هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حلّت اليوم الأحد، الذكرى الـ54 لضم القدس بشقّها الشرقي من قبل الاحتلال الإسرائيلي، في العام 1967.
ففي 27 حزيران/ يونيو 1967 وافق الكنيست على مشروع قرار "ضم القدس" إلى الكيان الإسرائيلي، الذي واصل تهويده للمدينة المقدسة منذ ذلك الحين.
وخالف الاحتلال الإسرائيلي القوانين الدولية في ما يتعلق بوضع مدينة القدس، إذ لم يحظ القرار بشرعية دولية، وعلى العكس تماما، فقد صدر عن الأمم المتحدة عدد من القرارات، تطالب إسرائيل بالتراجع عن إجراءاتها في القدس بشقها الشرقي المحتل عام 1967.
وبرغم ذلك، فقد واصل الاحتلال بسط سيطرته على القدس المحتلة، وفرض واقعا جديدا لسياسة التهجير، والتهويد.
وشجّعت الإدارة الأمريكية الماضية، برئاسة دونالد ترامب، الاحتلال الإسرائيلي في مشاريعها التي يصفها مراقبون بـ"الاستعمارية"، حيث اعترف ترامب في كانون الأول/ ديسمبر 2017، بمدينة القدس كاملة عاصمة لإسرائيل.
وتأتي هذه الذكرى في ظل مواصلة الحكومة الإسرائيلية مساعيها لضم المزيد من الأراضي الفلسطينية إلى سيادتها، حيث تعتزم ضم أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية المحتلة مطلع تموز/ يوليو المقبل.
وبموجب الأمر رقم 2064، تم إلحاق القدس الشرقية لإسرائيل سياسا وإداريا. وجاء هذا القرار بعد عدة اجتماعات عقدتها الحكومة الإسرائيلية، بدءا من 11 حزيران/ يونيو 1967، لبحث ضم القدس إليها.
وبعد القرار بأيام أي في 29 حزيران/ يونيو، أصدر الاحتلال الإسرائيلي قرارا بحل مجلس أمانة القدس العربي (المجلس البلدي للمدينة في فلسطين)، واستولت على جميع ممتلكاته وسجلاته، وألغت القوانين والأنظمة العربية واعتبرت أن الأنظمة الإسرائيلية هي السارية. ووفق مراجع تاريخية، فقد تمت آنذاك، عملية نقل مكاتب الوزارات والمؤسسات الرسمية الإسرائيلية إلى القدس.
ونص القرار الذي وافق عليه الكنيست على أن "القدس الموحّدة (الغربية والشرقية) عاصمة لإسرائيل"؛ قبل أن يقرّ الكنيست في آب/ أغسطس 1980 "قانون الأساس" والذي يعلن أن "القدس هي العاصمة الموحّدة لإسرائيل".
ونص القرار على أن "القدس هي مقر رئيس البلاد والكنيست والحكومة والمحكمة العليا الإسرائيلية".
ويقول مؤرّخون، أن التطبيق الفعلي لهذا القرار "بدأ مع وضع اللجنة الداخلية التابعة للكنيست الإسرائيلي، حجر الأساس الأول، في إقامة أول تواجد يهودي في الحرم القدسي".
وفتح هذا القرار الباب أمام قادة الأحزاب الإسرائيلية لطرح خططهم ومشاريعهم الاستيطانية في القدس، بهدف التوسّع الجغرافي والديموغرافي في المدينة.
تهجير المقدسيين
وعمد الاحتلال خلال احتلاله لمدينة القدس، وشطرها الشرقي، لإخلاء أحيائها من السكان الفلسطينيين.
وبعد انتهاء حرب حزيران 1967، وحتّى نهاية الشهر ذاته، تم تشريد نحو 4 آلاف عربي، من القدس، وفق مراجع تاريخية.
وبدأت إسرائيل آنذاك، بإنشاء سلسلة من المستوطنات والأحياء السكنية لليهود داخل مدينة القدس، لأسباب ديموغرافية وأمنية.
وبحسب المراجع التاريخية، فإن تلك الأسباب تتلخص في "الإخلال بالتوازن النسبي بين عدد اليهود والعرب في المدينة، ومنع التواصل الجغرافي بين عرب القدس، والعرب في المناطق المجاورة".
وحتى أيلول/ سبتمبر 1967، بلغ عدد الفلسطينيين الذين اضطروا للنزوح من مدينة القدس، نحو 23 ألفا.
وبلغ آنذاك عدد اليهود في القدس حوالي ربع مليون مستوطن، فيما وصل عددهم اليوم إلى نحو 600 ألف.
وضاعف الاحتلال خلال العام 2020، عدد المستوطنين والوحدات الاستيطانية في القدس، ويخطط لزيادة العدد إلى مليون و200 ألف مستوطن حتى العام 2030.
وحتى عام 1981، بلغ مجموع ما صادرته إسرائيل من أراضي الفلسطينيين في مدينة القدس، حوالي 33 ألفا و556 دونما (الدونم يعادل ألف متر)، أقيمت فيها نحو 22 ألف وحدة سكنية.
وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في مدينة القدس بشطريها الشرقي والغربي نحو 349 ألفا و600، حيث يشكّلون ما نسبته 38 بالمئة من سكان المدينة. وبموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994)، تحتفظ الأردن بحقها في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
تهجير حديث
يقوم الاحتلال الإسرائيلي بتهجير ممنهج للمقدسيين، وكان آخرها المحاولات القائمة لتهجير أهالي حي الشيخ جراح، وحي سلوان، وغيرها.
