هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الضوء على تداعيات اعتذار رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، عن تشكيل الحكومة، وتأثيرها على الأوضاع المختلفة في لبنان.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته
"عربي21"، إن "اللبنانيين فقدوا الأمل في بلد أصبح دولة فاشلة"،
مضيفة أن "الحريري قدم حكومته إلى الرئيس ميشال عون 18 مرة، لكن دون جدوى، وحاول
إقناع عون بمزايا حكومة غير حزبية مؤلفة من 24 وزيرا، مقسمة بالتساوي بين السنة والشيعة
والمسيحيين".
وتابعت: "عون الذي عقد
العزم على توريث منصب الرئاسة لصهره ووزير الخارجية السابق جبران باسيل، رفض التنازل
في مسألة تشكيل الحكومة، وطالب أكثر من ثماني وزرات للمسيحيين، للحصول على حق النقض
(الفيتو) على جميع القرارات الحكومية".
وأشارت المجلة إلى الارتدادات
السريعة لقرار الحريري، التي ألقت بظلالها على أسعار العملة المحلية، منوهة إلى أنه
خلال الأشهر القليلة الماضية أصبح تراجع لبنان أكثر وضوحا، من خلال زيادة طوابير الوقود،
وانتشار القمامة في جميع أنحاء الأرصفة.
مستويات اليأس
وذكرت أن "مستويات اليأس
مرتفعة للغاية، لدرجة أن اللبنانيين من الطبقة الوسطى الناطقين بالإنجليزية، والذين
يحلمون بأن يصبحوا مهندسين ومديرين، يضطرون إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية مقابل أجر زهيد"،
مؤكدة أن الحرب الأهلية عمرها جيل واحد فقط، وما زالت تطارد الوعي اللبناني.
واستدركت: "الاضطرابات
المدنية والخوف اللبناني باتت وشيكة، وانخفضت قيمة العملة بأكثر من 150 بالمئة، وارتفعت
أسعار السلع الأساسية بشكل هائل، وانخفض الدعم على الخبز والوقود"، مشددة على
أن هذه المعاناة لا تؤثر على الطبقة السياسية اللبنانية، التي تخدم مصالحها الذاتية،
وتنشغل في الخلاف على الوزارات، وتخطط لكيفية السيطرة على الحكومة من الخارج.
اقرأ أيضا: الليرة اللبنانية تهبط لمستوى تاريخي جديد بعد اعتذار الحريري
ونقلت المجلة عن أحد المرشحين
الذين اقترحهم الحريري، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن لبنان يتجه نحو "أوقات
عصيبة"، مضيفا أن "الوضع الاقتصادي سيزداد سوءا، ولسنا متفائلين بأن حكومة
انتقالية أو حكومة يهيمن عليها عون ستكون قادرة على التفاوض مع المجتمع الدولي وصندوق
النقد الدولي".
ولفتت إلى أنه "وفق الدستور
اللبناني، يجب على الرئيس الآن دعوة أعضاء مجلس النواب، للتشاور واختيار رئيس وزراء
آخر، لكن من غير المرجح أن يدعم الحريري أحدا".
بدوره، أوضح الجنرال المتقاعد
إلياس فرحات، أنه بحال مقاطعة الحريري لعملية اختيار رئيس وزراء جديد، فلن يجرؤ أحد
على القيام بهذه المهمة، معتقدا أنه "حتى حزب الله قد يجد صعوبة في البحث عن مرشح
سني آخر ودود مثل الحريري"، وفق تعبيره.
وأردف قائلا: "لطالما دعم
حزب الله الحريري كممثل للسنة لمنصب رئيس الوزراء، وذلك في المقام الأول، لأنه ترك
الجماعة تقول كلمتها، ولم يسبب الكثير من المتاعب"، مرجحا أن يستمر حسان دياب
كرئيس وزراء تصريف أعمال، لكن دون أي شيء، ودون صلاحيات حقيقية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية.
الانتخابات المقبلة
وتابع: "سيتعين على اللبنانيين
بذل مجهود كبير، وانتظار الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها العام المقبل، لكن مع تدهور
الاقتصاد، قد يسوء الكثير قبل الانتخابات"، مشيرا إلى أن "المجاعة والفوضى
تطرقان أبواب لبنان، بسبب الظروف الاقتصادية والخصومات الطائفية".
واتفق مع فرحات المحلل اللبناني
سامي نادر، قائلا: "جميع مكونات الاضطرابات المدنية موجودة (..)، ولست متأكدا
من تشكيل حكومة قريبا"، مبينا أن "الأزمة مفتوحة مع وضع اقتصادي خطير للغاية،
وقد نواجه انهيارا اجتماعيا وشيكا".
وأوضح نادر أن "جميع مقومات
الاضطرابات الاجتماعية متوفرة، من فقر مدقع وجوع يلوح بالأفق وغضب سني (..)".
ونوهت المجلة إلى أن الحريري
ألقى باللوم على حزب الله، لعدم ممارسة أي نفوذ على حليفه عون، لتشكيل حكومة غير حزبية،
مشيرة إلى أن حزب الله لو أراد تشكيل الحكومة، لكان بإمكانه إعادة عون، لكنه لم يفعل؛ لأنه لم يحصل على الثمن الذي أراده لتدخله.
واستكملت رأيها بالقول:
"إيران راعية حزب الله تعتبر لبنان ورقة مساومة على طاولة المفاوضات في فيينا،
وتتعامل مع القوى الغربية وبشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي"،
موضحة أنه "لو طلبت من حزب الله تشكيل حكومة فسيفعل ذلك سريعا، لكنها لم تحصل
على أي شيء في المقابل من الولايات المتحدة".
ورجحت المجلة أن تقود هذه التطورات
إلى إجبار الغرب على فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين بشكل جماعي، لافتة إلى أنه
لطالما طالب المجتمع الدولي ليس بحظر سفر السياسيين فقط، وإنما بتجميد أصولهم في الخارج،
ولقد توصل الاتحاد الأوروبي أخيرا إلى هذه الفكرة، وقد يعلن عن العقوبات في نهاية الشهر
الجاري.