات، هل تتوافق مع التوجهات الدولية لا سيما لدى الأطراف الدولية الحليفة لدول المنطقة بما في ذلك مصر؟


 ـ هذه الأحكام صادمة بكل تأكيد، لكن تقديري أنها ستجد رفضا من المنظومة الدولية ومن المنظمات الحقوقية الدولية.. لأن الجميع يدرك الآن مأزق السياسات الأمنية وأن مناخات الربيع العربي، رغم الانكسار الحاصل فيها، ما زالت مطالبها قائمة والعوامل المغذية للحراك الشعبي بما فيها الانتهاكات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان والحريات قائمة.. وأعتقد أن مصر بهذه السياسات تراكم أزماتها الداخلية، ومثل هذا التوجه سيجد معارضة من المنظومة الدولية ومن الولايات المتحدة الأمريكية.

س ـ ذكرت أن الربيع العربي يعرف انكسارات، بينما يقول آخرون إن الربيع العربي ربما أضعف تيار الإسلام السياسي، وأن هذا التيار ذاهب إلى أفول؟


 ـ لا يمكن أن نحكم على أي قوة سياسية أو اجتماعية إلا بصندوق الاقتراع.. طالما أنه لا توجد مناخات من المنافسة السياسية النزيهة، فالحديث عن نهاية الإسلام السياسي يبقى مجرد لغو.. الإسلام السياسي ليس قوة ميتافيزيقية خارقة للزمان والمكان، هو قوة سياسية اجتماعية يمكن أن تتقدم كما يمكن أن تتراجع، وأن تنجح وأن تفشل، شأنها في ذلك شأن بقية القوى السياسية.. لكن الحكم في ذلك هو الإرادة الشعبية.. ولذلك فالتحدي الأساسي هو: هل هنالك حرية سياسية في العالم العربي وانتخابات حرة ونزيهة؟ وهل هناك قبول بالإرادة الشعبية العامة؟ 

هذه هي الأسئلة الرئيسية، ولا تتعلق بالإسلام السياسي، وإنما تتعلق بإرادة التداول السلمي على السلطة.. هذه الأسئلة مطروحة في مصر ومطروحة كذلك في بقية دول المنطقة العربية.

س ـ هل يمكن لحركة "النهضة" التي تمكنت من تجاوز مطبات سياسية كبرى في الداخل وتحظى بعلاقات متوازنة مع محيطها والعالم، أن تمارس دورا وسيطا بين السلطة والإخوان في مصر؟


 ـ لا شك أننا لن نعارض من حيث المبدأ أي دور من شأنه أن يسهم في رأب الصدع والمصالحة في مصر بل نرحب به.. ولكن تقديري أن المسألة تحتاج إلى توفير مناخات ملائمة، والتعبير عن نوايا إيجابية للتخلص من إرث الماضي والضغائن وتصفية الحسابات والنفي المتبادل.. هناك أزمة سياسية اليوم في مصر طريق حلها يبدأ بالحوار السياسي وإطلاق سراح المساجين ورفع القبضة الحديدية للأجهزة الأمنية، حتى تعيش مصر حياة طبيعية وتواجه التحديات الخارجية التي ترتقي لمستوى التحديات الوجودية، لأن مصر هبة النيل، وإذا تم تهديد مصر في منابع النيل فمعنى ذلك أن المصريين مهددون في أقواتهم..


التعليقات (0)