ومنذ سنوات يخوض أهالي الشيخ جراح وسلوان معارك قضائية لتثبيت حق وجودهم في أراضيهم، وسط محاولات الاحتلال لتهويدها عبر إحلال المستوطنين بدلا منهم.
ففي سلوان على سبيل المثال، قال الخبير في شؤون الاستيطان والباحث الميداني فخري أبو دياب إن استهداف سلوان يأتي لأنها الحامية الجنوبية والجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى والملاصقة له وللبلدة القديمة.
وأوضح أبو دياب في حديث سابق لـ"عربي21" أن الاحتلال يدعي أن سلوان كانت نواة البداية لدولة اليهود الأولى قبل 2500 عام؛ ويريد إثبات أحقيتهم بها بعد أن فشل في إيجاد أي دليل أو حضارة؛ ولذلك فإن الحفريات مستمرة أسفل أحيائها، ولكن الهدف الحقيقي لتهويد سلوان هو إبعاد السكان عن منازلهم وخاصة المحيطين بالمسجد الأقصى المبارك.
أبرز القرارات
-قرار (242):
صدر عن مجلس الأمن الدولي، في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، ونص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير خلال 1967 (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء المصرية)، والاعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، ومعترف بها، وحرة من التهديد وأعمال القوة.
-قرار (252):
صدر عن مجلس الأمن، في 21 أيار/ مايو 1968، والذي يرفض الاستيلاء على الأراضي بالاعتداء العسكري، ويعتبر جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل باطلة، مطالبا إياها بالامتناع عن أي عمل آخر يغيّر من وضع القدس. وأكد مجلس الأمن قراره، في قرار 267، الصادر في 3 يوليو 1969.
-قرار (289):
أصدره مجلس الأمن، في 25 كانون الثاني/ يناير 1971، وأكد فيه على عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة، واعتبر جميع الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس"غير قانونية"، داعيا إلى إلغاء الإجراءات والامتناع عن أي إجراءات مستقبلية في الجزء المحتل من القدس (الشطر الشرقي).
-قرار (2334):
صدر عن مجلس الأمن، في 23 كانون أول/ ديسمبر 2016، وحثّ على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، كما أنه طالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأكد على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967.
وفي ذات السياق، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، عدة قرارات تؤكد على أن القدس مدينة عربية وإسلامية، ومنها:
- تشرين أول/ أكتوبر 2016:
اتخذت اليونسكو قرارا يؤكد أنه"لا توجد علاقة بين اليهود والقدس والحرم الشريف، بل العلاقة تربط هذه الأماكن بالمسلمين فقط"، وأيد هذا القرار 26 من الدول الأعضاء واعترض 6 فقط.
- حزيران/ يونيو 2018:
اعتمدت لجنة التراث العالمي بـ"اليونسكو"، قرارين بالإجماع حول مدينتي القدس المحتلة، والخليل جنوب الضفة الغربية. ويطالب القرار المتعلق بالقدس سلطات الاحتلال بالكف عن الانتهاكات التي من شأنها تغيير الطابع المميز للمدينة، وعليه فإنه يبقي القرار القديم للقدس وأسوارها مدرجا على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وكذلك الأمر في ما يخص بلدة الخليل القديمة التي تبقى بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر أيضاً.
-تشرين أول/ أكتوبر 2019:
اتخذ قرار بالإجماع "يؤكد إسلامية وعربية مدينة القدس ويرفض الانتهاكات والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب في هذه الأماكن التاريخية، ويطالب إسرائيل بوقف انتهاكاتها وإجراءاتها أحادية الجانب وغير القانونية ضد المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، وفي البلدة القديمة للقدس وأسوارها".
اقرأ أيضا: انتهاء مهلة الاحتلال لتنفيذ مجزرة بحق منازل سلوان بالقدس
"حماس" تعلق
قالت حركة حماس في ذكرى "ضم القدس"، إن "المخطط الصهيوني لا يتوقف"، مضيفة أن التحدي لدى المواطن الفلسطيني لن يفتر.
وتابعت الحركة في البيان: "لقد كانت معركة سيف القدس المباركة خير ردٍ على ما يسمى قانون الضم، إذ إنها قلبت الطاولة فوق رأس الاحتلال يوم أن ظنّ أنه يملك التحكم وترسيم الوقائع في القدس، وأن يعتدي على أهلنا في القدس بالقمع والتشريد دون أن يحرك الشعب الفلسطيني ساكناً، فجاءه الرد مدويا من غزة وسائر فلسطين".
وأضافت: "تمر ذكرى هذا القرار المشؤوم وحرب المحتل الضروس على القدس تضرب أطنابها، ومحاولات التهويد والتقسيم للمسجد الأقصى تغرس أنيابها عميقا في جسد القدس. إذ راح متدرعاً ومتذرعاً بقرار إدارة ترمب البائدة باعتبار القدس عاصمة للاحتلال، ينفذ الاعتداءات ويحاول أن يُرسّم (سيادة) موهومة له على القدس بفرض إجراءات على المسجد الأقصى وتغيير معالم في البلدة القديمة، وتشديد الخناق على المقدسيين وملاحقتهم وتهجيرهم عن القدس".