هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "الغارديان" إن ثقافة الإفلات من العقاب مستشرية داخل حزب المحافظين الحاكم حيث يتم تقديم الولاء
الأعمى على النزاهة والكفاءة، وذلك على خلفية استقالة وزير الصحة مات هانكوك بعد فضيحة
علاقته مع مساعدته.
وذكّرت الصحيفة، في افتتاحيتها، بنفاق الحكومة ورئيسها بوريس جونسون
الذي كتب قبل عامين التعاليم التي تحكم تصرف الوزراء: "يجب ألا يكون هناك تضارب
ظاهر في المصالح. ويجب الالتزام في كل الأوقات بالمبادئ الثمينة للعمل العام وهي النزاهة
والموضوعية والمحاسبة والشفافية والصدق والقيادة من أجل الصالح العام".
وقالت إن هانكوك هو آخر مسؤول يستقيل بعد تلاعبه وقلة احترامه للمبادئ
تلك. وتضيف أن العلاقات الخاصة لوزير الصحة هي شأن يتعلق به، ولكنه جعل من علاقته الغرامية
مع صديقة سابقة ومستشارة ومديرة في وزارة الصحة تحصل على راتب شأنا عاما.
وفي البداية اعترف بأنه قام بخرق القيود على كوفيد-19 المسؤول عن تطبيقها.
ولدى المواطنين الذين لم يستطيعوا عناق أحبابهم ولم يكونوا قادرين على حضور جنازاتهم
وقضوا أشهرا بدون فرصة لرؤية أطفالهم الذي ولدوا حديثا المبرر والشعور بالغضب على وزير
خرق القواعد ومضى في علاقة غرامية. في وقت قال فيه هانكوك إن على مسؤولين في مناصب
ليست عالية الاستقالة لو خرقوا التنظيمات المتعلقة بكوفيد.
ونفاق كهذا يقوض ثقة الرأي العام بتعامل الحكومة مع الصحة العامة وقت
الوباء. وكان هذان سببين واضحين لتقديم استقالته فورا.
وتكشف العلاقة عدم نزاهة هانكوك، فقد عين أولا جينا كولادانجيلو
كـ"مستشارة بدون أجر" وهو دور بتأثير ضخم ولكن بدون شفافية. كما أنها مناصب
لا تخضع للتعليمات التي تحكم عمل الوزراء، ولا سلطة للبرلمان عليها. ثم عينها بمنصب
مدفوع الأجر، كمديرة غير تنفيذية في وزارة الصحة. وكان هذا الدور يقضي بمتابعة طرق
اتخاذ القرارات، ولأن حزب المحافظين هو الذي استحدثه قبل عقد فقد بات مليئا بالأصدقاء
والداعمين والمتبرعين.
والسؤال الذي يحوم فوق رأس هانكوك: هل كان على علاقة غرامية مع كولادانجيلو
قبل تعيينها بمنصب غير مدفوع الأجر أولا ثم براتب؟ وهل كشف عن هذا لتجنب تضارب المصالح؟
وإن لم يفعل فلماذا؟
كما أنه كشف عن أن شقيق كلاندانجيلو يعمل مديرا لشركة حصلت على عدد من العقود
من وزارة الصحة.
وفشل هانكوك في الكشف عن ملكيته نسبة 15% في شركة تعتبر من الشركات
التي تقوم بإمداد قطاع الصحة الوطنية في ويلز وتديرها شقيقته. ووجد مكتب المحاسبة الوطني
أن العلاقات الشخصية في الوزارات تسهل بنسبة عشر مرات قنوات لشراء أجهزة الحماية الشخصية
الضرورية في مكافحة انتشار فيروس كورونا.
ويعتبر هانكوك مسؤولا عن وفاة الكثيرين في الوباء بسبب تأخيره الإغلاق
الأول، مع أنه تعلم من أخطائه للضغط باتجاه الإغلاق الثاني على خلاف جونسون ووزير الخزانة
ريتشي سوناك. كما أنه أشرف على السياسة الكارثية في بيوت الرعاية بداية الوباء.
وبسبب نقص أدوات الفحص والحماية الشخصية، فقد فقد آلاف من المقيمين فيها
حياتهم.
اقرأ أيضا: استقالة وزير الصحة البريطاني بعد فضيحة تقبيله مساعدته
وتعتقد الصحيفة أنه كان من غير المقبول الاستمرار في عمله بسبب عدم
كفاءته وتقويضه للرد الحكومي الطارئ وتجاوزه التعليمات وخرقه للتعاليم الوزارية. لكن
استقالته لن تحل مشكلة النزاهة في الحكومة. فرئيس الوزراء نفسه مزق قانون الشرف السياسي،
وكذب على الرأي العام عندما رأى أن هذا في مصلحته.
ومثل هانكوك رفض جونسون الاعتراف بمصالحه الشخصية وعلاقته مع سيدة الأعمال
جينفر أكوري التي حصلت شركتها على آلاف الجنيهات من بلدية لندن عندما كان عمدتها، وكذا
تعيينه أما لواحد من أولاده مستشارة. ويتحمل مسؤولية أكبر عن حصيلة الموتى في الوباء
أكثر من هانكوك. كما أنه سمح لوزراء آخرين كُشف عن تجاوزهم قانون العمل الوزاري مثل
وزيرة الداخلية بريتي باتل بالبقاء في مناصبهم.
وتقول الصحيفة إن فضيحة هانكوك تذهب أبعد من تصرف وزير الصحة، بل وتكشف
عن ثقافة عفنة للإفلات من العقاب، حيث يتم التأكيد على الولاء الأعمى بدلا من الكفاءة
والنزاهة والصدق. وهناك عدد كبير من العاملين في الحكومة ممن يعتبرون أنفسهم فوق القواعد
التي تطبق على الرأي العام. وينظرون إلى المنصب الحكومي كطريقة للمكاسب المالية، ولا
يحترمون المواطنين العاديين الذين يلتزمون بالقواعد.
ومع أن هانكوك لم يكن قادرا على الاستمرار في منصبه بسبب الفضيحة إلا
أن استقالته لن تغير الصفة الشخصية للحكومة طالما ظل جونسون رئيسا للوزراء.