نشرت
صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافي ديفيد روز، قال فيه إن السجناء السابقين الذين تعرضوا للتعذيب والاستجواب والذين حكم عليهم بالإعدام من قبل
الرئيس الإيراني القادم إبراهيم رئيسي، شجبوا مزاعمه بأنه "مدافع عن حقوق الإنسان".
وفي مقابلات مع صحيفة "التايمز" قال شهود إنه عندما كان مدعيا شابا في الثمانينيات، ترأس رئيسي عمليات الضرب والرجم بالحجارة والاغتصاب، وكذلك الأمر بالإعدام الجماعي للسجناء عن طريق شنقهم أو رميهم من الأجراف.
كان رئيس القضاء (60 عاما)، الذي سيصبح رئيسا بعد فوز ساحق الأسبوع الماضي، عضوا في "لجان الموت" سيئة السمعة المتهمة بقتل ما لا يقل عن 5000 سجين بأوامر من آية الله الخميني عام 1988.
وكان الضحايا في الأساس من السجناء السياسيين المحتجزين في سجني إيفين وغوهاردشت بالقرب من طهران الذين دعموا الجماعات المعارضة لنظام الخميني واتُهموا بالمشاركة في التمرد خلال الحرب العراقية الإيرانية.
يُزعم أن رئيسي وفق تقرير الصحيفة البريطانية، الذي ترجمته
"عربي21"، خلال حياته المهنية التي ترقى فيها من مدع عام شاب متشدد إلى أن أصبح أكبر قاضٍ إيراني، كان متواطئا في سلسلة من الانتهاكات التي أدت إلى دعوات لمحاكمته على جرائم ضد الإنسانية.
تم سجن فريده غودارزي لمدة ست سنوات في عام 1983 لدعمها منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية، وهي جماعة سياسية وعسكرية محظورة. اعتقلت عام 1983 وجلدت وهي في أشهر حملها الأخيرة، ثم أُجبرت على الولادة في السجن.
تتذكر غودارزي (59 عاما) أن رئيسي كان حاضرا عندما أسقط الحرس الثوري وليدها البالغ من العمر شهرا واحدا على الأرض أثناء أحد جلسات الاستجواب ثم جردوه من ملابسه للبحث عن أدلة تدينها.
وزعمت أن المدعي البالغ من العمر 23 عاما كان يشاهدها أثناء قيام الحراس بجلدها بكابلات الكهرباء في سجن همدان، غرب إيران. وقالت أمس: "اعتقلت في سن الـ21 قبل أسبوع من الموعد المقرر للولادة"، مضيفة أن زوجها وشقيقها اعتقلا أيضا وأعدما باعتبارهما من أنصار منظمة مجاهدي خلق اليسارية.
وقالت: "تم نقلي إلى محكمة ثورية ثم مباشرة إلى غرفة استجواب، حيث كان إبراهيم رئيسي حاضرا. على الرغم من حالتي، تم إجلاسي على سرير وجلدي على وجهي ويدي بالكابلات، بينما كان [رئيسي] يتفرج".
في أول مؤتمر صحفي له منذ أن أصبح رئيسا منتخبا، رد رئيسي علنا لأول مرة على مزاعم حول دوره في عمليات القتل عام 1988 التي أدت إلى وضعه على قائمة العقوبات الأمريكية في عام 2019.
وقال: "أنا فخور بكوني مدافعا عن حقوق الإنسان وأمن الناس وراحتهم كمدع عام أينما كنت.. كل الأعمال التي قمت بها خلال الفترة في منصبي كانت دائما في اتجاه الدفاع عن حقوق الإنسان... اليوم في المنصب الرئاسي، أشعر بأن واجبي هو الدفاع عن حقوق الإنسان".
ادعت غودارزي أن مبادئ المحاكم الثورية الإيرانية كانت تتطلب حضور المدعين مثل رئيسي، إلى جانب القضاة، عند إجراء الاستجوابات أو تنفيذ الأحكام.
قالت غودارزي، التي فرت من إيران قبل خمس سنوات وتعيش في ألبانيا: "لقد احتجزت في الحبس الانفرادي لمدة سبعة أشهر.. وخلالها أنجبت ابني. وقابلت رئيسي عدة مرات، حيث كان يتم استجوابي عدة مرات في اليوم، وسمعت صراخ آخرين وهم يتعرضون للتعذيب ليل نهار".
ذات ليلة، عندما كان ابن غودارزي يبلغ من العمر 38 يوما، قالت إن الحرس الثوري "اقتحم الجزء الخاص بنا من السجن وبدأوا بتفتيش الزنازين".
وأضافت: "دخل سبعة أو ثمانية من حراس الزنزانة، بينما وقف القاضي ورئيس النيابة على الباب. أخذ أحد الحراس طفلي من سريره وتركه يسقط من مسافة 50- 60 سم. استيقظ خائفا، يبكي ويبكي، وبدأ الحراس يجردون طفلي ويفتشونه. في اليوم التالي، أحضرت إلى المحكمة و[بقيت] قيد الاستجواب لمدة ست ساعات. طوال الوقت كان ابني يتضور جوعا، بينما كان 15 محققا يقفون حولي، أحدهم يحمل طفلي ويضربه أمام عيني".
وحُكم على غودارزي بالإعدام مرتين لكنها نجت بعد أن طلب رجل دين محلي الرأفة. ووصف شهود كيف تعرض ناشطون آخرون شباب ومراهقون ونساء، لعصب أعينهم وخضعوا لعمليات إعدام وهمية، حيث أطلق الحراس الرصاص من حولهم، بينما اغتُصب آخرون قبل شنقهم.
قالت غودارزي: "رئيسي شاهد بنفسه ووافق على كل هذه المشاهد.. كيف يمكنه أن يدعي أنه مدافع عن حقوق الإنسان وهو قد رأى وفعل مثل هذه الأشياء؟".
قال محمود رويعي، وهو سجين سياسي آخر استجوبه رئيسي خلال حملة التطهير عام 1988، إن الرئيس المنتخب أصدر حكما بالإعدام على نزيل بينما كان يعاني من نوبة صرع.
حكم رئيسي نفسه بالإعدام على رويعي عندما كان يبلغ من العمر 18 عاما، لكنه ادعى أنه تمكن من تجنب الإعدام بسبب سهو عندما لم يكن اسمه مدرجا في القائمة. وحكم عليه بالسجن عشر سنوات عام 1981 لدعمه منظمة مجاهدي خلق ومثل أمام لجنة الموت بعد أن قضى سبع سنوات. وقال إن رئيسي عُرف في الهيئة لحث السجناء على التوبة أو الإعدام. أولئك مثل رويعي الذين تجنبوا الإعدام بصعوبة يتذكرون أن رئيسي "دفع من أجل المزيد من عمليات الإعدام بلا رحمة".
وقال: "إبراهيم رئيسي كان أول من أمر برمي شاب من أعلى جبل كعقوبة، عندما كان المدعي في كرج.. واجهته لاحقا في لجنة الموت، ورفضت الاعتراف".
وأضاف: "ثم كنت أقف في طابور مع سجناء آخرين كانوا يمرون عبر البوابة عندما تمت مناداة أسمائهم. لكن اسمي لم يكن مدرجا في القائمة، وكان الحارس مرتبكا. فتمت إعادتي إلى زنزانتي. لاحقا فقط أدركت أنه تم إعدام من دخلوا البوابة جميعا. كان العديد منهم طلابا، بعضهم فقط 15 أو 16 عاما. كانوا أعز أصدقائي".
قال إن كاوه نصاري، صديق آخر وسجين آخر، تعرض للتعذيب على الرغم من إصابته بالصرع الشديد. "اقتيد إلى ممر الموت، حيث كان السجناء ينتظرون قبل الإعدام. كان يعاني من نوبة صرع هناك لكن رئيسي حكم عليه بالإعدام. لم يستطع المشي. ولكن في نفس اليوم، وعلى الرغم من قضاء عقوبته بالكامل، تم إعدام نصاري".
على الرغم من أن رئيسي تلقى التهاني من حلفاء إيران والجماعات المسلحة، إلا أن الحكومة الأمريكية قالت إن الإيرانيين حُرموا من إجراء انتخابات "حرة ونزيهة" بعد منع معظم المرشحين من الترشح ومشاركة أقل من نصف الناخبين في الاقتراع.
لم تعلق وزارة الخارجية البريطانية على فوز رئيسي. ودعت راحة بحريني، باحثة شؤون إيران في منظمة العفو الدولية، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التحقيق في هذه المزاعم.
وقالت: "إن لهجة التهنئة الذاتية لإبراهيم رئيسي وادعاءه الفاضح أنه يعتقد أنه يجب الإشادة به لسجله الفظيع يظهر للعالم إلى أي مدى يشعر أولئك الذين يشتبه في ارتكابهم جرائم دولية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في إيران بالحصانة من المساءلة.. لقد أبقت عائلات الضحايا والناجين ومجتمع حقوق الإنسان الإيراني شعلة العدالة مشتعلة بكل شجاعة، والآن ـ أكثر من أي وقت مضى ـ يتردد صدى مطالبهم بالحقيقة والعدالة على مستوى العالم".
بعد وقت قصير من انتهاء الحرب مع العراق في عام 1988، اجتمعت "لجان الموت" المكونة من ثلاثة رجال في كل محافظة إيرانية للقضاء على كل المعارضة السياسية. على مدى الأشهر الثلاثة التالية، قُتل آلاف السجناء السياسيين سرا، وألقيت جثثهم في الغالب في قبور لا تحمل أية شواهد.
تم استجواب السجناء، الذين أدين الكثيرون منهم دون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة بسبب نشاط سلمي أو بشأن آرائهم الدينية، أو إذا ما كان لديهم استعداد للمشي في حقول ألغام غير واضحة لإثبات ولائهم. إعطاء إجابة خاطئة يؤدي إلى الإعدام. العدد الدقيق غير معروف، لكن التقديرات تتراوح بين 5000 و30000 حالة وفاة.
وكان الرئيس المقبل لإيران، إبراهيم رئيسي، الذي كان نائب المدعي العام في طهران عام 1988، قد جلس في إحدى هذه اللجان. ومثل غيره، لم يُحاسب، بينما تواصل طهران التكتم على عمليات القتل في سرية، معترفة فقط أن عدد القتلى "ضئيل".
مر أكثر من ثلاثة عقود على رئيسي ولا يزال المرشح المفضل ليحل محل آية الله علي خامنئي، 82، كمرشد أعلى.
https://www.thetimes.co.uk/article/iran-president-ebrahim-raisi-opponents-tortured-0bljk6vp8